افتتاح معركة الرئاسة في لبنان


جراسا -

بات واضحا أن الحديث عن حكومة لبنانية جديدة في ما تبقّى من ولاية الرئيس ميشال عون، ذهب أدراج الرياح، ويسود الاعتقاد بأن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، لن ينجح في تنفيذ مهمّته من جرّاء الإشكالات والالتباسات الكثيرة القائمة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون التي عبّر ويعبّر عنها رئيس «التيار الوطني الحر» الذي أسّسه صهره النائب جبران باسيل سواء مباشرة أو بواسطة نوّابه.

افتتاح معركة الرئاسة

وتشير الدوائر السياسية والحزبية في بيروت، إلى استبعاد تشكيل الحكومة الجديدة، إذ دخل الاستحقاق الرئاسي بقوة فارضاً نفسه مع اقتراب شهر سبتمبر/ أيلول، موعد الانطلاق الدستوري للاستحقاق الرئاسي..واعتبر عضو تكتل «الجمهورية القوية»، النائب نزيه متى، أنّ معركة الرئاسة فُتحت منذ أكثر من شهرين، موضحا أنّه «كلما تقدمنا باتجاه إنجاز هذا الاستحقاق كلما أصبحت المعركة محتدمة أكثر».

البحث عن مواصفات الرئيس اللبناني
ومع بدء معركة الرئاسة، انطلق الحديث عن مواصفات الرئيس الجديد.. ويؤكد النائب نزيه متى، أنّ مواصفات رئيس الجمهورية التي يتمسك بها حزب القوات اللبنانية أصبحت معروفة جدًا، وهي أن يكون شخص الرئيس لبنانيًا مئة في المئة، غير مرتهن لهذا الطرف أو ذاك، وأن يكون مؤمنًا بلبنان الـ ١٠٤٥٢ كيلومترًا مربعًا بكامل سيادته بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وأن يكون توافقيًا بمعنى الحفاظ على سيادة واستقلال لبنان من دون تفريط وارتهان لأي كان، وهو ما نشدد عليه بالمعنى التوافقي.

ويقول النائب متى: إن القوات اللبنانية ترفض أي رئيس يُدخل لبنان في النفق ست سنوات جديدة، لأننا سئمنا من الرؤساء الذين يحملون هذه المواصفات ولم نعد نقبل الانتظار أكثر.
الشعب يحتاج هذا الرئيس


ومن جانبه، شدّد البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، على أنّ الشعب يحتاج رئيسًا يسحب لبنان من الصّراعات، «ولا يجوز في هذه المرحلة أن نسمع بأسماء مرشحة من هنا وهناك ولا نرى تصوّرًا لمرشح»..ويرى البطريرك الراعي، أن من أهم مواصفات الرئيس الجديد، أن يكون مؤمنا بـ «الحياد الناشط» للبنان..وأضاف الراعي في عظة اليوم الأحد : «لا يمكن أن نورّط البلد في صراعات الآخرين وليس الحياد موقفًا ظرفيًا إنما أسلوب حوار بنّاء».

رئيس قريب من شعبه ويتبنّى أحلامه
وفي نفس المسار.. دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوكس، المطران الياس عودة، مجلس النواب إلى أن يحزم أمره ويلتئم من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية المحددة..وقال في عظة الأحد: الرئيس الذي نريده هو رئيس قريب من شعبه، يعي هموم الشعب ويتبنّى أحلامه ويعمل على تحقيقها. عاشق لوطنه، ناذر النفس لخدمته، متخلياً عن ذاته وأنانيته. صاحب هيبة يعيد للدولة هيبتها وسيادتها واستقرارها، ويحسن قيادتها بحكمته وعلمه وخبرته لا بأتباعه. رئيس يعيد للبنان مركزه في قلوب أبنائه أولاً، ثم في محيطه والعالم، يبني مستقبله على ركائز متينة لا تزعزعها أدنى العواصف، صاحب رؤية واضحة وشخصيّة قوية بتواضع، يحسن اختيار وقيادة فريق عمله، يستبق الأحداث ويستشرف المستقبل.

وأضاف في توصيفه لمواصفات الرئيس الجديد: أن يكون شجاعا حيث تدعو الحاجة، ووديع حيث يجب، لا تحيّز عنده ولا انتماء إلا للبنان، يحترم الدستور والقوانين ولا يتساهل مع من يخالفها، يطبّق المبادئ الديمقراطيّة، يحترم القيم ولا يساوم أو يتنازل عن حقّ.

باختصار، نحن بحاجة إلى رئيس متحرّر من أثقال المصالح والارتباطات، يضع مصلحة لبنان نصب عيبيه، ولا يعمل إلا من أجل تحقيقها، فيلتفّ الشعب حوله ويقتدي به.
ابن بيئته وممثلاً لوجدانها
وبينما يؤكد النائب جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وصهر الرئيس ميشال عون، أن في مقدمة مواصفات رئيس الجمهورية الجديد، أن يكون ابن بيئته وممثلاً لوجدانها، وأن يُمثّل جميع اللبنانيين..لافتاً إلى أنّ مواصفات الرئيس مهمّة وتمثيله السياسي مهم أيضاً، ويجب أن يملك كتلة نيابية وازنة، ويجب أن يكون مقبولاً من الفرقاء الآخرين، لا أن يُفرَض على طائفته بل أن تختاره هي.

ويرى باسيل، أنّ «إنتخابات الرئاسة لن تأتي بالتغيير الكبير، ولكنّ هذا الاستحقاق واجب ويجب أن يحصل في موعده»..مؤكدا رفضه «لفرض أيّ رئيس من الداخل أو الخارج».




لا منقذ ولا مدير أزمة بل رئيس يحافظ على الدستور

ويرى المحلل السياسي اللبناني، غسان صليبي، أن معظم الأطروحات التي تتكلّم عن مواصفات الرئيس القادم، تريده إمّا منقذًا وإمّا مدير أزمة، والصفتان المتناقضتان، لم يلحظهما الدستور اللبناني، الذي لا يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات، لا لإدارة الأزمة ولا لإنقاذ البلاد.. فرئيس الجمهورية هو جزء من السلطة الإجرائيّة التي وضعها الدستور بيد الحكومة مجتمعة، وإذا ترأّس اجتماعها، فلا يحق له التصويت. الصلاحيات الرئاسيّة التي نصّ عليها الدستور تترجم هذه القاعدة العامة، التي تلزمه المرور عبر مجلس الوزراء أو مجلس النواب ليكون لرأيه تأثير. فكيف يمكنه في هذه الحالة أن يكون منقذًا أو مدير أزمة؟

لكن في المقابل، كلّفه الدستور بمهمتين أساسيّتين تحتضنان جميع الصلاحيات وتجعل ممارستها ممكنة: «احترام الدستور» و«الحفاظ على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقًا لأحكام الدستور»..وتظهر خصوصية هاتين المهمتين في النص الدستوري عندما يقول إن لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته «إلاّ عند خرقه للدستور أو في حال الخيانة العظمى».
محور مواصفات الرئيس: «قدرته على احترام الدستور والحفاظ على الاستقلال»

ويؤكد الباحث السياسي اللبنانس غسان صليبي، أنه على ضوء ذلك كلّه، يمكن القول إن مواصفات الرئيس يجب أن تتمحور حول «قدرته على احترام الدستور والحفاظ على الاستقلال». وفي هذا السياق، تبدو المطالبة بأن يكون للرئيس برنامج سياسي- اقتصادي – مالي – اجتماعي، أو أن يكون ترشيحه من مجموعات النواب على هذا الأساس، هي في الواقع غير ذات معنى دستوريًّا، إذ لا صلاحيات له في هذه المجالات.

الأخطر من ذلك، أن الإصرار على وجود برنامج كهذا، ووضعه كشرط لتأييد المرشّح أو لعقد تحالفات دعمًا لهذا المرشّح أو ذاك، يصعّب الإتفاق على شخصيّة ويزيد احتمال انتخاب مرشّحي السلطة الحالية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات