​ لا خبز ولا دواء والنقابات غاضبة .. إضرابات تونس تستبق الانتخابات


جراسا -

قبل أيّام من موعد الانتخابات التشريعية المبكّرة، تقبل تونس على حركة احتجاجية قد تتطوّر بحسب كثير من المراقبين، ما ينذر ببداية شتاء ساخنة.
والاثنين دخل الصيادلة الموزّعون للأدوية في إضراب مفتوح "بسبب عدم الاستجابة لمطلب الحصول على شهادة الخصم من المورد على مبيعاتهم من الأدوية بعنوان سنة 2022"، وفق بيان نشره اتحاد رجال الأعمال.

وأوضح البيان أنّ "التوقف عن النشاط سيتواصل إلى حين إيجاد حلول فعلية لإنقاذ القطاع، وضمان توزيع الأدوية في البلاد، والحفاظ على حقّ المريض في الدواء".

وقال أمين مال نقابة المؤسّسات الصيدلانية الموزعة للأدوية أحمد كراي لـ"النهار العربي" إن الإضراب يأتي "بسبب تواصل ارتفاع أعباء هذه المؤسسات، ومرورها بأزمة مالية خانقة".

ويحذّر أصحاب الصيدليات من انعكاسات هذا الإضراب على صحّة التونسيين، وتوقّع رئيس غرفة الصيادلة نوفل عميرة، في تصريح إلى إذاعة محليّة، أن تحدث مشكلات على مستوى تزويد الصيدليات بالأدوية، رغم أنه أوضح أنّ اتفاقاً أبرم مع نقابة الموزعين من أجل توفير الأدوية للحالات المستعجلة، بخاصّة أدوية القلب والأمراض المزمنة، مضيفاً أنّ الصيدليات تتزوّد يومياً من هذه المؤسّسات، وأنّ مخزون الأدوية في أغلبه لا يتعدّى اليومين.

وشهدت بعض الصيدليات ضغطاً خلال الأيّام الأخيرة بسبب الإعلان عن هذا الإضراب، وقالت هاجر، وهي موظّفة في صيدلية وسط العاصمة لـ"النهار العربي"، إن الطلب زاد في الفترة الأخيرة على شراء الأدوية التي تباع من دون الحاجة لوصفة طبيّة مثل مخفّضات الحرارة، موضحة أن الكثير من الزبائن تحدّثوا عن خشيتهم من فقدانها مستقبلاً بسبب الإضراب.

إضراب المخابز
وينتظر أن تدخل المخابز أيضاً يوم الأربعاء 7 كانون الأول (ديسمبر) أيضاً في إضراب مفتوح، وبحسب رئيس نقابة الأفران محمد بوعنان فإن هذا الإضراب يأتي على خلفيّة عدم وفاء الدولة بتعهدّاتها، وعدم تمكين أصحاب المخابز من مستحقاتهم المالية التي بلغت 260 مليون دينار (86 مليون دولار).

وأوضح أن بعض الأفران أغلقت أبوابها بعدما عجز أصحابها عن توفير مادة الطحين، لافتاً إلى أن الإضراب سيتواصل إلى حين "الاستجابة لمطالب المهنيين".
وهذه ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها أصحاب المخابز في إضراب، فقد سبق لهم أن نفّذوا إضرابات مشابهة للأسباب ذاتها.

ولطالما اكتسى الخبز المادة الأساسية في غذاء التوانسة دلالة رمزيّة في المشهد السياسي في البلاد، حتّى أن بعض الثورات رفعته شعاراً.

وفي السياق أيضاً، ينتظر أن ينفّذ قطاع النقل إضراباً عاماً جواً وبراً وبحراً يوم 29 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وفق ما أعلنه كاتب عام نقابة النقل العمومي وجيه الزيدي "بسبب وضع النقل العمومي" الذي وصفه بـ"الكارثي".



واستأثرت هذه الإضرابات باهتمام المواطن التونسي، فبدا غير مهتم بالحملات الانتخابية التي يقوم بها المرشحون في مختلف مناطق البلاد.

وأمام فرن في "الباساج" وسط العاصمة تونس، قال مواطن أنهى شراء كمية كبيرة من الخبز لـ"النهار العربي"، إنه اشترى كمية أكبر من حاجته تحسّباً لفقدان هذه المادّة خلال الأيّام المقبلة بسبب إضراب المخابز.

توظيف سياسي
وتأتي هذه الإضرابات في قلب الحملة الانتخابية التي لم يتبق من عمرها إلا بضعة أيّام، ولا يستبعد مراقبون تأثّرها بها.

ويقول المحلل السياسي هشام الحاجي إنّ هناك مفارقة واضحة بين ارتفاع درجة الحرارة في الحقل الاجتماعي وحالة الفتور السياسي، معتبراً في حديث إلى "النهار العربي" أنّ الانتخابات تحوّلت إلى "لا حدث" في "ظلّ ارتفاع وتيرة الحركات المطلبيّة، خصوصاً مع حالة اللامبالاة الرسميّة التي تتعاطى بها السلطة معها"، لافتاً إلى أن هناك قطيعة بين الرأي العام في تونس والطبقة السياسية.

ويشدّد على أنه لا بدّ من أخذ هذه التحركات بالاعتبار، لأنها وفق تعبيره "تؤشّر إلى تحوّلات هامّة في الفترة المقبلة تنذر بشتاء ساخن لن تضع له الانتخابات التشريعية حداً".

في المقابل، تسعى المعارضة إلى استغلال هذه التحرّكات الاجتماعية والاستفادة منها لحشد الشارع في معركتها ضدّ سعيّد، من خلال التركيز على أنه "فضّل مشروعه السياسي على مشاغل التونسيين الحقيقيّة".

ودعت مجموعة من الأحزاب السياسية والشخصيات المعارضة إلى التظاهر يوم 10 كانون الأول (ديسمبر) ضد الانتخابات.

وقال منسق "جبهة الخلاص" (مجموعة أحزاب وشخصيات معارضة) نجيب الشابي، السبت في تجمع شعبي، إنّ الرئيس سعيّد "يسعى إلى تنصيب مجلس نيابي لا يملك سلطات ولا شرعيّة، في الوقت الذي يواجه المواطنون ندرة في المواد الأساسيّة ونقصاً في الأدوية وارتفاعاً في الأسعار".

ويرى الحاجي أنّ المعارضة تحاول أن تستفيد من توتّر المناخ الاجتماعي، خصوصاً مع توّسع الفضاء الاحتجاجي بدخول الاتّحاد العام التونسي للشغل على الخطّ.

والسبت صعّد الاتّحاد صاحب التأثير القويّ لهجته تجاه السلطة، محذّراً من معركة اجتماعيّة بسبب ما وصفه أمينه العام نور الدين الطبوبي بـ"الاتفاقات السريّة مع صندوق النقد الدولي"، معلناً رفضه حزمة الإصلاحات الاقتصاديّة التي تعتزم الحكومة تنفيذها، وفي صدارتها رفع الدعم عن المواد الأساسيّة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات