تهديد ووعيد للإعلام تحت قبة الديمقراطية والنقابة مغيبة


جراسا -

خاص - قوبلت تهديدات رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي للإعلاميين الذين يغطون جلسات المجلس باستهجان شديد عبر مواقع التواصل، بعد أن لوح باتخاذ "اجراءات مشددة" بحق من يقومون بتصوير ما وصفه بـ"خصوصيات النواب والوزراء" تحت القبة!

قبل نقد موقف الدغمي، المطلوب من مجلس النواب والدغمي، اصدار تعريف قانوني لماهية خصوصيات النواب والوزراء تحت قبة البرلمان؟ وهل فعلا توجد خصوصيات شخصية في مجلس يفترض به ان يكون نبراسا للحرية والديمقراطية، ومثالا يحتذى للشفافية التي يطالب بها ذات المجلس من الحكومات في كل شاردة وواردة!

ثم، ألا يفترض بالإعلام والإعلاميين الاحتماء بسلطتهم التشريعية الديمقراطية، وإسناد ظهرهم بمجلس الشعب الذي سنّ قانون حق الحصول على المعلومة! أليست مهمة المجلس الموقر الأساس رقابة الحكومات؟، تماماً كالإعلام الذي من بديهيات عمله مراقبة النواب والحكومات، كسلطة رقابية رابعة، كفل لها الدستور حرية الحركة بلا قيود، بدلاً من التلويح بالقنوة في وجهه، وتهديده، والتغول عليه، ومحاولة الغاء دوره وإعاقة واجبه؟

ألم يكن الأجدر برئيس مجلس النواب المقدر، أن يوجه رسالته إلى أعضاء النواب والحكومة، وتعريفهم أن قبة البرلمان التي تعتبر معقل الحريات في الدولة، تؤمن لوسائل الإعلام والإعلاميين ممارسة دورهم الوطني في رقابة السلطتين معا، ويبلغهم، أن من يخشى على خصوصياته فليتركها في بيته أو مكتبه، ولا يصطحبها معه إلى مجلس الامة!

الأبعد من ذلك، ان العديد من مؤسسات الدولة سعت عبر سنوات إلى تقزيم دور الإعلام وتحجيمه، مثلما سعى بعض الممسكين بخيوط اللعبة إلى شيطنته، كي تبتعد أعينه وأدواته عن رقابة أدائهم، فوصل الإعلام الاردني بفضل جهودهم إلى مرحلة وهن لا يحسد عليها، ودخل في سبات عميق، بالتزامن مع توقيت مرحلة بالغة الصعوبة من مراحل الدولة، تقتضي تقوية جبهة الإعلام لا إضعافها، كذراع إسناد لوجستي فاعل، يعين الدولة على عبور الأمواج كلما هبت أمامها عاصفة!

والسؤال الذي يفرض نفسه: من المستفيد يا ترى من إغلاق كاميرات الإعلام داخل مجلس النواب وخارجه؟، وما هي انعكاسات تكميم افواهه على المدى البعيد، وما هي تداعيات إسكاته وإضعافه، في دولة تعبر مئويتها الثانية، نحو مستقبل مأمول يتوجب على الجميع المشاركة في بنائه وتدعيم أركانه، وتحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاهه، بدلاً من ممارسات سياسات التغييب والترهيب، التي يعلم العقلاء يقيناً نتاجها المستقبلية الكارثية!

نقابة الصحفيين بدورها، تلاشى دورها، فهي غائبة منذ دهر عن المشهد، ولا تكاد ترى بالعين المجردة، وتعيش في عالمها الخاص، وطقوسها الخاصة، ولم تعقب على موقف رئيس مجلس النواب ولا غيره بكلمة، وكأن أمر الإعلام لا يعنيها، رغم أنها مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى في تاريخها، باعادة الهيبة للسلطة الرابعة التي أفلت وطمست وفقدت حضورها وبريقها، ومطالبة بحزم، بتمثيل مؤثر وفاعل للاعلام والاعلاميين، والتصدي لمشاكلهم، بدلاً من دفن رأسها في الرمال وتركهم يواجهون مصيرهم لوحدهم.

اعتذار رئيس مجلس النواب المقدر، للاعلام والاعلاميين، أقل مطلب وواجب، وتصرف حكيم شجاع، سيما وأعلى هرم في الدولة، جلالة الملك المفدى، طالما شدد مرات عدة، على ضرورة الاهتمام بالإعلام والإعلاميين، وأولى جل اهتمامه بالسلطة الرابعة، وتطويرها وتحديثها، بدلاً من محاربتها، لما لها من مكانة وأهمية حيوية في بناء مستقبل الدولة، وتقدمها وازدهارها.

أما لغة التهديد والوعيد، فقد باتت غابرة، ولم تعد مقبولة في عصر الانفتاح والشفافية والديمقراطية، وعوالم السوشيال ميديا، ولا تليق بالإعلام الأردني الوطني المحترم، ولا بالمكان الذي يمثل المواطنين تحت قبته، رغم أنهم عانوا مراراً وتكراراً من خيباتهم في مجلسهم ونوابهم!



تعليقات القراء

د. محمد نور الخمد
نتمنى من رىيس المجلس الموقر، تعريف ما هي خصوصيات الوزراء والتواب الشخصية التي بخشى عليها من الاعلام،،،
06-09-2022 02:20 PM
واحد ما انتخب...
منقول من الخبر
الأجدر برئيس مجلس النواب المقدر، أن يوجه رسالته إلى أعضاء النواب والحكومة، وتعريفهم أن قبة البرلمان التي تعتبر معقل الحريات في الدولة، تؤمن لوسائل الإعلام والإعلاميين ممارسة دورهم الوطني في رقابة السلطتين معا، ويبلغهم، أن من يخشى على خصوصياته فليتركها في بيته أو مكتبه، ولا يصطحبها معه إلى مجلس الامة!
06-09-2022 02:58 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات