سقوط مع سبق الإصرار


حين نطالع الأسباب التي أدت الى سقوط الأندلس بيد الإسبان؛ من الممكن أن نجملها في أسباب ثلاث فقط لا غير، السبب الأول هو التخاذل الداخلي؛ وهو أن يتكاسل أهل البلد في الدفاع عن وطنهم وأعراضهم ودينهم أمام المحتل الإسباني الغاشم، الذي لم يرحم المدن التي دخلت تحت رايته.

أما السبب الثاني فهو الخيانة على مستوى الأفراد والقادة؛ وتمثل ذلك بإتفاق محمد بني الأحمر ووزراءه مع ملوك إسبانيا بتسريع عملية الدخول الى غرناطة والسيطرة عليها قبل أن تبدأ المقاومة الداخلية بتنظيم صفوفها، وحينها سيصعب السيطرة عليهم.

أما السبب الثالث فهو الخذلان الخارجي؛ وإني لأستغرب أين كانت جيوش المسلمين في عام 1492 للميلاد وقبلها؟ أين كانت جيوش الإمبراطورية العثمانية التي كانت في أوج قوتها، خصوصاً بعد أن إستغاثت الأندلس بإسطنبول أيام السلطان محمد الفاتح، والسلطان بايزيد الثاني، وأين جند المماليك في مصر، وأين جيوش الشام والمغرب العربي؟

سقطت الأندلس، ومنذ ذلك الوقت ما زلنا نتنقل من سقوط الى آخر، وإذا كان أجدادنا القدماء قد فرطوا في الأندلس فلقد فرطنا في فلسطين وعاصمة الرشيد، والكثير من الدول العربية والإسلامية أصبحت آيلة للسقوط للأسف.

تتكرر المأساة مع كل حرب على غزة، وكذلك تتكرر التساؤلات في ذهني: أين جيوش العرب والمسلمين؟ أين تلك الأسلحة التي ندفع مئات المليارات لشراءاها؟ أم هي فقط لقتال إخواننا؟ أين يختبئ 2 مليار مسلم لو صاحوا لأماتوا العالم كله من الرعب؟ ولو أوقفوا تصدير البترول لعاد العالم الى العصور الوسطى.

إن المتأمل في التاريخ يعلم جيداً أنه يُعيد نفسه كل فترة، فأسباب سقوط الأندلس منذ أكثر من خمسة قرون هي ذاتها أسباب سقوط فلسطين بيد اليهود، وهي ذاتها التي تمنعنا من نصرة إخواننا في غزة، أو التي منعتنا من الوقوف الى جانب أهلنا في العراق ولبنان، وهي ذاتها التي منعتنا من الإعتراض على تقسيم السودان، أو تدمير اليمن، أو إجاعة الصومال، أو إخضاع سوريا.

تأكد دائماً أن الخيانة الداخلية، والتخاذل الداخلي والخذلان الخارجي هي الأسباب الرئيسة لهذا السقوط ولكل سقوط، ولن نتمكن من رد الظلم والعدوان عن أهلنا في فلسطين عموماً وغزة خصوصاً إلا إذا تخلصنا من جميع أشكال الخيانة الداخلية والخارجية والتنسيق الأمني مع الاحتلال والجواسيس من أبناء جلدتنا، وتحديد أماكن المقاومة لإستهدافها، وقطع الإمدادات عنهم لإخضاعهم وتجويعهم.

ولن يتوقف السقوط إلا إذا آثر أهلنا في الداخل الفلسطيني مصلحة بلادهم على مصالحهم الشخصية، وتركوا العمل مع اليهود ولليهود وخدمتهم وتسهيل إحتلال البلاد عليهم، وإلا من تعتقد أنه يقوم ببناء المستوطنات وعمارتها لليهود، أليسو من أبناء جلدتنا؟

ولن نتمكن من نصرة إخواننا إلا إذا كان قرارنا بأيدينا، نستخدم الأسلحة في حرب أعدائنا، وندافع بها عن أنفسنا، لا أن نستهلكها في حروب بالوكالة عن أسيادنا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات