عادة بعادة


ما هو مقدار الجهد الذي تبذله في إخراج السيارة من الموقف إذا كنت سائقاً متمرساً؟ ولماذا كنت تحتاج الى تركيز وجهد كبيرين لإخراجها حين كنت سائقاً مستجداً؟ لماذا يفشل الكثيرون في الإقلاع عن التدخين؟ ويحتاج البعض الى العلاجات والعزل في المصحات للتعافي من إدمان الكحول والمخدرات؟

إن العامل المشترك في جميع النقاط السابقة وغيرها من النقاط؛ يكمن في قوة العادات، والتي تتحكم في جزء كبير من برنامجنا اليومي، لدرجة وصلت الى أن يُصنف العلماء 40% من تصرفاتنا اليومية على أنها عبارة عن عادات وليست قرارات.

قد يكون للعادات تأثيراً إيجابياً في حياتنا، كالتعود على ممارسة التمارين الرياضية اليومية، أو تناول الغذاء الصحي، أو أداء الصلوات جماعة في المسجد، أو الوصول الى العمل مبكراً، أو صلة الأرحام ومساعدة المحتاجين والأعمال التطوعية وغيرها الكثير.

ولكن هنالك جانب سلبي خفي في العادات الإيجابية، وهو الشعور بالتقصير وتأنيب الضمير في حال تخلفتَ عن القيام بها؛ فلن تكون سعيداً إذا فاتتك الصلاة جماعة في المسجد، وستشعر بالقلق لو لم تؤدِ التمارين الرياضية، ولن تستطيع النوم إذا تناولت طعام غير صحي.

هنا لا بد أن تدرك أن الشخص المثالي هو شخص غير موجود في الواقع، وأنه من الممكن أن ترتكب بعض الأخطاء، أو تقصِّر في أداء مهماتك اليومية، ومن الطبيعي أن تكسر الروتين اليومي، أو أن تتخلف عن عادة مهمة لك، وأن ذلك لن يؤثر على حياتك بالشكل الذي يدعوك الى القلق.

ولا بد أن تعلم أيضاً أنك تمتلك مجموعة لا بأس بها من العادات السلبية، كغيرك من البشر، وأنه من الطبيعي أن تسعى الى تغيير تلك العادات، وإستبدالها بأخرى إيجابية.

إن الخطوة الأولى في ترك العادات السلبية هو أن تضع مكانها عادة إيجابية؛ بعد أن تدرك أضرار العادة السلبية وفوائد الإيجابية، فلو كنت مدخناً مثلاً، إستبدل وقت التدخين بالمشي، حتى لو كنت داخل المنزل، وإذا كنت ممن يقضون الليالي في الألعاب الإلكترونية، فعليك إستبدال تلك العادة بعادة الجري، لأنك ستشعر بعدها بالتعب، وتضطر الى النوم مبكراً.

في كتابه قوة العادات، طرح الصحفي تشارليز دويج مثالاً مهما على تحويل عادة سلبية الى إيجابية، وهي العداءة ليزا ألين، والتي وصلت الى مراحل متقدمة في إدمان المخدرات والكحول، وإنهارت علاقتها الزوجية، وخسرت وظيفتها، ووجدت نفسها على الرصيف، حتى دون صديقة تقف الى جانبها.

عندما عزمت ليزا على التغيير، جاءتها الفكرة بإستثمار وقت التدخين بالمشي، ربما لأنها لم تكن تملك ثمن السيجارة، وبعد فترة تحرر جسدها من عادات الإدمان، وإكتسبت عادة المشي، وتحولت لاحقاً الى الجري، وشاركت في مسابقة المارثون.

لقد تحسنت جوانب حياة ليزا المختلفة بسبب ترك عادة الإدمان، وإستبدالها بأخرى صحية، لقد خسرت الكثير من الوزن الزائد، وتحسنت صحتها بشكل كبير، كما أنها لا تذكر المرة الأخيرة التي تناولت فيها الكحول والمخدرات، بالإضافة الى حصولها على عمل بدوام كامل، وتوفيرها المال، وأقدمت أخيراً على شراء منزل لها.

لا بد أن تراجع عاداتك جيداً، وأن تراقب روتينك اليومي، وأن تبحث عن عادة تؤثر سلباً في جودة حياتك وتدفعها الى الإنحدار، عندها عليك أن تضع خطتك للقضاء على تلك العادة، وإكتساب عادة إيجابية، ليبدأ مؤشر جودة حياتك بالإرتفاع.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات