ليث الشبيلات كان أحوذيا نسيج وَحْده !!


ذهب ليث مباشرةً إلى الجماهير، مُتخطِياً الأطرَ والحلقات الفنية الأردنية: التنظيمات والمنظمات والأحزابَ، فرفضها وأدانها بقسوة وباستمرار، لكن ليثاً لم يطرح البديل، فلم يبنِ حزباً، ولم يشارك في حزب قائم.

كانت الأطرُ تضيق عليه !!
كان ليث ظاهرةً، غير مسبوقة ولا أظنها ملحوقة.
والنتيجة على عكس الظن السائد، فليث لحِق الجمهورَ ولم يَقُده !!
ولذلك حق لنا أن نسأل عن مآل ظاهرته بعد رحيله يرحمه الله.
ما جرى في عزاء ليث يستحق ان نتأمله ونتدبره.
فقد عزّى الملكُ عبدالله الثاني به، رغم ما نعلم من بوستات وتصريحات ومقابلات تلفزيونية وخطابات وندوات "لم يُقصّر" ليثٌ في أغلبها، في الملك وأسرته، فانتدب الملكُ رئيسَ ديوانه إلى التعزية به على القبر، مسجلاً بذلك ما هو مأمول ومُنتظر من الملك الهاشمي، من تجاوزٍ وتسامحٍ وترفّع عن ردود الأفعال.
لم اتوقع إلا "الطّيب" المعهود من ملكنا سليل الحسين، الذي طبّقت مأثرتُه الآفاق، حين لم يكتفِ بإخراج ليث من السجن، بل حمله بسيارته إلى منزل والدته.
و لم يسمح الملكُ عبدالله بالتعرض إلى ليث، رغم ما نعرف من تصريحات قاسية عنيفة،
فلم يسجن عبدُ الله المعارضَ الذي أطلق والدُه سراحَه.
وما كان من ملكنا، كان من القيادات السياسية الأردنية كافة، التي مسّها ليثُ مسّاً قاسياً في أكثر من مناسبة.
فقد حضر بعضهم مواراته الثرى. ورأينا بعضَهم الآخر في مكان تقبّل العزاء، في مدينة الحسين للشباب -لاحظوا دلالةَ اختيار المكان- !!
هذا هو الأردن، الذي يمتاز شعبُه وملكُه، موالاته ومعارضته، بالرشد والرحابة والحكمة. أوَ لم تقل العربُ "الناسُ على دين ملوكهم" ؟!
ومعلوم للكافة أن الملك أمر مدير الأمن العام ذات يوم، بأن يضع حراسة لحمايتة، لا لمراقبته !
ذات مقابلة تلفزيونية، سأله المذيعُ بعد أن سمع منه ما فخت به ليثٌ السقوف:
هل أنت راجعٌ إلى عمّان ؟
ردّ قائلاً: بالطبع، نعم.
قال له المذيعُ جملةً مُثقلةً بالدلالات: يا هنيالكم في الأردن.
كان المذيعُ يعلم أن الأردن "غير".
صحيح أن في الأردن معتقلات واعتقالات، لكن ليس فيها مسالخ سياسية ولا مقابر جماعية للمعارضين.
في الأردن نتشارك الفرحَ والترحَ، السّراءَ والضرّاء، فتعزي المعارضةُ الموالاةَ، وتعزي الموالاةُ المعارضَة، يعزي البعثيون التحريريين، ويعزي الإخوانُ المسلمون الشيوعيين، يعزي المحافظون التقدميين، ويعزي السجانُ السجينَ ويعزي السجينُ السجّان.
لا خصومه في الموت، ومع الأموات !!
وأنا على يقين لو أن ليثاً، بدّلَ وخفّف وغيّر، لتبوأ موقعاً تنفيذياً كبيراً، مِن وزن رئاسة الوزراء، ولكسِبنا من موالاته، أكثرَ بكثير مما كسبنا من معارضته، إذ يمكن للمرء أن يحقق مكانةً ومجداً وهو في السلطة والموالاة، كما حقق الشهيدُ وصفي التل، الذي قدم فيه ليث الشبيلات شهادةَ إعجابٍ وإنصاف، سأقوم بإعادة نشرها لاحقاً.
ظاهرةُ المهندس ليث الشبيلات الفريدة، وإرثُه يستحقان الدراسة والتحليل.
يرحم الله أبا فرحان ويحسن إليه، فقد كان أحوذيا ونسيج وحْده.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات