هل تشتعل الحرب الباردة بين روسيا وفرنسا على القارة السمراء؟


جراسا -

بشكل ملحوظ تصاعد النفوذ الروسي في غرب إفريقيا عبر محطات عدة على حساب النفوذ التاريخي لفرنسا في دول هذه المنطقة

فمثلا، عقب الانقلاب الأخير في بوركينا فاسو ظهر شبان موالون للانقلاب وزعيمه إبراهيم تراوري وهم يلوحون بالأعلام الروسية.

و سرعان ماخرج مؤسس شركة فاجنر رجل الاعمال المقرب من بوتين يفغيني بريغوزين ليهنئ زعيم الانقلاب .

ووصف تراوري بأنه “الابن الحقيقي والشجاع لوطنه”.

بل قال مستشار الكرملين السابق سيرغي ماركوف بمفردات أكثر صراحة “دولة أفريقية أخرى تنهي التعاون مع فرنسا وتتحالف مع روسيا”

أما زعيم الانقلاب في بوركينا فاسو، فقال بعد توليه السلطة نريد العمل مع شركاء دوليين جدد لصد الجماعات المتشددة، ويرى كثيرون هنا أنه كان يقصد الروس على حساب الفرنسيين.

لكن الغريب أن تراوري قال كذلك، منفتحون على العمل مع الولايات المتحدة أو أي دولة مستعدة للمساعدة بهدف القضاء على المسلحين المتشددين وتعزيز الأمن في البلاد.

و هو تصريح فهم على أنه محاولة لتفادي سيناريو مالي، التي كان منفذو الانقلاب فيها معادين للأوروبيين والأمريكيين منذ تولي السلطة عام 2020.

و هو ما جعل مالي واقعة كليا تحت الهيمنة الروسية و بعيدة عن أي حلفاء غربيين بحسب مراقبين .

و يبدو أن النيجر الغنية باليورانيوم هي الهدف التالي لموسكو .. و ربما لن تكون الهدف الأخير في غرب إفريقيا، فماذا تستفيد هذه الدول من التحالف الآن مع روسيا؟.

أهداف روسية

من فلونتين بلو بفرنسا قال كريستيان لوكسين أستاذ العلوم السياسية، إن هناك علاقات وطيدة تربط موسكو بإفريقيا وتسعى موسكو لإيجاد موطيء قدم للعب دور في إفريقيا عبر العديد من الاتفاقيات السياسية والعسكرية كما نرى جميعا.

وأضاف لوكسين، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن روسيا لعبت دورا كبيرا في مالي على سبيل المثال عقب الانقلاب عام 2020.

وأشار إلى أن روسيا تسعى لوضع موطيء قدم لها في إفريقيا عن طريق إدراج نفسها كوسيط أمني وكي تكون المدافع عن إفريقيا أمام الجميع خاصة أن هذا الهدف يبدو أن الدول الغربية فشلت في تحقيقه.


النفوذ الفرنسي

من نواكشوط قال محمد عبدالله أسلم الخبير الاستراتيجي إن فرنسا قطعا ليست غريبة عن المنطقة ولها تاريخ طويل من الاستعمار والعلاقات المتبادلة مع الحكومات.

وأضاف أسلم، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن، فرنسا تعمل على عدة أصعدة وهي الجانب الأمني والجانب السياسي والجانب الاقتصادي الذي يهمها بالدرجة الأساسية في إفريقيا.

وشدد على أن هناك تنامي كبير جدا لرفض فرنسا التي تشترط على الحكومات أن تكون ديمقراطية وتشترط عليها أن تكون مراعية لحقوق الإنسان وفي ذات الوقت أيضا لا تنظر لهذه الحكومات ولا تدعمها إلا بقدر ما توفر الخدمات لفرنسا وسياستها والغرب بصفة عامة،

وأشار إلى أن الشروط الفرنسية خلقت تململا داخل القواعد الجماهيرية في الدول الإفريقية ولبعض القيادات ونتج عن ذلك الانقلابات الجديدة والتي يقوم بها أصحاب الرتب الصغيرة من الشباب المتمرد على السياسة الفرنسية

وأضاف أن موسكو لا تقدم الكثير لكنها تستعيد قدما خسرتها باعتبارها الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي .


السلاح وإفريقيا

على مدار عقود مضت، سعت الحكومات في غرب إفريقيا إلى اقتناء المزيد من السلاح، بسبب الخوف الدائم من الثورات والانقلابات و الجيران، لكن هذا الخوف تضاعف في السنوات الأخيرة بسبب تصاعد الوجود لمجموعات إرهابية عديدة. ما جعل هذه المنطقة واحدة من أهم الأسواق التي يتنافسُ عليها الموردون، لكن أين هذا السلاح من مواجهة الإرهاب؟ وما أثره على توازن التحالفات في المنطقة وخارجها؟ ومن المستفيد أو ربما المستفيدون من تصدير الخوف للقارة السمراء؟.

تحدي الإرهاب

من الرباط قال عبدالفتاح الفاتحي مدير مركز الصحراء و أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، إن هناك عدة تحديات تواجه المنطقة مثل الإرهاب والمتغيرات المناخية مما يتطلب متطلبات معينة لضبط الأمور أمنيا وعسكريا.

وأضاف الفاتحي، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن المنطقة مشبعة بهاجس الخوف خاصة القضايا الأمنية والعسكرية ولذلك هي تحاول أن تتحصن بتقوية مقدوراتها من السلاح أو البحث عن تعاون عسكري كما هو الحال مثلا مع دول الخمس الإفريقية في منطقة الساحل والصحراء مع فرنسا على أساس مكافحة الإرهاب أو على الأقل تثبيت الأمن والاستقرار لإمكانية تنفيذ سياسات عمومية لمواجهة بقية التحديات الطبيعية .

من باماكو قال محمد ويس المهري – الكاتب والباحث في الشئون الإفريقية إن الأسلحة التي تصل لغرب إفريقيا تأتي عن طريق تعاملات كثيرة من الدول من بينها روسيا وتركيا.

وأضاف المهري، خلال تصريحات له مع برنامج مدار الغد، أن هناك لاعب جديد في تصدير السلاح وهو إيران وذلك بعد نجاح بعض التجارب لهذه الأسلحة مثل المسيرات الإيرانية.

وأوضح أن أغلبية التعاملات في الحصول على أسلحة تأتي عن طريق اتفاقيات دفاعية بين دول غرب إفريقيا والدول الأخرى.

أما عن الأسلحة غير الشرعية فأضاف الباحث أن هناك طرق كثيرة للتهريب وخاصة من بعض دول شمال إفريقيا مثل ليبيا خاصة في ظل انهيار الدولة الليبية فأصبحت ممرا للحصول أغلب الدول الإفريقية على الأسلحة بشكل غير شرعي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات