هل توقف بدائل العقوبات السالبة للحرية عدوى الجرائم؟


جراسا -

مع إقرار مجلس الوزراء أخيرا لنظام وسائل وآليات تنفيذ بدائل العقوبات السالبة للحرية، أعرب قانونيون عن تفاؤلهم بالتوسع على نحو أكبر جهة التدابير المجتمعية والرقابة الإلكترونية.

واعتبر هؤلاء أن ما شملته التعديلات في المادة (25) من قانون العقوبات وصدور النظام، سيسهم بحماية مرتكبي الجنح غير القصدية وغير المكررين من العدوى الجرمية، فضلا عن توفير بيئة أفضل لتقديم برامج إصلاح داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، نتيجة لتخفيف الضغط على السجون.

وكان مفهوم بدائل العقوبات السالبة للحرية، قد أدخل إلى قانون العقوبات في تعديلات 2017، لكن في العام 2022 جرى تعديل القانون مجددا، بما شمل التوسع بتطبيق العقوبات البديلة، ونصت المادة بعد التعديل في الفقرة (أ) على أن “للمحكمة في الجنح، وبناء على تقرير الحالة الاجتماعية، فيما خلا حالة التكرار أن تقضي حتى وإن اكتسب الحكم الدرجة القطعية ببديل أو أكثر من البدائل التالية، الخدمة الاجتماعية، والمراقبة المجتمعية والالكترونية وتحديد حركة المحكوم عليه”.

وعرفت المادة الخدمة المجتمعية، بإلزام المحكوم عليه وبموافقته، القيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة، ولا تزيد على 100 ساعة، على أن يجري تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة.

كما كان مجلس الوزراء، أقر الأسبوع الماضي نظام وسائل وآليات تنفيذ بدائل العقوبات السَّالبة للحريَّة لسنة 2022، ويأتي النظام لتحديد وسائل وإجراءات تنفيذ الحُكُم ببدائل العقوبات السَّالبة للحريَّة، وفقاً لأحكام المادة (25) من قانون العقوبات، وتحديد آليَّة اعتماد الجهات التي تُنفَّذ لديها بدائل لهذه العقوبات، وإجراءات استبدال عقوبة الحبس ببدائلها، بعد اكتساب الحكم الدَّرجة القطعيَّة.

كما يحدِّد النِّظام، مهام وصلاحيَّات المديريَّة المختصَّة بوزارة العدل، والجهات المعتمدة في تنفيذ بدائل العقوبات السَّالبة للحريَّة المحكوم بها.

من ناحيتها، توضح المحامية لين الخياط، أن تعديلات قانون العقوبات في 2017، وما جرى عليها من تعديلات تخص بدائل العقوبات غير السالبة للحرية، كانت بمنزلة التجربة لقدرتنا على تطبيقها، معتبرة بأن التجربة أثبتت أنه في الجنح غير القصدية ولغير المكررين، كان أثر العقوبات غير السالبة للحرية جيد، وحقق شكلا من أشكال الردع الخاص لهم، دون ان يفقدوا اعمالهم او حياتهم العامة.

وبشأن التعديل الاخير على قانون العقوبات، أوضحت خياط ان هذا يأتي في السير لمواكبة التشريعات والاختلاف في الرؤية، بتحويل العقوبات من اداة ردع لأداة إصلاح، وايضا تحقيق هدف عدم الاكتظاظ في مراكز الاصلاح، لضمان جودة البرامج الاصلاحية التي تقدم بخاصة للمجرمين المحكومين بمدد طويلة، بالاضافة لضمان تقليص اختلاط اصحاب الجنج البسيطة او غير القصدية بهذه التجربة.

ولفتت الى ان التعديلات الاخيرة، دفعت بأن يخطو المشرع خطوة أخرى للأمام، ففصلت بين وقف التنفيذ والعقوبات المجتمعية، بينما في 2017 كان يصدر وقف تنفيذ ثم عقوبة مجتمعية، وهو ما كان ممكن اعتباره ازدواجية في العقوبة، كما جرى التوسع لتطبيق البدائل في الجنايات التي حكمها اقل من سنة لغير المكررين، وهذا امر جيد ايضا، بالإضافة لإحالة اختصاص تعيين مرجعية أين تمضى العقوبة والإشراف عليها لدى قاضي الموضوع الذي أصدر القرار.

وتشير خياط الى أن جزئية التدرج بتطبيق البدائل كان امرا ضروريا، كذلك لتقييم التجربة، وفي المحصلة، رأت ان التوسع في هذه التدابير، يخفف من اكتظاظ السجون، ويوفر تجربة جديدة ضمن منهجية العدالة الاصلاحية.

من ناحيته، يوضح المستشار القانوني لمنظمة “محامون بلا حدود” معاذ المومني، أن نظام وسائل تطبيق بدائل العقوبات السالبة للحرية، جاء تنفيذا لقانون العقوبات المعدل الصادر في الجريدة الرسمية في أيار (مايو) الماضي، وصدر هذا النظام لتحديد العقوبات المجتمعية وأسلوبها وأسلوب الرقابة الإلكترونية.

ويقول “نحن بحاجة لتطبيق واقعي وتفعيل لهذه البدائل”، لافتا الى أنه في السابق وضع دليل لبدائل العقوبات، لكن التطبيق كان متواضعا على أرض الواقع، معتبرا أن النظام الجديد سيسهل على المواطنين والقضاة والمحاكم، ويخفف اكتظاظ السجون والإنفاق ماليا على نزلاء في مراكز الاصلاح.

ويلفت الى أن كثيرا من الجنح المرتكبة ذات طابع بسيط، هي جنح ومخالفات، وتطبيق النظام سيؤتي أوكله ويؤثر إيجابا على المجتمع إن أحسن التطبيق والتنفيذ، مشيرا الى ان فكرة العقوبات البديلة ليست جديدة في قوانين العقوبات، فهي في اكثر من قانون في المنطقة والإقليم، لكنها مستحدثة في قانون العقوبات 2017 وتعززت في تعديلات 2022.

ويختم المومني بالقول إنه “اذا طبقت وفق قواعد ومعايير جودة منضبطة، فستعود إيجابا على المجتمع وتعزز قيم العدالة والإنصاف، وحتى الأشخاص غير المكررين سيستفيدون من هذه البدائل، ومن ثم ستكون الفائدة اجتماعيا ولخزينة الدولة، فضلا عن عدم سلب الحرية.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات