إسرائيل والسعودية ليستا عدوتين .. ولا صديقتين


جراسا -

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة في المنصب يظهر في مقابلة من تل أبيب مع إحدى القنوات التلفزيونية السعودية، مواطن أميركي - إسرائيلي يعلن نفسه "الحاخام الأكبر للمملكة العربية السعودية" بعد وصوله إليها بتأشيرة سياحية، عائلة سعودية بارزة تستثمر في شركتين إسرائيليتين ولا تكلف نفسها عناء إخفاء ذلك.

كان من المستحيل تصور وقوع كل هذه الأحداث قبل وقت غير بعيد. لكن العلاقات التي كانت سرية بين السعودية وإسرائيل أصبحت ظاهرة وعلنية بعد أن أفسحت بعض المنافسات القديمة في الشرق الأوسط المجال لقيام علاقات اقتصادية وأمنية براغماتية، اذ يسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى تسريع خططه لإصلاح الاقتصاد المعتمد على النفط، بينما تحرص إسرائيل على البناء على الاختراقات الدبلوماسية التي تحققت عام 2020 مع دول خليجية أصغر.

وفي وقت سابق من العام الحالي، قال بن سلمان في إعادة تقييم لواحد من أكثر خطوط الصدع أهمية في المنطقة: "إننا لا ننظر الى إسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل".

منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948، أعرضت السعودية وجيرانها في الخليج عن الدولة اليهودية تضامناً مع الفلسطينيين الذين أُخرجوا من أجل تأسيسها. وكانت مجرد فكرة التعامل مع إسرائيل من المحرّمات. وحتى اليوم، تُظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى في الخليج تعارض قبول إسرائيل مثل أي دولة أخرى.

ويسعى محمد بن سلمان إلى تسريع خططه لإصلاح اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

ويقول عبد العزيز الغشيان، الباحث الذي يدرس السياسة الخارجية السعودية تجاه إسرائيل: "يتعلق الأمر بذوبان الثلج في العلاقات، وليس الدفء في العلاقات... ومع ذلك فإن هذا لا يزال أمراً بالغ الأهمية".

يسافر الإسرائيليون إلى المملكة بسهولة باستخدام جوازات سفر دولة أخرى، وبعضهم يديرون أعمالهم فيها عبر كيانات خارجية، بل ويناقشون ذلك علناً.

تدفقات نقدية
"كواليتيست" هي شركة هندسة وبرمجيات إسرائيلية استحوذ عليها مستثمرون دوليون عام 2019. ويقول شاي ليبرمان، العضو المنتدب للشركة في أوروبا وإسرائيل والشرق الأوسط، إنها لا تعمل في السعودية مباشرة، لكنها تبيع منتجاتها لشركات أخرى تستخدم تلك المنتجات في المملكة.

تسير الاستثمارات في الاتجاه المعاكس أيضاً، فشركة "ميثاق كابيتال"، التابعة لعائلة الراجحي السعودية، هي الآن أكبر مساهم في شركتين إسرائيليتين، هما "أوتونومو "، و"تريمور إنترناشونال".

كما أقامت إسرائيل ودول الخليج علاقات أمنية سرية بسبب المخاوف المشتركة، لا سيما بشأن إيران. لكن الدافع الاقتصادي القوي هو الذي يقود العلاقات التي باتت أكثر وضوحاً الآن، إذ يحاول الأمير محمد تقليل اعتماد السعودية على النفط وتطوير الصناعات المتقدمة.

يقول محمد آصف سيماب، العضو المنتدب لـ"ميثاق كابيتال": "نحن نحب الابتكار وثقافة التكنولوجيا التي لدى إسرائيل، ونحاول إيجاد طرق للاستفادة من ذلك". كما أن المسؤولين في الرياض أصبحوا يسمحون بإعادة صوغ النقاش الأوسع حول إسرائيل.

نتنياهو في مقابلة على قناة "العربية" السعودية
وقد أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو مقابلة على قناة "العربية" السعودية، حيث ظهر جالساً أمام خريطة باللغة العبرية. وحذر نتنياهو خلال المقابلة من خطر الصفقة النووية المحتملة مع إيران.

وهناك أيضاً جاكوب هرتسوغ، الحاخام الذي سُمح له بخدمة جالية يهودية صغيرة من الوافدين في العاصمة السعودية الرياض.

الجائزة المنتظرة
عندما وقعت الإمارات والبحرين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل عام 2020 بوساطة أميركية، والتي أصبحت تُعرف باسم "اتفاقيات إبراهيم"، كانت هناك تكهنات بأن المملكة ستنضم إليهما.

وبالنسبة الى القادة الإسرائيليين، فإن الحصول على اعتراف من المملكة، صاحبة الوزن الجيوسياسي الثقيل في المنطقة، سيكون بمثابة "جائزة"، لكن حدوث ذلك لا يزال مستبعداً، بغض النظر عن الحكومة التي ستتولى زمام الأمور في إسرائيل بعد الانتخابات المقبلة.

وحتى الآن، ليس بإمكان رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يزورون الرياض إجراء مكالمة هاتفية مباشرة مع تل أبيب، ناهيك بتحويل الأموال بين البلدين.

يقول جيسون غرينبلات، المبعوث الخاص للشرق الأوسط في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وأحد مهندسي اتفاقيات التطبيع، إن القيادة السعودية "تدرك أن إسرائيل يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة للمنطقة" حتى لو لم يكن السعوديون مستعدين بعد لتوقيع أي اتفاقية تطبيع معها.

وفي الوقت الراهن، يجمع غرينبلات التمويل لمصلحة مشروع استثمار في تكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة، ويقول إن المشروع يمثل "طموحه" لتسهيل الاستثمار السعودي في إسرائيل، لكنه يعترف بأن ذلك سيستغرق بعض الوقت.

ووسط هذه الأجواء المختلطة، يؤكد المسؤولون السعوديون أن التوصل إلى حل بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يزال في صميم سياستهم.

وكانت الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة في الولايات المتحدة، قالت في تصريح في شهر حزيران (يونيو) "إن مواصلة الحديث عن التطبيع يكاد يكون أمراً مستهجناً" وأن التطبيع ليس هدفاً سياسياً في حد ذاته.

الى ذلك، يقول الباحث البارز في سياسات الخليج في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي يوئيل جوزانسكي إنه سيكون من غير المجدي لإسرائيل أن تضغط على السعوديين بشدة، خشية "إلحاق الضرر بالعلاقة".

ويرى عبد العزيز الغشيان أن المشهد السياسي الأميركي يمثل عقبة أخرى، إذ لا يعتقد القادة السعوديون أن الرئيس بايدن لديه الإرادة لتقديم الإغراءات التي يريدونها، بما في ذلك الضمانات الأمنية.

ومع ذلك، لا يزال رجل الأعمال الأميركي بروس غورفين يراهن على أن الانفتاح التدريجي الحالي سيكون مفيداً للأعمال. وكان غورفين -اليهودي الذي لديه عائلة في إسرائيل- قد قاد سيارته من دبي عابراً المملكة ومتجهاً إلى القدس، وهي رحلة برية من المفترض أن تبلغ مدتها 26 ساعة، لكنه مدّدها لأكثر من أسبوع، حيث التقى في طريقه رجال أعمال. وهو يعمل على تأسيس مسرّع أعمال يسمى "فيوتشر غيغ" يربط الشركات الناشئة الإسرائيلية بالسوق السعودي وبالعكس، مع التركيز على مجالات الطاقة المتجددة وندرة المياه والزراعة الصحراوية.

عمل فنيّ في منطقة نيوم
تجدر الإشارة إلى أن رؤية ولي العهد السعودي لاستحداث منطقة عالية التقنية في نيوم على ساحل البحر الأحمر، وتقع على بعد 40 دقيقة بالسيارة من إسرائيل، يمكن أن تعزز التعاون.

وفي بودكاست عربي شهير، طرح عالم الاجتماع السياسي السعودي خالد الدخيل، أخيراً أفكاره لتعزيز قوة المملكة، فتناول موضوعات الطاقات المتجددة والمجال العسكري، بالإضافة إلى "شريك محتمل" إذا كان الأمر يستحق ذلك. وقال الدخيل: "نحن بصراحة بحاجة إلى التعلم من الإسرائيليين".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات