حرب باردة .. «خيار الحياد» في الأزمة الأوكرانية


جراسا -

في الوقت الذي فرضت فيه دول غربية عقوبات متصاعدة على روسيا، امتنعت دولتان من أكبر الديمقراطيات في جنوب الكرة الأرضية، وهما الهند وجنوب إفريقيا، عن التصويت لإدانة موسكو.

ويرى تحليل في مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى اتخاذ العديد من الدول النامية موقفا محايدا، في ظل مطالبات بـ”حركة عدم انحياز جديدة”.
فقد امتنعت 58 دولة عن التصويت لطرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رافضين الانضمام إلى العقوبات، بل وأضعفوها بشكل كبير من خلال استمرار التجارة مع موسكو.
كما أن المطلب الغربي لتوحيد الصفوف بشأن أوكرانيا لم يثر رد فعل مناسب لدى الدول الرائدة في العالم النامي، والتي لم تختار جانبًا في حرب باردة جديدة، ولا تشعر حتى بضرورة ذلك.
ويذهب تحليل فورين بوليسي للاعتقاد بأن الانقسام حول قضية أوكرانيا هو بين شمال العالم وجنوبه، ما يبعد فكرة إعادة هيكلة النظام الدولي عبر صراع بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وهي الفكرة التي يروجها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
فبالنسبة للدول المحايدة إزاء الأزمة الأوكرانية، فإن النظام الدولي الحالي لا يعالج احتياجاتها الأمنية، أو مخاوفها الوجودية بشأن الغذاء والتمويل وتغير المناخ.

ويرى مراقبون أن عدم الانحياز هو الخيار الأفضل في مثل هذه الأوقات المضطربة، فالاستقطاب العالمي قد يضر بمصالح الدول النامية أو تلك التي تسعى للاستقلال الاقتصادي، وذلك على الرغم من محاولات المعسكرين الشرقي والغربي المتواصلة لاستمالة تلك الدول المحايدة.

توريط الصين

قال إلهام لي، الكاتب والباحث السياسي الصيني، إن الصين أعلنت تمسكها بمبادئ القانون الدولي، مشيرا إلى أن أغلبية الدول حول العالم تحترم مبدأ سيادة الدول على أراضيها.

وأضاف إلهام لي، خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن الغرب يريد توريط الصين في حرب روسيا وأوكرانيا التي دخلت شهرها الخامس، رغم موقف بكين الثابت تجاه هذه الأزمة الكبرى، لافتا إلى أن واشنطن ترغب في إجبار الدول على الوقوف في صف أوكرانيا.

وأكد إلهام لي أن العالم أصبح متعدد الأقطاب، والوضع الآن لم يعد كما كان في السابق، موضحا أنه من الطبيعي أن تختار بعض الدول موقف الحياد في الصراعات.


الحرب الباردة

من جانبه، قال الدكتور ديفيد موريس، أستاذ العلاقات الدولية والخبير في شئون آسيا والمحيط الهادئ، إن العالم يمر بأوقات غير مسبوقة بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأكد موريس، أن كل دول العالم لا تريد العودة إلى الحرب الباردة، خاصة أنها كانت فترة سيئة للغاية، حيث زاد التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.

كما أوضح أن ما نراه هو تنوع واختلاف بين العالم النامي والعالم المتقدم، وهي ظاهرة مثيرة للاهتمام، لافتا إلى أن دول العالم النامي كانت تسعى على مدار العقود لتحقيق السلام، ولكن اليوم حدثت تغيرات فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي التي أثرت على الشعوب العالم.


موقف الهند
وفي السياق، قال السفير أنيل تريجونايت، المسئول السابق في وزارة الخارجية الهندية، إن امتناع الهند عن التصويت ضد روسيا في مجلس الأمن بشأن الحرب في أوكرانيا كان من أجل السلام وذلك “على حد قوله”.

وأكد المسئول السابق في وزارة الخارجية الهندية، أن نيودلهي ضد أي تدخلات في شؤون الدول سواء روسيا أو أوكرانيا.

وأضاف السفير أنيل تريجونايت أن دول العالم تعاني حتى الآن من أزمة تفشي فيروس كورونا، ولا تريد الهند للعودة إلى فترة الحرب الباردة.

كما أكد السفير أنيل تريجونايت أن الهند تحاول استغلال علاقاتها مع الدول لتحسين الأوضاع العالمية بقدر المستطاع، موضحا أن موقف الهند من الحرب الروسية الأوكرانية كان سليمًا.

واستكمل قائلا: “الهند تؤمن بعالم متعدد الأقطاب، ولا تريد الركب في صف فريق معين، كون ذلك يؤثر على الاقتصاد العالمي، فنحن نشدد فقط على أهمية وقف الأعمال العدائية في سياق الأمم المتحدة”.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات