"الإصلاح الاداري" تدمير وليس تحديث ولم يحاكم المرحلة السابقة !


جراسا -

خاص -  أثارت توصيات لجنة تحديث القطاع العام، مخاوف الأردنيين تجاه مستقبل عملية الاصلاح (السياسي والاقتصادي والإداري) برمتها بسبب "العشوائية" والتخبط وأحيانا قلة الدراية بخوابي القطاع العام عبر معالجات اللجنة للإصلاح الاداري، وهو أحد اركان تحديث القطاع العام.

مقترحات اللجنة أغلبها قديم ومكرر وجزء منها مثير للجدل بسبب "عدم قابليته للتطبيق" وغياب المعرفة لدى خبراء اللجنة "المصغرة-المنفذة " بحقيقية القطاع العام الأردني ولم تعالج أسباب انهيار منظومة العمل الإداري بعدما كانت مضرب المثل في دول الإقليم والمنطقة لأن  من وضعها من خبراء -على احترام علومهم- إلا  أنهم  ارتكزوا على نماذج خارجية لا تتشابه مع الواقع الأردني ولا حتى تلامس همومه وقد تكون هذه - القشة التي قسمت ظهر البعير -!

التوصيات والحلول والمراجعات من خبراء اللجنة استحضرت نماذج من دول خارجية، لا تتشابه بما يجري في الأردن ودون احتساب حقيقة ما يجري في القطاع العام من ترهل وفساد وتسلل أشخاص  غير كفؤين بل معاقبة المبدعين أحيانا وكذلك دون النظر إلى  تعديل نظام الحوافز والعقوبات الإداري  ومحاربة الواسطة والمحسوبية والرشوة التي تسللت الى القطاع العام بفضل عدد غير هين من رؤساء أقسام ومدراء تنفيذين وأحيانا وزراء على مدار عقود بدأت منذ 1994 ولغاية اللحظة.

الأهم هو أن  التوصيات لم تتطرق لتقييم المراحل السابقة من هيكلة وغيرها ومعرفة الخلل في الخطط السابقة لترشد مسؤولي الدولة لمحاكمة هؤلاء عن الاضرار التي تسببها بها للأردن وشعبه!

المقصود بالإصلاح الإداري هو فكفكة بعض الوزارات والإدارات أو فك ارتباط بعض المؤسسات، أو دمج بعضها، بعد تراجع في الأداء، أو تدني في الإنتاجية، وارتفاع كبير في كلف الحكومة، على دافعي الضرائب، وهو ما كان يحصل طوال عقود طويلة، فيجب أن ينصب الإصلاح الإداري على معالجة الخلل في الطاقة الاستيعابية والمعرفية للدوائر والموظفين، وكيفية تطوير أدائهم  وقدرتهم على خدمة المواطنين وتطوير سلوكهم، ووضع حد للفساد والفاسدين منهم وكف يدهم عن العمل بالشأن العام ، وتشجيع الموظف المتميز، ووضع شروط لمن يستحقون الترقية، ووضع مواصفات واضحة لمن يتولون المناصب الإدارية في الدوائر والوزارات الحكومية، فبحسب خبراء فإن إلغاء  وزارة العمل، يخلق تناقضا واضحا ومبررا للهجوم على هذه المخرجات، والآن بدأت التساؤلات عن لمصلحة من تتخلى الحكومة عن العمل؟ ومن ينظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال؟ وما هي الرسالة من اتباع التدريب إلى التربية والتعليم التي تدمج مع وزارة سيادية أخرى هي التعليم العالي وزيادة الأعباء على هذا القطاع المثقل بالمشاكل مع تبديل للاسم؟! وهل ستقوم وزارة التربية بإيجاد فرص للمواطنيين؟ وهل ستقوم التربية بتنظيم العلاقة بين العامل ورب العمل؟ وفي ظل ذلك وماذا سيحل بالطلاب؟ وماذا بشأن  المنتج التربوي و الأكاديمي ؟ وماذا بشأن التعليم الالزامي وتسرب الطلاب من المدارس؟ أي تحديث هذا وأي سياسة تلك!

توصيات اللجنة الحكومية، أثارت الخبراء قبل الموظفين، بعدما اقترحت نقل الضمان الاجتماعي ليكون تحت مظلة وزارة الصناعة والتجارة، بمعنى نعطي حقوق العمال كي يشرف عليها الوزير وينظم العلاقة مع أرباب  العمل ورجال الأعمال!، فيما تلحق تصاريح العمل إلى وزارة الداخلية، غير المختصة، باحتياجات المملكة والقطاعات المختلفة للعمالة غير الأردنية!

أما  الربط "الغريب والعجيب "من دمج الأشغال  بوزارة النقل، تسطيح دور وزارة الأشغال في بناء الطرق والنقل هي المسؤولة عن النقل على الطرق، أي عبث هذا، فالنقل يشمل المطارات والطيران، والنقل البحري والموانئ البحرية، والنقل البري ونقل البضائع، كي يكون الأردن حلقة وصل مستقبلية لسلاسل التوريد التي يهتم فيها العالم اجمع، وغير صحيح أن  وزارة الأشغال  مسؤولة فقط عن الطرق ولكن صيانة الطرق، وبناء مشروعات البنى التحتية من عبارات وجسور ومبان حكومية من مدارس ومستشفيات ووضع مواصفات البناء تطبيق "الكود"الأردني.

"الرجاء أن توقفوا هذه الدعابة، وأن تعيدوا النظر فيما أنتم قادمون عليه.." بهذه العبارة ختم البيروقراطي الفذ نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني في مقال  له نشره حول توصيات لجنة تحديث منظومة القطاع العام وعدّد مساوئ الخطة الحكومية مطالبا بعدم الأخذ بتوصية إلغاء  وزارة العمل وإلحاق  الضمان بوزارة الصناعة والداخلية وعدم إضافة أعباء وزارتي التربية والتعليم و التعليم العالي، مقترحا إنشاء  وزارة للصناعة مع الطاقة والتموين مع الزراعة، بحسب تقارب الاختصاصات.

كما أن  السلبيات وراء إلغاء  وزارة العمل، و لا تتوقف آثاره  السيئة على قطاع العمل والعمال والحماية الاجتماعية، وإنما  يصل إلى  الضمان الاجتماعي من حيث الإخلال بالعلاقة المتوازنة ما بين أصحاب العمل والعمال، لتيسير شمول العمال بمظلة التأمينات الاجتماعية، رغم تجاوزات أحيانا وقضايا السلامة والصحة المهنية وحوادث وإصابات العمل، فالضعف الذي سيصيب مشروع استراتيجية وطنية للسلامة والصحة المهنية التي من المفترض تقوم على تنفيذها وزارة ومؤسسة الضمان بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص، بسبب إلغاء وزارة العمل.

كما يتسبب إلغاء وزارة العمل، إلحاق  الضرر بسياسة الأجور، بحيث تترك دون متابعة أو رقابة، ما يؤدي الى تجاوزات خطيرة فيه كما ينعكس على مدخلات مؤسسة الضمان الاجتماعي نفسها.

سيضعف إلغاء  وزارة العمل، دور النقابات العمالية بصورة أكبر مما هو عليه الآن وستفقد هذه النقابات مظلتها التي تلجأ إليها كلما تعرض العمال لخطر التهديد أو الاضطهاد والظلم، وهذا بدوره سيُفقِد ممثلي الاتحاد العام لنقابات العمال الأربعة في مجلس إدارة مؤسسة الضمان بعض دورهم وتأثيرهم، وبالمقابل يعزز تأثير ونفوذ ممثلي أصحاب العمل الأربعة من غرف الصناعة والتجارة، ما يؤدي إلى إخلال في توازن المجلس وأدائه لمهامه وهو ما سيترك أثراً سلبياً على عمل المؤسسة ومهامها ومسيرتها.

يُعرض إلغاء  وزارة العمل صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي  للتدخلات الحكومية عندما تُنقل رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الضمان إلى وزير الصناعة والتجارة والتموين، من خلال اختلاط وتشابك رأس المال ومصالح أصحاب النفوذ من كبار الصناعيين والتجار، وفقا لخبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي، موسى الصبيحي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات