جمال عبد الناصر .. زعيم عربي استثنائي


جراسا -

رغم انقضاء 52 عاماً على رحيل الزعيم القومي (الاستثنائي) جمال عبدالناصر، إلا أنه ما زال حاضراً بقوة في قلوب وعقول ملايين المصريين والعرب، بشكل طاغ لم يسبقه إليه زعيم آخر، على الأقل فى التاريخ الحديث، ولا يزال نبض الشارع العربي ـ بصفة العموم ـ يقول حتى اليوم على لسان الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودي (يعيش جمال عبد الناصر.. يعيش جمال حتى ف موته)، وقد شكل ذلك انحيازا من الشعب للزعيم الراحل، فلم يكن عبدالناصر بأى مقياس، شخصية عادية دفعت بها المقادير إلى الزعامة، وما أكثر ما فعلتها المقادير فى كل زمان، وفى كل مكان، وإنما كان عبدالناصر ـ وبكل المقاييس ـ شخصية استثنائية فرضت نفسها على مجريات الأحداث فى عصرها، وتركت بصماتها، ومدت آثارها العميقة والخطيرة إلى العالم العربى كله، وأيضاً إلى كثير من دول العالم الثالث، إن لم يكن إلى كل العالم الثالث.

شخصية تاريخية استثنائية
ومهما يكن من أمر الجدل القائم حول شخص عبدالناصر.. وحول عهده.. وحول ما حفل به ذلك العهد من تغيرات جذرية وأحداث جسام ـ فلسوف يبقى «الرجل الكبير» بعد أى جدل، وبرغم كل جدل، شخصية تاريخية استثنائية، ولسوف تبقى ثورة الرجل الكبير «ثورة يوليو 1952» واحدة من أعظم ثورات العصر، إذا نحن قسناها بحجم التغييرات الجذرية التى أحدثتها فى كيان المجتمع المصرى الذى قامت منه، أو بحجم التغيرات الجذرية أيضا التى أحدثتها فى كيان المجتمعين العربي والأفريقي اللذين امتدت إليهما آثارها، بدءاً من الجزائر فى أقصى المغرب، ومروراً باليمن، وانتهاءً بأفريقيا التى كانت تحت نيران احتلال أجنبي لم يكن وارداً ضمن مخططاته أن يتخلى عنها لأصحابها، لولا أن قامت ثورة يوليو واستطاعت أن تشعل النار من حوله وأن تزلزل الأرض تحت قدميه.



الصورة الجماهيرية للزعيم..محصّنة ضد العبث بها
ومهما كانت المتغيرات على الساحتين المصرية والعربية ومرورا بالساحة الأفريقية، فإن ما هو باق هو صورة عبد الناصر، وما أصبحت ترمز إليه من الإحساس بالكرامة.. صورة نفذت إلى قلوب الجماهير العربية ووجدانها فى أقطار لم يكن لعبد الناصر سلطان عليها. والصورة الطبيعية والجماهيرية للرجل كانت نابعة من ارتباطه بتراب هذا الوطن الذى جسده فى شخصه حتى أصبح هو ذاته مادة مثالية لدراسة حالة نادرة من تحليق صورة الزعيم السياسى فى آفاق لم يسبق أن وصل إليها أحد. وهكذا أصبحت حقائق التاريخ تؤكد، أنه ليس صحيحا أن ما يبقى من الزعيم هو أعماله الملموسة والمحسوسة، وإنما ما يبقى من الزعيم هو صورته غير الملموسة وغير المحسوسة، فالأعمال العظيمة التى يقوم بها الزعيم يمكن أن يهدمها النظام الذى يليه أو يحاول تشويهها، لكن صورته الجماهيرية هى ما لا تستطيع أى يد أن تطولها ، فهى محفوظة فى أفئدة الناس، وذلك يحصّنها ضد محاولات العبث بها.

إن ارتباط جمال عبد الناصر بالأرض وتراب الوطن هو أحد أسباب صياغة صورته الجماهيرية . ففى يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1954، وفى ميدان المنشية بالاسكندرية ، انطلقت ثمانى رصاصات فى سماء الميدان (من تنظيم الإخوان المسلمين)، نحو صدر جمال عبد الناصر، ظل واقفا صامدا متحديا الاغتيال ومتحديا القاتل، ووسط دوى الطلقات صاح جمال عبد الناصر قائلا للجماهير المحتشدة فى الميدان: «فليبق كل فى مكانه.. إننى حى لم أمت، ولو مت فإن كل واحد منكم هو جمال عبد الناصر.. ولن تسقط الراية».



كان شغوفا بقراءة سير الأبطال والزعماء
كان هذا الموقف التلقائى الذى بادر به إنما يعبر عن صورة جماهيرية ناجحة بكل المقاييس تعبر عن موقف الرجل والجماهير فى نفس الوقت، وهى تستند على أساس من القناعة الراسخة بعظمة الجماهير التي يسعى لقيادتها وأمله فى إمكانية تحقيق مستقبل مبشر ومشرق لهذا الشعب، فالذي يؤمن بقاعدته الجماهيرية تؤمن به. وكان شعوره بدوره فى تحقيق مستقبل أفضل للشعب المصري، تجلى منذ شبابه المبكر من خلال قراءته لسير الأبطال والزعماء، والتى رسمت له صورة البطل الذى يحرر وطنه.

لقد قرأ جمال فى شبابه كتب «حماة الإسلام» لمصطفى كامل، و«طبائع الاستبداد» لعبد الرحمن الكواكبي، و «وطنيتي» للشيخ على الغاياتي، كما قرأ كتب أحمد أمين عن الدراسات فى حركات التجديد فى الإسلام عن جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده، ونجيب محفوظ ، وقرأ سيرة غاندى وفولتير، وجان جاك روسو، والبؤساء لفيكتور هوجو، وقصة مدينتين لتشارلز ديكنز، ويوليوس قيصر لشكسبير. وكان لقصة توفيق الحكيم «عودة الروح » أثر عميق فى شخصيته وجعلته يحس بأهمية دور الزعيم، ولفت نظره الحوارات التى دارت بين عالم الآثار الفرنسي ومهندس الري الإنجليزي حول الشعب المصري وافتقاره إلى قائد مخلص يخرجه من الظلمات إلى النور.

وهذا دفع جمال عبد الناصر يكتب لصديقه حسن النشار رسالة جاء فيها:

«..لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة، واستقبلنا غبار الموت.. فأين من يقلب كل ذلك رأسا على عقب ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم كانت مالكة للعالم؟ أين من يخلق مصر خلقا جديدا حتى يصبح المصري الخافض الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكنا صابرا على حقه المهضوم، يقظا عالي الصوت، عظيم الرجاء، مرفوع الرأس، يجاهد بشجاعة وجرأة فى طلب الحرية والاستقلال».




كان رمزا لمصر الحديثة التى لم تعد تثنى ركبتيها أمام أى فرد
من المُسلم به أنه يجب أن تكون الصورة الجماهيرية الناجحة للزعيم تحمل صفات موجودة فعلا لدى صاحبها وليست مقحمة على شخصيته، لأن رجل الشارع لديه الفراسة الفطرية دائما والتى تفرز الحقيقي عن المزيف.. وهنا نجد أن الجماهير المصرية والعربية كانت على قدر كبير من الوعى ليس فقط للحكم على صحة صورة جماهيرية تمتع بها جمال عبد الناصر أثناء حياته، وإنما مكنها أيضا من التصدى لمحاولات العبث بهذه الصورة بعد مماته، وتلك دلالة على صعوبة العبث بالصورة الجماهيرية للزعيم القائمة على أساس من الصدق حتى بعد مرور سنوات على رحيله.

ونجد الكاتب الأمريكى روبرت سان جون فى كتابه « الرئيس»ٍ THE BoSS يصف جانبا مؤثرا من صورة عبد الناصر، ويقول: «وأفضل خطب ناصر التى يلقيها ارتجالا، حيث يتكدس مئات الآلاف من الرجال والنساء فى ميدان شعبي، ويقفون ساعات ثلاثا تحت الشمس الحارقة يستمعون إليه.. الناس ينظرون أكثر مما يستمعون، وهو المرآه التى يرون فيها انعكاس أنفسهم فى الوضع الذى يتمنونه لأنفسهم، فهو رمز مصر الحديثة التى لم تعد تثني ركبتيها أمام أى فرد بعد الآن».

قفزة مصرية غير مسبوقة للمستقبل
وفي الداخل كان الاختبار قاسيا، في وطن غالبية سكانه من «الحفاة»، ومتوسط الدخل القومي للفرد حوالي 47 جنيها فقط..وكان الاقتصاد المصري متخلفـًــا وتابعًا للاحتـكارات الرأسمالية الأجنبية، يسيطر عليه بضع عشرات، أو مئات على أقصى تقدير، وكانت نسبة البطالة بين الـمصريين 46% من تعداد الشعب، ونسبة المعدمين من سكان الريف تبلغ 80% من جملة السكان.. ونسبة الأمية بلغت 90% ، ومعدلات المرض حققت أرقامـًـا قياسية حتى أن 45% من المصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا، وغيرها من مختلف الأمراض التى تنتج عن سوء التغذية..



وترتب على هذا ـ بفكر الضابط الشاب قائد الثورة «34 عاما»، المقدم جمال عبد الناصر حسين ـ خط معين في التنمية الشاملة، استطاع ـ على سبيل المثال ـ فيما بين سنة 1956 إلى سنة 1966 أن يعطي زيادة سنوية في الدخل القومي بمعدل 6،7 % طبقا لتقرير البنك الدولي بتاريخ 5 يناير 1976 ، وهي نسبة لم يكن لها مثيل في العالم النامي كله..وأن يقيم أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث ( 1500) مصنعا ، منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية وإستراتيجية..وتم إدخال الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس والوحدات الصحية والجمعيات الزراعية إلى كل قرى مصر، وتم ضمان التأمين الصحي والإجتماعي والمعاشات لكل مواطن مصري ..وزاد عدد الشباب فى المدارس والجامعات والمعاهد العليا بأكثر من 300 % .. وزيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15% ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان .. وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2,1 مليون فدان إلى حوالى 4 مليون فدان .. وكل ذلك تم بدون ديون على مصر.





المخابرات الأمريكية: كان بلا رذيلة وغير قابل للفساد
كانت الصورة ـ ولا تزال في وجدان الشعب العربي ـ نموذجا لطهارة اليد والكرامة، او بحسب تعبير يوجين جوستين، رجل المخابرات المركزية الأمريكية : « أن مشكلتنا مع ناصر أنه بلا رذيلة مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح، فلا نساء ولا خمر ، ولا مخدرات ، ولا يمكن شراؤه أو رشوته أو حتى تهويشه ، نحن نكرهه ككل ، لكننا لا نستطيع أن نفعل تجاهه شيئا ، لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد ». ومن زاوية أخرى، قال الكاتب الفرنسي، روبرت سان جون، «كان جمال عبد الناصر يعارض بشدة محاباة كبار الموظفين لأقربائهم، وقد كان ذلك يعتبر عرفا وليس جريمة فى وقت ما قبل الثورة، وهو يصر على إنزال العقوبة الصارمة بأى شخص يفعل ذلك».

ويسرد سان جون بعد ذلك قصة معروفة حدثت فى بداية سنوات الثورة حين اتصل جمال عبد الناصر شخصيا بصاحب جريدة أخبار اليوم «مصطفى أمين» قائلا له: «شفت الصفحة الأخيرة؟ فأجابه.. نعم ، هل تقصد سيادتك صورة والدك؟ إيه الغلط فيها ؟ فأجابه الرئيس فى لهجة صارمة: أنا ما باحبش أن تنشر أخبار أبى وصور عائلتي بين الناس.. أنا عاوز أن يعيش أبىي وأخوتي مثل الناس العاديين ولا أقبل أن يفسدهم منصبي».. وكانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة التى نشرت فيها صورة والد عبدالناصر الذى لم يسمع عنه القراء بعد ذلك إلا حين توفى ونشر نعيه بالصحف.

أول من أنصف المرأة المصرية
لعلي لا أكون مبالغا عندما أقرر أن موقف جمال عبد الناصر من المرأة التى اعتبرها هو عن قناعة تامة الأم التى أوصى بها الدين والرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ثلاثا، والتى كانت احد الأسباب الرئيسية التى حسمت قراره بتعديل قانون الأزهر الشريف ليسمح بانضمام العنصر النسائي لهذه الجامعة الإسلامية العريقة، وباختصار لكى يتحقق فتح المجال الصحيح لأم مسلمة تشارك فى خلق المجتمع المصرى الجديد ..باعتبار المرأة تمثل جانبا من المجتمع مهضوم الحقوق، فكان أن نص فى ميثاق العمل الوطنى على:

«أن المرأة لابد أن تتساوى بالرجل ، وأن تسقط بتاتا الأغلال التى تعوق حركتها الحرة حتى تستطيع أن تشارك بعمق وإيجابية فى صنع الحياة»..وكان قرار جمال عبد الناصر منح المرأة حقوقها السياسية كاملة فحصلت على حق التصويت مثلا قبل أن تحصل عليه المرأة فى سويسرا ، كما طبق مبدأ تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل فى كل المناصب، وبهذه المناسبة فإن ما تتقاضاه المرأة المصرية من رواتب تتساوى مع ما يتقاضاه الرجل فى نفس الوظيفة، فى حين أن المرأة الأمريكية المديرالعام تتقاضى راتبا أقل من نظيرها الرجل، وهذا سائد حتى اليوم .


تأثير حيّ الحسين في شخصية ناصر
يقول المفكر الفرنسي، جورج فوشية فى كتابه «عبد الناصر وصحبه» : إإن قوة الإيمان عند ناصر ترجع للفترة التى عاشها وهو طفل مع عمه فى القاهرة حيث التحق بمدرسة النحاسين الابتدائية والتى تقع أمام مقابر سلاطين المماليك المجاورة لحى الحسين وخان الخليلى وملاصقة للأزهر الشريف ..ويقول فوشيه «إن الجو فى هذا الحي الديني من مساجد ومشايخ وروائح البخور قد أثر فى شخصية الرئيس وتوج إيمانه بالدين وقيمه الروحية والأخلاقية ومبادئه النضالية»، كان جمال عبد الناصر فى ذلك يتسق تماما مع طبيعة المجتمع المصري والعربي فى تدينه القوي، دون تزمت أو مظهرية.







ثورته البيضاء ضد العنف
وصفة «عزوفه عن العنف»، جعلت من ثورة عبد الناصر « ثورة بيضاء»، بعكس جميع الثورات الأخرى من الثورة الفرنسية إلى الثورة البلشفية، وهى احدى أهم سمات الصورة الجماهيرية لجمال عبد الناصر ، ولقد كانت تلك الصفة فى شخصيته مثار اهتمام عدد كبير من الكتاب الغربيين والشرقيين على حد سواء الذين اقترنت الثورة فى تاريخهم الوطنى بالعنف وغزارة الدماء ، ومن بين هؤلاء البريطانى ديزموند ستيوارت الذى نشر فى كتابه « مصر الفتية YOUNG EGYPT » حديثا مع الرئيس عبدالناصر سأله فيه عن الشخص الذى حاز إعجابه من بين قادة الثورة الفرنسية : دانتون مثلا أم روبسبير؟ ، فقال له عبد الناصر على الفور :لا أحد فى الحقيقة ، لقد أعجبت بفولتير لأنه كان رجلا هادئا ولم يكن قاسيا ، أما الباقون فقد كانوا دمويين للغاية ، فقد قتل كل منهم الآخر ، وماتوا جميعا عن طريق العنف..وشرح جمال عبد الناصر للكاتب البريطانى كيف أنه تعلم من رائعة تشارلز ديكينز «قصة مدينتين » عن الثورة الفرنسية : أنه إذا بدأت الثورة بإراقة الدماء فلن تتوقف عن ذلك وسيقلدها الآخرون .

وهنا أيضا نجد أن جمال عبد الناصر كان يمثل نموذجا فريدا لزعيم يأتى بثورة تطيح بالنظام القديم وتعادي الاستعمار والتبعية فى الخارج، والاستغلال والرأسمالية المتوحشة فى الداخل دون أن يلجأ لاستخدام العنف كوسيلة لإحداث التغييرات الجذرية التى كان يسعى لتحقيقها.
وهنا أيضا نجد أن جمال عبد الناصر كان يمثل نموذجا فريدا لزعيم يأتى بثورة تطيح بالنظام القديم وتعادي الاستعمار والتبعية فى الخارج، والاستغلال والرأسمالية المتوحشة فى الداخل دون أن يلجأ لاستخدام العنف كوسيلة لإحداث التغييرات الجذرية التى كان يسعى لتحقيقها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات