يومًا ما سأتجاوزك


بعد انفصالنا، سار كُل منّا وحيدًا في غاب الذكريات. مرّت السنوات، والندوب اختفت، إلا أن وخزها لم يغادرني مطلقًا. استمرّ صراعي لأتجاوزك ثلاثة أعوام، ثلاثة أعوام لاستعادة نفسي مجدّدًا. رضخت، جثوت، دفنت نفسي في الوسادة وبكيت لأيام. جعت، عطشت، جلدتُ ذاتي، عاقبتُها، عذّبتُها.

توقفت عن الكتابة، أكلتُ أظافري، عضضتُ أصابعي، جلدتُ قلبي، اختلقتُ المهام من فراغ، أدميت يديّ بالتنظيف قسرًا، دفنتُ نفسي بين الكتب التي كادت تُفقدني نفسي أكثر منك.
حاولت تجاوزك، غيّرت حياتي، غيّرت شكلي، قصصتُ شعري - أغلى ما أملك -، شربت القهوة بنهمٍ، نمت مئة ساعة، سهرتُ أكثر، تناولت كلّ ما تكره من طعام انتقامًا، فعلت كلّ ما يزعجك، أرتديت الطويل، القصير، الفضاض والواسع انتقامًا، صادقت الفتيان والفتيات انتقامًا، ارتكبت هفوات ونزوات... كُلّها إنتقامًا. فعلت ما لم أتوقع أن أفعلهُ يومًا، أصبحتُ امرأة ثرثارة فارغة أنتقد هذا وذاك، أحاول الانخراط في الناس، أكوّن صداقات، أغمس نفسي في داخل مجتمعاتهم، ثمّ أعود ليلاً لصمتي ووحدتي، أُقنعُ نفسي بضرورة التجاوز، بضرورة الفرار بما تبقّى من شعور. أتلوّى، أبكي، أنتحب، أحتضر.
عدت إلى الكتابة. كتبت عنك وعني عن خياناتك وكذبك، عن إنك استبدلتني وأضرمت في قلبي نيرانًا لا تنطفئ. أكتب وأجرُّ نجاحي بما أكتب كذيل مقطوع. أكتب ولا أنفكّ عن الكتابة. أكتب وأعرف أنك لا تبالي بما أكتب.
كتبت اسمك مرات ومرات على قصاصات الورق، في الكتب، على الجدران وعلى الجهة الداخليّة لمعصمي.
أعلم بأنك هُنا وتقرأ. أنا التي راهنت عليك، آمنتُ بقصتنا. كتبتُ عنك وعني وعن كُلّ ما قدّمتهُ من تضحيات. تنازلت، رميتُ شبابي، عمري، ولوعتي. قامرت بنفسي، خسرت وما فزتُ بشيء.
تصوّر الحال الذي أوصلتَني إليه، تصوّر!
بتّ أكره نفسي، وأكرهك، وأكره ما وصلت إليه من حال، وأكره أنّي فعلت وأفعل الكثير لتجاوزك، ولا أتجاوزك ولا أتجاوزك...
ايلينا أبي سعد - ثانوية أهمج الرسميّة
الكلمات الدالة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات