تشكيل الحكومة اللبنانية "مجمّد"


جراسا -

تراكمات وتعقيدات ومشاحنات على الطريق بين (قصر بعبدا) الرئاسي، وبين (السراي) مقر رئاسة الحكومة اللبنانية، تشير إلى حقيقة «لا حكومة قريبا»، بحسب تفديرات الدوائر السياسية في بيروت، لأن «المعاندة والمكابرة»، وبمعنى «المكاسرة» كما يقولون في لبنان، بين رئيس الجمهورية، ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف، نجيب ميقاتي، ترسم العلاقة المشحونة بما هو مكتوم من مشاعر جفاء بين قصري السلطة التنفيذة (بعبدا والسراي)، وهي مشاعر بدأت تخرج عن إطارها السياسي المعهود، لتتحول شيئاً فشيئاً إلى مكاسرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، في ظل إصرار كل طرف على موقفه، في تركيبة الحكومة الجديدة.

وتفاعلات الأزمة الحكومية لم تنتهِ، ولن تنتهي قبل إنتهاء ما تبقَّى من أشهر الولاية المتبقية للرئيس ميشال عون.
مآزق تشكيل الحكومة

ولا يبدو أن قصر بعبدا والسراي الحكومي، بإمكانهما رأب الصدع وإعادة المياه إلى مجاريها، بعد اتساع الهوة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، بما يتصل بعملية تشكيل الحكومة التي وصلت إلى طريق مسدود، ولا تظهر مؤشرات من شأنها توقّع إعلان ولادة الحكومة في وقت قريب، بحسب المحلل السياسي اللبناني، عمر البردان، وإذا نجحت المساعي في ترتيب لقاء بين عون وميقاتي في الساعات المقبلة، فإن شكوكاً تحيط بعملية تشكيل الحكومة، وإمكان نجاحهما في تجاوز مآزق التشكيل التي تحاصرهما من كل حدب وصوب.

الأمل ضعيف في تصاعد الدخان الأبيض



واستناداً إلى المعلومات التي توافرت لصحيفة اللواء اللبنانية، فإن الرئيس المكلف إذا زار قصر بعبدا، فإنه ليس في وارد إجراء تعديل واسع في تشكيلته، وإنما هو مستعد لذلك، لكن في أضيق الحدود. في تأكيد منه على حرصه تشكيل حكومة، وعدم البقاء في ظل حكومة تصريف الأعمال، في رد على ما قاله رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، من أن الرئيس ميقاتي لا يريد تشكيل حكومة في ما تبقّى من ولاية الرئيس عون.

وما يزيد من صعوبة الوضع الحكومي، أن أحداً من الوسطاء الفاعلين، كرئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله»، ليس في وارد التدخّل، لتقريب المسافات بين عون وميقاتي، ما يجعل الأمل ضعيفاً بإمكانية تصاعد الدخان الأبيض في الأيام القليلة المقبلة. طالما أن المعنيين بالشأن الحكومي، ليسوا مستعدين لتقديم تنازلات، من شأنها تسهيل الولادة، وإخراج البلد من هذا المأزق. في ظل معلومات عن أن رئيس الحكومة المكلف ميقاتي وقيادات سنية، سياسية وروحية، عبّروا عن انزعاجهم من تعامل رئاسة الجمهورية بخفّة مع عملية تشكيل الحكومة، بدليل أنها لم تحدد موعداً لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي منذ الثلاثاء الماضي. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلُّ على أن الرئيس عون لا يريد تشكيل حكومة.
الرهان على بقاء حكومة تصريف الأعمال!



ويبدو أن مسألة البحث في التشكيلة الأنسب للحكومة الجديدة، أصبحت مشكلة فريق سياسي يريد أن يفرض على اللبنانيين خياراته السياسية والوزارية.. ويرى المحلل السياسي اللبناني، صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة اللواء، أن الخلاف في وجهات النظر بين الرئيسين ( رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف)، سرعان ما تحول إلى شبه مقاطعة، حيث تباعدت مواعيد اللقاءات بينهما، وبدأ التراشق العلني بين الرئيس المكلف ،وفريق رئيس الجمهورية بإتهامات العرقلة والتعطيل يزيد الأمور تعقيداً، ويرجح كفة المراهنين على بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

لقد إعتادت أطراف المنظومة السياسية في لبنان على إنتهاج سياسات التعطيل والتسويف والمماطلة في تشكيل الحكومات أشهراً مديدة، في لعبة تتكرر عند تشكيل كل حكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية، بين سيادية وخدماتية، وبين وزارات رئيسية وأخرى عادية، إلى أن يأتي الوحي من الخارج، أو تعقد الصفقات الداخلية، التي تُمهد للولادة الحكومية.
ولكن تردي الأوضاع المالية والإقتصادية والإجتماعية، وحالة الإفلاس المتفاقمة، وما يُحيط بها من عوامل أخرى، لا تسمح بمثل هذه المناورات التقليدية، وتعطيل سلطة القرار أشهراً حرجة، وبقـاء البلد ليس في حالة مراوحة وحسب، بل إبقاء مهاوي الإنحدارات مفتوحة على أسوأ الإحتمالات، بحسب تعبير صلاح سلام، ومع ذلك، لا يشعر المسؤولون بأي حرج في المزيد من الإنهيارات، وإشتداد أزمة الرغيف، ورفع سقوف إرتفاع الدولار إلى أرقام قياسية جديدة!

لبنان يغرق في أزماته



وبات واضحا أن لبنان يغرق في أزماته، على وقع اندلاع اشتباك كلامي بين رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، حول مصير الحكومة المتوقفة عن التشكيل، وعلى وقع اتهامات ودفاعات واتهامات مضادة، وتتزايد المشكلات الحياتية والمعيشية، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، ومع ذلك، تنتظر البلاد ان يُعقد اللقاء بين رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بين ساعة وساعة، لمحاولة بلورة تفاهم بينهما على التشكيلة الحكومية اذا كانت هناك رغبة فعلا بتشكيلها قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية، فيما البلاد تسير من انهيار قطاع الى انهيار آخر وتزداد ازمات الكهرباء والمياه والطحين والخبز والادوية والطبابة والاستشفاء وآخر القطاعات مؤسسات

الخيارات المتاحة

وأشارت المصادر لصحيفة اللواء اللبنانية، إلى أنه في حال دخلت البلاد في مرحلة الاستحقاق الرئاسي من دون تشكيل حكومة يُطرح خياران :

الخيار الأول: يتم الاتفاق مع الأطراف المشاركة في الحكومة الى تشكيل الحكومة نفسها «حكومة تصريف الأعمال» مع تعديلات يتفق عليها حتى تكون حكومة كاملة الاوصاف وتنال ثقة مجلس النواب قبل 31 اكتوبر/ تشرين الأول المقبل موعد انتهاء الولاية الرئاسية.
والخيار الثاني :بقاء الحكومة في وضعية تصريف الأعمال وتتولى ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية (وكالة ) كما ينص الدستور الذي يقول إن تصريف الأعمال يجب ان يكون ضمن نطاق ضيق.
وأعلنت المصادر أن الفرضيتين قد تسقطان اذا تم انتخاب رئيس الجمهورية في الفترة الممتدة بين أواخر شهر سبتمبر/ ايلول، والنصف الأول من شهر أاكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وبات من شبه المؤكد أن لا حكومة لبنانية قريبا، لا بل لا حكومة قبل استحقاق رئاسة الجمهورية الذي يبدأ عده العكسي فعليا منذ شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات