إسرائيل تمر بزلزال عنيف


إن سياسة التمييز العنصري ووحشية الممارسات القمعية التي تتبعها حكومة (لابيد بينيت) بحق الشعب الفلسطيني، لا تزال تتواصل وبشكل خطير وعلني في ظل صمت دولي وضعف عربي، أسهم بتشجيع جيش الاحتلال على تصعيد أعمالها الإجرامية ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل، والتي تهدد السلام والأمن في المنطقة، كما تشير تقارير المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان، والذين اكدوا على ان إسرائيل أصبحت اليوم أكثر استعجالا لتنفيذ سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي من خلال ارتكاب المزيد من الاعتداءات والعدوان والمجازر والانتهاكات ضد شعبنا، في سبيل توسيع رقعة الاستيطان.
وبحسب بعض الخبراء فان الكثير من الحقائق والمعطيات الحالية تشير إلى إن الحكومة الإسرائيلية، ستسعى وبشكل حثيث إلى مواصلة خططها الاستعمارية وسياساتها القمعية التي ستتواصل بوتيرة عالية في الفترة المقبلة،وخاصة بعد تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح دولة فلسطين، واعتبار الاستيطان الإسرائيلي غير مشروع ويجب وقفه.
الحكومة الإسرائيلية تستفيد من الوقت الحاضر، وخصوصا وان الدول والعالم مشغولان بأوضاعهما الداخلية، وبالكثير من المشاكل والتوترات التي تعترض بيتهم الداخلي، وخاصة في أوروبا وروسيا مما ابعد ملف القضية الفلسطينية عن دائرة الاهتمام العربي والعالمي في الوقت الحاضر، بينما يرى مراقبون آخرون بأن سياسة الحكومة الإسرائيلية، التي أصبحت مصدر إزعاج عالمي بسبب تجاهلها للقرارات والمواثيق الدولية، ربما ستكون سببا في عزلة وانهيار الكيان الصهيوني الغاصب، الذي يواجه اليوم موجة احتجاج وضغوط، تقوم بها بعض المنظمات والمؤسسات الحقوقية وحتى دول صديقة وشقيقة، تصاعدت حدتها في السنوات الأخيرة وكانت سببا في إجبار بعض الدول على اتخاذ خطوات وقرارات مهمة تجاه عزلة إسرائيل.
حتى الآن يلف الغموض مستقبل السياسة التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرف في الكيان الإسرائيلي خاصة بعدما جربت كل تكتيكاتها الميدانية التي أخذت طابع التصعيد المتفاقم عن طريق التصعيد والعدوان المستمر على شعبنا الفلسطيني، في إطار سياسة القبضة الحديدية للقضاء على الشعب الفلسطيني وقيادته الفلسطينية في محاولة منها لمنع الشعب الفلسطيني من تحقيق أي إنجازات سياسية على أرض الواقع.


التصور الإسرائيلي الأرعن هو السبب المباشر خلف تمرس الزعران في حكومة اليمين المتطرف وراء ضرورة إجراء هدنة طويلة الأمد مع الأطراف الفلسطينية، ومن ثم النظر إلى إمكانية إجراء مفاوضات سياسية مع الجانب الفلسطيني.
غانتس أحد أبرز مقاولي الحروب يقود كيانه والمنطقة جمعاء إلى الهاوية، وحكومته الحالية هي بالأساس حكومة ( حرب وعدوان ) وفق كل المقاييس، فخطوط الأساس التي انتصبت عليها هذه الحكومة المتطرفة سدت منافذ السلام مع الفلسطينيين بصورة محكمة.
ففي كل الزيارات التي يقوم بها لابيد يحاول أن يسوق بضاعة القوى الظلامية الإسرائيلية الفاسدة بأن السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة دموية وإرهابية ويجب القضاء عليها وهي لم تعد شريك مع إسرائيل، هذا في الوقت الذي شاركت فيه كل المستويات في الحكومة الإسرائيلية ضد عملية السلام، فوزير الجيش في إسرائيل وصف الرئيس أبو مازن بالعدو الشرس واللدود، أما وزير المالية ليبرمان فقد وصف القيادة الفلسطينية بتنظيم القاعدة، وهذا الهذر الإسرائيلي لم يأت من فراغ بل في نطاق خطة الحكومة الإسرائيلية لتصفية القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، حيث شاركت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على نطاق واسع في حملة التضليلات للرأي العام الداخلي والخارجي بصورة مكشوفة.
ولا نستغرب إن ينبذ لابيد العهد الذي وقعه أسلافه فهذا أمر متوقع، وينسجم مع الوصف الإلهي لطبيعة بني إسرائيل، الذي وصفهم سبحانه وتعالى بقوله، أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم" (صدق الله العظيم) وهذا ينطبق على جميع الرؤساء السابقين في تعاملهم مع الشعب الفلسطيني وقضيتهم المركزية.
إن التحديات التي تواجه مسيرة التسوية واضحة وضوح الشمس، وتتمثل في عدم التزام الطرف الإسرائيلي بما وقعوا عليه من اتفاقيات وتعهدات، في محاولة فرض أملاءات وشروط تستهدف تحقيق توقعات الشعب الفلسطيني وهو الأمر الذي يعيد إلى الأذهان تلك التحديات التي واجهتها القيادة الوطنية الفلسطينية خلال حقبة حكم البلدوزر الإسرائيلي أرائيل شارون، ومن بعده المتطرف أيهود اولمرت والدموي نتنياهو.
إن الشعب الفلسطيني الذي يتمسك بخيار وحق المقاومة ويمد يده للسلام العادل والشامل، يتطلع بكل مسؤولية وطنية وتاريخية لنجاح كافة الجهود الإقليمية والدولية والعربية المبذولة للخروج من دائرة الأزمة والصراع، ولقد أعطت القيادة الفلسطينية الفرصة لإنجاح هذه الجهود أكثر من مرة من أجل وضع حد للسياسات الإرهابية والأعمال الإجرامية الإسرائيلية.
إن لابيد والذي يحاول أن يجردنا من بعض أسلحتنا الدفاعية في المجال الدولي والدبلوماسي إلا من عزيمتنا وإرادتنا المتينة، بحكم إنتمائه لحزب الليكود المتطرف، فان مواجهته ستكون أكثر دقة في هذه المرحلة العصيبة التي نمر بها.
ولكنها تتركز على مجموعة عوامل رئيسة.
أولا: عدم التراجع عن أي موقف مبدئي تقرر القيادة الفلسطينية تنفيذه، وفي مقدمة ذلك عدم استمرار التفاوض في ظل استفحال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية
ثانيا: تفعيل وتعزيز الحوار الوطني بالطرق الديمقراطية والسلمية في الحياة الفلسطينية لترتيب البيت الفلسطيني على كافة الصعد، وتوحيد الخطاب السياسي على أساس برنامج الوفاق الوطني.
ثالثا: حشد كافة الإمكانيات لمواجهة التحديات الماثلة واستكمال المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق الحقوق المشروعة في الحرية والتحرير والعودة والاستقلال الوطني الكامل.
رابعا: حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة والتمسك بخيار المقاومة، ووضع خطة فلسطينية للتحرك السياسي الشامل
ما من شك أن من واجبنا أن نقيم الظروف جيدا، وأن ندرك المخاطر جيدا، وهو الأمر الذي يتطلب أمانة المراجعة لما هو سلبي، والاستمرار فيما هو إيجابي.
ومن البداية يجب أن ندرك ونؤكد على ما يلي
أولا: إن الخط النضالي والمقاومة المشروعة للاحتلال هو الخط الأساسي لصمود ووحدة الشعب الفلسطيني
ثانيا: ان تنقية هذا الخط من الشوائب في التفاصيل هنا وهناك، ومن سلبيات في الأداء هنا وهناك وهو أمر أساسي.
ثالثا: يجب ان نلتزم بقيمنا النضالية من ناحية، وبضبط الأداء والتكامل من الناحية الأخرى، بكل معانيها، لأن القيم النضالية الإنسانية هي من خصائص النضال العادل، ولأن ضبط الأداء من مستلزمات خوض الصراعات.
فلا يجوز أن تتعارض المجهودات، ويجب أن تصب جميعها في اللحظة المطلوبة في قناة التوجه المطلوب، وإلا فإن تعارض المجهودات يؤدي إلى تدمير إمكانيات الإنجاز أو الحصاد ويرتد بالنتائج السلبية.
وعلى الجميع في المجتمع الدولي والإقليمي والعربي، أن يدرك أن أوراق قوتنا الأساسية ما زالت بأيدينا وأن القيادة والشعب الفلسطيني غير قابل للخضوع أو الإنحاء أو الاستسلام، وأن الحرب النفسية ومحاولات الترهيب والترغيب والتدمير المعنوي وترهات بعض الطروحات في مزادات التخبط السياسي والإشاعة والتخويف، هي زبد سيذهب جفاء، وهي أعراض سيغمرها بحر الرسوخ الفلسطيني.
وعلى الجميع في هذا العالم، ان يدركوا ان قضية فلسطين والشعب الفلسطيني لا تنتهي إلا بالعدل، وان العدل وحدة هو الأساس للسلام والاستقرار والأمن.
اذن علينا أن نجيد اكتشاف الخط الدقيق بين اعتبارات متناقضة وبين نزعات خاطئة، سواء ذات اليمين أو ذات الشمال، وأن تستمر في الصمود وفي رسوخ الإرادة والتصميم، وأن ندرك إنه كلما أقترب الفجر احتدم الصراع.
*آخر الكلام/
إن القيادة والشعب الفلسطيني يثبتون في كل يوم صلابتهم وقوتهم وقوة موقفهم، النابع من ثباتهم على الحق وإيمانهم بقضيتهم العادلة.
*الاعلامي والباحث السياسي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات