حماية الشهود والمُبلّغين عن الفساد


أكد جلالة الملك خلال تسلمه التقرير السنوي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2021 على ضرورة التركيز على حماية الشهود، وذلك لتشجيع المواطنين على القيام بدورهم في التبليغ عن أية شبهة فساد. وقد استجابت الهيئة لهذه التوجيهات الملكية، حيث أعلن رئيسها أن العمل جار على إعداد مشروع جديد لنظام حماية الشهود والمبلغين.

إن النظام الحالي الذي يتضمن نصوصا قانونية توفر حماية للشهود في قضايا الفساد هو "نظام حماية المُبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم رقم (62) لسنة 2014" الصادر استنادا لقانون هيئة مكافحة الفساد رقم (62) لسنة 2006 الذي جرى إلغاؤه. وقد خضع هذا النظام لتعديل محدود في عام 2019، وذلك بدلا من إصدار نظام جديد يستند إلى قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم (13) لسنة 2016، الذي حل محل قانون هيئة مكافحة الفساد لعام 2006.

إن الدور الوقائي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد في منع جرائم الفساد يتكامل مع الحماية الخاصة التي يجري تقريرها للأشخاص الذين يتصدون للكشف عن هذه القضايا. ولهذه الغاية، فقد أنشأ النظام الحالي الخاص بحماية الشهود والمبلغين في قضايا الفساد وحدة خاصة في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تكون مهمتها الأساسية تلقي طلبات توفير الحماية من الأشخاص المشمولين بالنظام، ودراستها وتقييم المخاطر ذات الصلة، حيث اشترط النظام أن يتم التعامل مع هذه الطلبات بسرية تامة. كما تقوم هذه الوحدة إبلاغ كل من رئيس الهيئة والنيابة العامة فور وقوع أي اعتداء على الأشخاص المشمولين بالحماية أو تعرض أي منهم للتهديد، وذلك من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنهم وسلامتهم.

ويمتد نطاق الحماية التي يوفرها النظام الحالي للشهود والمبلغين عن قضايا الفساد لتشمل الحماية القانونية ضد أي إجراء تعسفي يتعلق بالعمل أو الوظيفة التي يقوم بها الشخص المشمول بالحماية، وذلك من صدور أي قرار إداري يغير من مركزه القانوني أو ينتقص من حقوقه أو يحرمه منها، أو أي إجراء قد يؤدي إلى إساءة معاملته أو الإساءة لمكانته أو لسمعته.

كما يتسع نطاق الحماية القانونية لتشمل توفير الحماية الشخصية للأشخاص المشمولين بالنظام من خلال إخفاء اسم الشخص المعني وسائر بياناته الشخصية الخاصة به وكل ما يدل على هويته، وتغيير أرقام هواتفه الخاصة أو مراقبتها، وتغيير محل إقامته أو مكان عمله أو كلاهما بشكل دائم أو مؤقت، وضمان سلامة تنقله بما في ذلك حضور جلسات المحاكمة والتحقيق، وحماية مسكنه وممتلكاته من أي اعتداء قد يقع عليها، وتزويده برقم هاتف للطوارئ يعمل على مدار الساعة لتلقي طلبات الإغاثة منه.

وفيما يخص توفير المساعدات للأشخاص المشمولين بالحماية، نجد بأن المادة (12) من النظام قد فرضت قيودا صارمة على استحقاق أي منهم للإعانات على اختلاف أنواعها وأشكالها، حيث تشترط المادة السابقة أن يتعرض أي من هؤلاء الأشخاص الذين تقرر توفير الحماية لهم للاعتداء، ومن ثم يقرر وزير العدل بناء على تنسيب مجلس مفوضي الهيئة الإعانات التي يمكن أن تقدم له ولأفراد أسرته، والتي ليس بالضرورة أن تكون إعانات مالية.

بالتالي، إذا لم يتعرض الشخص المحمي إلى اعتداء أو إذا قرر وزير العدل رفض تنسيب مجلس مفوضي الهيئة، فإن من قام بالتبليغ عن واقعة فساد أو كان شاهدا أو مخبرا عنها وتقرر تغيير محل إقامة أو مكان عمله كشكل من أشكال الحماية الشخصية المقررة في المادة (10) من النظام، فإنه لن يستحق أي نوع من أنواع الإعانات أو المساعدات العينية أو النقدية.

إن حماية المركز المالي للأشخاص المشمولين بالحماية جراء قيامهم بالتبليغ عن قضايا الفساد يجب أن يمتد ليشمل إلى جانب حمايتهم من صدور أي قرار وظيفي تعسفي بحقهم، ضمان سريان راتبهم الشهري وحقوقهم المالية خلال الفترة التي تقررها الهيئة، وذلك في حال أخذت الحماية القانونية شكل تغيير محل الإقامة أو مكان العمل، أو إخفاء اسم الشاهد وسائر البيانات الشخصية المتعلقة به لفترة زمنية معينة.

كما يتعين توفير حماية قانونية لكل من يقوم بالتبليغ أو الشهادة في قضية فساد من عدم الرجوع عليه بدعاوى جزائية أو مدنية أو تأديبية في حال صدور القرار بعدم الإدانة. فمن يقوم بالتبليغ أو الإخبار عن شبهات فساد يجب أن يتمتع بالحصانة من أي مسؤولية قانونية قد تترتب عليه جراء تقديمه الشكوى أو الإخبار، متى استكمل البلاغ المقدم منه الشروط الواردة في القانون، وأن تكون لديه الدلائل الكافية التي تبرر اعتقاده بصحة الواقعة المبلّغ عنها.

إن استكمال الحماية القانونية للأشخاص المشمولين بالحماية يستلزم تفعيل المادة (24/د) من قانون النزاهة ومكافحة الفساد، التي تعطي الحق لرئيس مجلس الهيئة بأن يقرر صرف مساعدات مالية للمبلغين والشهود والمخبرين الذين تقرر الهيئة حمايتهم، وذلك بموجب تعليمات خاصة يصدرها مجلس الهيئة لهذه الغاية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات