كرة القدم .. قضيتنا والوطن أكبر


لا ريب أنّ الأمة العربيّة قبل الإسلام كان فيها من المنكرات والقبائح الشيء الكثير ؛ مع ما كانوا عليه من الشجاعة والإقدام ، والكرم والجود ، والوفاء بالعهود ، والدفاع عن الأعراض ، وغير ذلك من الأخلاق المحمودة .

ومن ذلك أنّ العرب كانوا قبل الإسلام أناساً ذوي قلوبٍ قاسية ؛ وطباعٍ خشنة ، والجهل فيهم قد بلغ حدّ أن يكون ديناً يتبع ، واستشرت بهم العادات المذمومة والقبيحة حتى صاروا يتغنون بها في أشعارهم ؛ وفشت فيهم الثارات والنزاعات ، فكانوا أمة تفرُّقٍ وتناحر ؛ وتقاتل وتشاجر ، وعصبية عمياء وتفاخر ؛ يأكل القوي منهم الضعيف ؛ عندهم المُوسِر مَهيب مُوقّر ، والمُعسرُ مَهين مُحقّر.
وكان فيهم الفظاظة والشدّة ، والغلظة والحدّة ؛ ما يجعل أمر تحررهم من أغلال الجاهلية و تلك الأوحال ضرباً من المحال .

فبعث الله تعالى فيهم { رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ }؛ فبدأ النبي – صلى الله عليه وسلم – معهم داعياً إلى الله بالعلم والبيان ، والحجة والبرهان ؛ ناصحاً لهم ترك القبائح والرذائل ، ومُرشداً إلى عظيم الأخلاق والفضائل ؛ مُبشراً برضوان الله تعالى لعباده المتقين ؛ ومُنذراً لهم من سخط الله وعقابه إن كانوا من المكذبين .

وقد وجدوا فيه - صلى الله عليه وسلم - رجاحةَ العقل وكماله واتزانه ، وسعة الصدر ، والرأفة والرحمة ، والحرص على ما ينفعهم ، والصبر على أخطائهم وزلّاتهم ، والرفق واللطف بهم ، والشفقة عليهم ، وفصاحة اللسان وحسن المنطق ، وحصافة الأسلوب ، والحكمة البالغة ، والشجاعة الغالبة ؛ والتواضع وخفض الجناح لهم ، والكرم والبذل ، وحفظ العهد ، والوفاء بالوعد ؛ وغيرها من الخصال الحميدة التي " لم تندُرْ فتُعدُّ ، ولم تُحصرْ فتُحدُّ " كما قال الإمام الماوردي ( إمام المشرق في زمانه ) ، فكان – صلى الله عليه وسلم – معلّماً لهم ومربياً بكل ما تحمله الكلمة من معان ٍ باهرة ، ودلائل ظاهرة .
وما هي إلا بضع سنين ؛ حتى كان حوله – عليه السلام – رجالٌ يعجز البليغ عن وصفهم ؛ و" لو لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة إلا أصحابه لكفوه لإثبات نبوته " وهذه عبارة تناقلها العلماء في كتبهم ؛ وجرت على الألسن حقّاً مبينا ً؛ فإنّ من طالع سيرتهم – رضي الله عنهم – ووقف على أخبارهم ؛ عرف – يقيناً لا ريب فيه – أن من علّمهم وربّاهم لا يكون إلا نبيا ً مُرسلا من عند الله – جلّ في علاه – ؛ علّمَه وربّاه .
وكان من أهمِّ وأجلِّ ، وأعظمِ وأجملِ ما ربّى عليه النبيُّ – صلى الله عليه وسلّم – أصحابَه ؛ التآخي والمحبة في الله تعالى ؛ فتوجّه إليهم بأعمال وفيرة ، وأحاديث كثيرة ؛ تحضهم على التراحم والتوادِّ والألفة والاجتماع والائتلاف ؛ وتحذّرهم من الفرقة والتباغض والاختلاف ؛ وإني ها هنا أسوق شيئا يسيرا من تلك الأحاديث فاسمعوا وعوا عباد الله :

" أفشوا السلام و أطعموا الطعام و كونوا إخوانا كما أمركم الله "

" لا تباغضوا و لا تقاطعوا و لا تدابروا و لا تحاسدوا و كونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله"
و " لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره .... بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه "
" قتال المؤمن كفر وسبابه فسوق ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام "
" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ، ستره الله يوم القيامة "
" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو ’ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "

"" ما أحب عبدٌ عبداً لله إلا أكرمه الله عز وجل "
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "

وبعد هذا - كله - تجد تجد من تواقه الأسباب ما يدخل في الأمة المحمدية فيفرقها على طوائف متعصبة متناحرة ، فكيف إذا كانت لعبة أو مسابقة الأصل فيها أن تكون للتسلية والترفيه ، لكنها سرعان ما تتحول - بالتعصب المقيت - إلى آفة كالمخدرات والمسكرات لا يستفيق منها كثير من شباب الأمة إلا وقد نزعت فيهم الشعور بقضايا الأمة وواجبهم نحوها ، بل تتميز - كلما زاد فيها التعصب - بكل ما يؤدي إلى التمزق والتفرقة بين الإخوة ، ويزرع فيهم الحقد الأعمى والكراهية ، وقد تحدث في أوطان المسلمين فتنا لا تهدأ ولا يجني منها الوطن والناس إلا المصائب والمحن .

قضايا المسلمين وأوطانهم أكبر من أي ناد أو فريق أو طائفة ، ولا يحل لأحد أن يتعصب لها أو يتحزب بها على حساب أمن بلاده فيتعدى حدود دينه ووطنه و يتحدى أواصر الأخوة بين أهل الإسلام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات