الممسوس ..


انه القذافي.. الذي حط على الشعب هواء فاسدا وماءا ملوثا .. فكان على كل مسكين أن يتنفسه وعلى كل بعير أن يعشقه.

 

انه القذافي.. الذي استطاع الشعب الآن أن ينتزع الحرية من بين جنونه فاستحقوا التنفس من هواء ليبيا النقي فتقيئوا كل قرف الأربعين عاما بلحظة عز وتأبطوا المجد واقسموا على الحياة كما تجب أو الموت كما يجب.

 

حاول القذافي في بداية حياته السياسية أن يقارب مواقفه وتصريحاته وشطحاته لكي يتقمص صورة الثائر المتمرد متأثرا بالعديد من الكارزيمات الثورية ومحاولا لانتزاع لقب تشي غيفارا الوطن العربي، فلم يترك فصيلا معارضا أو جبهة تحرير في العالم إلا ودعمها وقدم لها الإسناد اللوجستي والمادي وبغض النظر عن قناعاته التي لم نعرف عنها شيء بعد أكثر من أربعة عقود من حكمه.

 

كما امتازت نهايات هذه العلاقات دائما بالتآمر عليها من قبل القذافي بعد استدراجها لحاضنته ليتم تسليمها لخصومها عند اقل عرض إغرائي من الطرف الآخر كما حدث مع الجيش الجمهوري الايرلندي وجماعة أبو نضال وجماعة بادر ماينهوف الألمانية.

 

والانتماء بالنسبة للقذافي هو تجارة وابتزاز، فهو ينتمي لأي (زنقة) تقبل به زعيما لها، بل هو يشتري انتماء أي كيان لصالح (للا فكر القذافي) ليتزعمه حتى لو في المريخ، فالأصل في الأمور عنده هو تثبيت موقعه في الريادة والقيادة والتمايل على الهتافات حيث كان دوما ينتقل كراقصة بين العروبة والأفرقة والعولمة والقبائلية ليؤدي وصلاته الهزلية، ولا مانع لديه أن يتعاون مع الشيطان أو مع (إسرائيل) كما كان في السابق على الأغلب وكما يحاول الآن لكي ينقذ عرشه.

 

صانع أزمات بامتياز ومثيرا للتناقضات ولا مبدأ يحكمه ولا ثوابت لديه، فهو مخترع النظرية الثالثة ومؤلف الكتاب الأخضر ومضامين النظرية والكتاب معا لا ترقى إلى مستوى أغنية لشعبان عبدالرحيم مثلا، إذا لا عجب إن وقع الشعب في إشكالية بناء الخطة الكاملة لمقاومته هو وعائلته وحاشيته التي أصبحت جزءا من شخصيته وإكسسوارا مكملا لهيئته فقط، فالفعل يجب أن يقابله رد فعل مساوي له ومعاكس له بالاتجاه ولكن بحالة القذافي فيتوجب تجهيز أكثر من مائة رد فعل بمائة اتجاه ، فهولا يقاتل كالرجال ولا يهادن كالرجال ولا يفكر كالرجال.

 

فهو كالجنّي الذي تلبّس الشعب الليبي وأصبح يتصرف وبقناعة داخليه منه كالمالك لشخصياتهم وعقولهم وقلوبهم طالما استولى على مقدراتهم وتاريخهم وحاضرهم ولا يردعه شيء وينسل من بين كل شيء لضمان بقائه كما يتخيل (ملك ملوك الإنس والجان)، ومن انفك عنه اللبس من الشعب الليبي وتحرر من هيمنة (اللا فكر القذافي) فقد انتعش بنشوة الحرية المختلطة بحب الاستطلاع بالحياة بدون قذافي فأصبح هائما يبحث عن ما بعد القذافي في الصحراء وخلف المدافع وبين الأشجار ومطلبه الوحيد أن يعيش بلا قذافي أو يموت بلا قذافي أيضا.

 

 

إذا انه القذافي.. تعبير انتقل من الأسماء للصفات فهو سمة أي شيء غير مفهوم وغير منطقي وحالة خاصة جدا لم نستطيع أن نعرفها بعد أكثر من أربعة عقود قبض خلالها على ليبيا بين فكيه فامتصها وطفق يتحرك كالقرد الممسوس على صفحات الوطن العربي يقلبها ويخربها ويعيث بالساحات فسادا، ويقع على الشعب الليبي الهم الأكبر الآن فعليه أن يلغيه من مستقبل ليبيا لكي يكون هناك مستقبل لهم وعليهم أن يمزقوا كل صفحات تاريخ هذا الأعور الدجال الذي لم يقرر بعد أن ينهي الخراب بل بدأ بتطويره ليصبح تخريبا لبواقي الخراب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات