إيران لم تعد تخفي شيئاً " وإسرائيل "ترتجف


جراسا -

لم تعد إيران تتعب نفسها بممارسة الألاعيب. ففي بيان استثنائي الأحد الماضي، أعلن مسؤول إيراني كبير أن بلاده أصبحت قادرة على صنع قنبلة نووية إذا أرادت ذلك. وقال: "يمكننا بسهولة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة" وهو المستوى المطلوب لصنع القنبلة.

المسؤول الإيراني هو كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية، ومستشار المرشد الأعلى علي خامنئي. وقال خرازي إنه في حين أن إيران قادرة تقنياً على صنع قنبلة نووية، إلا أنها لم تقرر بعد أن تفعل ذلك.

وقال أيضاً إن طهران سترد بشكل مباشر على إسرائيل إذا عرّضت أمن إيران للخطر. وأضاف أن إيران أجرت تدريبات عسكرية تحاكي شن هجوم على مواقع حساسة في إسرائيل.

ويتطابق وصف هذا المسؤول الإيراني الكبير للتقدم النووي لبلاده مع التقييمات الإسرائيلية. وبالعودة إلى نيسان (أبريل) الماضي، أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس السرعة التي يمكن بها لإيران تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية، اذ قال إن الوصول إلى مستوى عالٍ من التخصيب لا يتطلب سوى قفزة واحدة أخرى، من 60 إلى 90 في المئة، وهذا يقع ضمن قدرة إيران.

يمكن أن تستغرق عملية إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عند مستوى التخصيب المطلوب أسابيع عدة. لكن بحسب مسؤولي الاستخبارات، فإنه حتى في ذلك الحين، ستظل إيران بحاجة إلى وقت طويل نسبياً (من عام إلى عامين بحسب التقييمات الغربية) لتحويل اليورانيوم إلى رأس حربي يمكن تركيبه على صاروخ باليستي - أي لتحويله إلى سلاح.

وبقدر ما هو معروف، فإن إيران لم تقرر بعد حتى استكمال الخطوة الأولى، ناهيك بالخطوة الثانية. لكن خرازي على حق: إنها مجرد مسألة اتخاذ القرار.

لم تقدم مؤسسة الدفاع أي تحليل واضح لبيان خرازي ليلة الأحد. لكن السياق الذي يجب أن يُنظر فيه إلى ما قاله هو زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل والسعودية، حيث أدلى بايدن ومضيفوه الإسرائيليون بتصريحات كثيرة حول إيران.

شدد بايدن على الخيار الدبلوماسي لإزالة التهديد النووي، لكنه وعد أيضاً بأن إيران لن تصبح قوة نووية في عهده (الوعد الذي يبدو أن تاريخ انتهاء صلاحيته في الوقت الراهن سيكون بعد عامين ونصف العام). وذكّر مسؤولون إسرائيليون كبار، بمن فيهم غانتس ورئيس الوزراء يائير لابيد، الضيف ومعاونيه بضرورة بقاء تهديد عسكري ذي صدقية مطروحاً على الطاولة، وأشاروا إلى أنه سيكون من الأفضل أن تكون أميركا جزءاً من هذا التهديد.

وكرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، ذكر الحاجة إلى خيار عسكري يوم الأحد، عندما كان بايدن متوجهاً إلى واشنطن. وقال في حفل تسليم الرئيس الجديد لقيادة الجبهة الداخلية إن "إعداد خيار عسكري ضد برنامج إيران النووي هو التزام أخلاقي وواجب من أجل الأمن القومي".

وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي سيواصل الاستعداد بقوة لمهاجمة إيران. والتحضير لعمل عسكري ضد البرنامج النووي هو محور استعدادات جيش الدفاع الإسرائيلي، ويتضمن مجموعة متنوعة من الخطط العملياتية، وتخصيص العديد من الموارد، وشراء الأسلحة المناسبة، والاستخبارات والتدريب".

اقتضى فيض البيانات هذا أن تردّ طهران علناً. وقد نسمع تصريحات مماثلة من مسؤولين إيرانيين كبار آخرين في المستقبل القريب.

هذه ليست بالضرورة أخباراً سيئة بالنسبة الى إسرائيل. إذ تكشف تصريحات خرازي عن التقدم النووي الإيراني أكثر مما كانت تفعله التصريحات السابقة. إيران لم تعد تخفي الأمر.

في خلفية ذلك، المحادثات جارية حول استئناف المفاوضات النووية بين إيران وخمس دول أخرى. وقد انتهت الجولة الأخيرة في قطر بخيبة أمل مرة أخرى، من دون إحراز أي تقدم. ومع ذلك، فمن المرجح أن تعود الأطراف إلى طاولة المفاوضات في الأشهر المقبلة، إذ إن إدارة بايدن لا تخفي رغبتها في القيام بذلك.

يعتمد احتمال التوصل إلى اتفاق نووي جديد (والذي لن يكون أفضل من اتفاق 2015 الأصلي الذي انسحبت منه أميركا عام 2018) على استعداد الولايات المتحدة وإيران لأن تكونا أكثر مرونة. وحتى قرار بايدن، الذي اتُخذ بناءً على دعوة إسرائيل، عدم رفع "الحرس الثوري" الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، لن يكون بالضرورة الكلمة الأخيرة في الصفقة النووية.


رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي

بالطبع، فإن النتيجة التي تفضلها واشنطن هي التوصل إلى صفقة جديدة. وسيتعين على بايدن في سبيل ذلك أن يأخذ نقطتين مترابطتين في الاعتبار. أولاً، ستجري الانتخابات النصفية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما رضا الأميركيين عن الإدارة منخفض بصورة استثنائية بحسب استطلاعات الرأي. ثانياً، ينبع الكثير من إحباط الناخبين من وضعهم الاقتصادي، لا سيما الارتفاع الحاد في أسعار الوقود (التي تراجعت قليلاً في الأسابيع الأخيرة).

لقد جاء بايدن إلى الشرق الأوسط خصيصاً لإقناع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بزيادة إنتاج النفط، وبالتالي المساعدة في خفض أسعاره، التي ارتفعت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن المفارقة أن إيران يمكن أن تقدم حلاً بديلاً. إذ من شأن التوصل إلى اتفاق نووي جديد أن يرفع العقوبات المفروضة عليها، ويمكّنها من زيادة إنتاجها النفطي، وبالتالي يساعد في كبح جماح الأسعار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات