الصفدي ورئاسة مجلس النواب : الإتزان السياسي يكسب الرهان!


جراسا -

كتب المحرر السياسي - بات النائب الأول لرئيس مجلس النواب أحمد الصفدي على بعد خطوة من تسلم رئاسة مجلس النواب، خلفاً لرئيسه الحالي عبدالكريم الدغمي، بعد أن قطع شوطاً طويلاً في العمل البرلماني، أكسبه زخماً سياسياً، وخبرات متراكمة، مهدت الطريق أمامه لتبوء رئاسة مجلس السلطة التشريعية التي تقف على عتبات استحقاقات سياسية في غاية الأهمية، تتطلب العمل الجماعي المتناغم، البعيد عن الفردية العقيمة، مع دخول العمل الحزبي الى ساحة البرلمان بقوة، وفق رؤى ملكية سامية، دفعت باتجاه تأطير العمل السياسي، لتمهيد طريق مرحلة إصلاحات سياسية ترافقت مع دخول الدولة الأردنية مئويتها الثانية.

النائب الصفدي، لاعب سياسي أساسي متمرس في البرلمان الاردني، فقد عاصر خمسة مجالس نيابية متتالية، خاض ترشحه لها بضراوة في أقوى الدوائر الانتخابية على مستوى المملكة، وهي الدائرة الانتخابية الثالثة في العاصمة عمان، المتعارف عليها بـ "دائرة الحيتان"، نظراً لقوة مرشحيها تاريخياً، فحظي بشعبية كبيرة لافتة، إضافة الى أنه حظي بمكانة برلمانية مرموقة واستثنائية، لاتزانه العميق، وحنكته في قياس المسافات السياسية، وتقريب ما يتفق فيها مع أجندة الوطن وشعبه، بعيداً عن الاجندات الشخصية الضيقة.

النائب الصفدي الذي دخل إلى البرلمان بعد نشأة حصيفة داخل المؤسسة العسكرية التي ترعرع فيها بين رفاق السلاح، وتخرج من مدرسة الضبط والربط والسلوك المتزن، تمكن من تكوبن صورة شخصية برلمانية في الوجدان الشعبي، أبسط ما يمكن وصفها بأنها شخصية تحترم، طيلة خمسة عشر عاماً من العمل البرلماني الدؤوب، مبتعداً كل البعد عن التجاذبات السلبية العقيمة، وإغراءات الإعلام التي لم يلتفت إليها، والاستعراضات الفارغة التي لم تكن ضمن قائمة اهتماماته، فحافظ على صورته الشخصية والشعبية والسياسية المتزنة، وجسد رقماً صعباً، لبرلماني محنك مخضرم، قد تختلف معه.. لكنك لا تختلف عليه!

الأبعد من ذلك، فان وصول الصفدي المتوقع لرئاسة المجلس النيابي، يدشن مرحلة سياسية حزبية برلمانية جديدة، فهو من القيادات المؤسسة لحزب الميثاق الذي استطاع خلال فترة زمنية وجيزة، تشكيل جبهة حزبية وشعبية عريضة ضمت في كنفها عشرات البرلمانيين من نواب وأعيان، ووزراء ونواب سابقين، وشخصيات سياسية وأكاديمية وشعبية وعشائرية، مثلما تمكنت من استقطاب قواعد شعبية ضخمة، عقب سلسلة طويلة من اللقاءات والحوارات في مختلف محافظات المملكة، بين قيادات الحزب والمواطنين، فألقت شجرة العمل الحزبي أولى ثمارها، تحت قبة البرلمان، بالوصول إلى رئاسته، وهو منعطف سياسي يبشر ببواكير تحولات الاصلاحات السياسية في الدولة الاردنية، كشجرة طيبة ستؤتي أكلها الطيب يوماً بعد يوم.

يمكن الجزم، أن وصول الصفدي إلى رئاسة مجلس الشعب، سيعطي العمل البرلماني دفعة قوية نحو الأمام، وسيفتح افاقاً هامة في ترسيخ العمل الحزبي المؤطر في أروقة السلطة التشريعية، ورفع منسوب الأداء والتناغم وتمهيد الطريق نحو تدشين خارطة الإصلاح السياسي المنشودة، بمحاورها الثلاث : قانوني الانتخاب والاحزاب والتعديلات الدستورية، التي ستحدث بدورها نقلة نوعية كبيرة في الحياة السياسية الاردنية، يراهن عليها الجميع، وستدخل المشاركة الشعبية في صنع القرار من أبوابها السليمة، بعد أن ضاقت أبواب العمل السياسي الفردي، وباتت تتطلب ولوج مرحلة العمل الجماعي الوطني المؤطر، المبني على برامج وأهداف وطنية واضحة ومدروسة ومحددة، قابلة للتنفيذ، وقابلة للارتقاء الى طموح الاردنيين، وقيادتهم الهاشمية، في الانتقال بالدولة الأردنية إلى المرحلة التالية.. مرحلة تتطلب تضافر جهود الجميع، وتحمل مسؤولياتهم الوطنية في مواصلة بناء الدولة الاردنية العتيدة، ورفعة شأن مواطنيها الذين لا يستحقون سوى الحياة الأفضل.



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات