"نعمة النفط ونقمته"


بعد الحرب العالمية الثانية عرف ما يسمى بالنظام الدولي حيث توزعت فيه قوى العالم إلى كتلتين متنافستين هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق وهذا شمل دول العالم باستثناء دولا محددة شكلت ما يسمى دول عدم الانحياز في السياسة الدولية..وبعدها بدأ التغلغل في نظام القطبية الدولية وبروز هذه القوى الجديدة..
هذه القطبية الدولية بمرورها قد اتخذت أوضاعا مختلفة حيث شهدنا حالات من العداء الشديد وأخرى من الهدوء الحذر فكانت ما يسمى بالحرب الباردة مع وجود أجواء عالمية مليئة بأسباب الصراع السياسي والاقتصادي علما بوجود حروب محلية ومواجهات غير مباشرة بين هذين القطبين الكبيرين وفي أنحاء مختلفة من العالم..وقد انتهت هذه الحرب الباردة بالتفرد التام للولايات المتحدة كقوة عظمى وظهورها كقطب اكبر والمتحكم الوحيد بالعالم ومن الطبيعي أن تتجه أنظار الدول الصغيرة إلى الدولة الأعظم لحماية نفسها منها ومن الآخرين..
انتهت الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق في تسعينيات القرن الماضي وفي عهد الرئيس الأسبق غورباتشوف ونظريته المعروفة بالبريسترويكا حيث الانهيار السريع لهذه المنظومة السياسية وشهدنا ما حصل مع الرئيس الروماني الأسبق نيكولاي شاوسيسكو وزوجته الدكتورة إلينا شاوسيسكوا...
بهذا الانهيار السريع للقطب الشرقي وانتهاء الحرب الباردة بدأت الدول الغربية توجه أنظارها وتركز اهتماماتها إلى منطقة الشرق الأوسط عموما ومنطقة الخليج العربي خصوصا ليس لهوائها العليل وجمال الخيول الأصيلة.. ولكن لما تشكله هذه المنطقة من أهمية إستراتيجية وما يتوفر فيها من ثروات تسيل لها النفوس ويرف لها الشخوص وتنحني لها الرؤوس ولموقعها المتوسط ما بين الشرق والغرب وإطلالها على القوى العظمى والمتحاربة..
إذا ما استعرضنا الدول العربية وقدراتها العسكرية لوجدنا أن العراق السابق كان على رأس هذه الدول حتى انه تم تصنيفه الخامس عالميا من حيث القدرات العسكرية وهذا كان نتيجة حرب ألثمان سنوات مع إيران وهي ما سميت بحرب الخليج الأولى ولا نريد الخوض في أسبابها والدول الداعمة أو اللاعبة فيها ولكنني أقول انه لربما ضارة نافعة فقد خرج العراق من هذه الحرب منتصرا قويا ..
لا بد من إيجاد الذرائع لتدخل الدول الغربية بشكل مباشر في منطقة الخليج العربي فلجأت الدولتان العظميان الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة إلى مطالبة العراق بوقف تطوير قدراته الصاروخية والنووية والكيماوية الجرثومية وأيضا تخفيض قواته المسلحة وقد شهدنا ذاك الحصار الاقتصادي الظالم وتلك العزلة السياسية الدولية لسنوات طويلة مدعومتان بالحرب الإعلامية ! فوصل العراق القوي إلى ما وصل إليه من وضع اقتصادي وسياسي صعب بل وصعب جدا.. وكانت أوضاعا لا تسر صديقا ولا تغيض عدوا ! ثم كانت المأساة والقشة التي قصمت ظهر البعير بغزوه دولة الكويت فنجحت الذرائع ووقع الأسد في شباك الفخ الذي نصب له وحيث البيئة الخصبة الآن لانقضاض التمساح بفكية الضخمين على هذا الثور الأبيض وقد كان..وفي الحقيقة فقد أكلنا يوم أكل العراق..فتم تنفيذ ما بيتوه للعراق بنجاح ولا زالوا ينتظرون تنفيذ ما يبيتون لدول الخليج العربي وعلى ما يبدوا ستكون من خلال إيران وما نسمعه ونشاهده على شاشات التلفاز بشكل يكاد يكون يومي..
انتهت الحرب الباردة واحتلت العراق وانهار الجيش الذي لا يقهر وبدأت إيران تكشف عن أنيابها وقد ازدادت قوتها وجبروتها وانضمت إلى قائمة الدول النووية والوضع الإقليمي والدولي لا يخفى على احد ! وها هي التحديات الحقيقية قد بدأت تواجه دول الخليج العربي!!
لقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية استغلال الفرص وتنفيذ المخططات المعدة مسبقا فالعالم يمر بظروف اقتصادية صعبة وهذا يتأتى بهيمنتها وفرض سيطرتها التامة على هذه الدول من خلال إثارة الصراعات الإقليمية ما بين هذه الدول وإيران وحينها يكون انقضاض النسر بحجة الحفاظ على امن الخليج فيكون الندم في وقت لا ينفع فيه الندم وحتى يتسنى لهم أكل الثور الأحمر وهو أكثر دسما وأطيب لحما وأسوغ مذاقا وأشهى طعما فالشقي من اتعظ بنفسه والتقي من اتعظ بغيره...
لا أريد العودة إلى سقوط واحتلال العراق وذهاب صدام ومن هو الخاسر الأكبر فهو واضح لكل ذي عقل وفكر وهذا ما ستثبته قوادم الأيام فالعراق ذهب ضحية نفطه وليبيا صاحبة النفط الانقى في العالم في نفس الطريق ودول الخليج لا ولن تترك بحالها ما دام ذهبها الأسود بين طبقات أراضيها ومعالم الشرق الأوسط الجديد بدأت بالظهور والتشكل خصوصا بعد الثورات العربية الحديثة وانهيار أنظمة الحكم في تونس ومصر وفي ليبيا قاب قوسين أو أدنى والحال لا يخفى علينا في كل من البحرين واليمن وعمان وعلى ما يبدو هي رؤية أحد الصالحين بانشقاق الهلال إلى احد عشر شقا حيث فسره المفسرون بسقوط احد عشر نظاما إسلاميا..إذا فما هي الوسائل لمواجهة هذه التحديات والحفاظ على نفط الخليج وامنه؟؟ وهذا يلزمنا الشكر لله على أنه لا يوجد لدينا ذهب اسود ولا ذاك الأصفر بشكل مكتشف أو معلن رسميا ؟!

عقيد متقاعد-أمن عام

www.yahyabtosh@yahoo.com



تعليقات القراء

كركي 1819

والله مقال لم ارى فيه الجديد سوى سرد الاحداث التاريخية .... والحكم الخاطىء على بعضها ...
11-03-2011 12:21 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات