هل حقوق المرأة في الشرق الأوسط قضية خاسرة؟


جراسا -

نشر موقع "إميرجينغ يوروب"، مقالاً للعضو السابقة في البرلمان الأوروبي ماري هونيبول، بعنوان "هل حقوق المرأة في الشرق الأوسط قضية خاسرة"، قدمت فيها الإمارات كنموذج واعد في مجال حقوق المرأة، وأبرزت الإنجازات التي تمكنت من تحقيقها في هذا المجال، مثل التوازن القوي بين الجنسين في مجلس وزرائها، مشيرة إلى أنها سبقت دولاً أوروبية وآسيوية في هذا المجال.

نكثت "طالبان" بوعدها بتوفير تعليم للفتيات، وانتُخبت إيران لولاية من أربع سنوات في لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، وواجه المتظاهرون في اليوم المرأة العالمي في تركيا قنابل الغاز المسيل للدموع. أشعر باليأس حيال أفق حقوق النساء في المنطقة.

وفقاً لكل المقاييس الدولية، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجل الترتيب الاجتماعي والقانوني والاقتصادي الأسوأ للنساء. ولكن في خضم هذه الخطوات التراجعية، هناك جوانب مشرقة تمنحني الأمل، وللاتحاد الأوروبي دور يلعبه في هذا الأمر.

وليس مفاجئاً أن تغيب شجاعة المحتجين في أفغانستان وتركيا أو إيران الذين يتظاهرون لتحقيق حقوق أساسية أو المحافظة عليها، عن الاهتمام العالمي في ظل التركيز على الحرب في أوكرانيا. ولكن بالطريقة نفسها التي صارت فيها أوكرانيا رمزاً للدفاع عن القيم الديموقراطية العالمية، علينا أن ننظر إلى الناشطين والتقدم الذي أحرز في الشرق الأوسط كرمز للأمل للنهوض بحقوق المرأة حول العالم.

يمكن القول إن أكثر الأمثلة الواعدة هو بلا شك الإمارات العربية المتحدة التي تحتل الآن المرتبة 18 في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين لبرامج الأمم المتحدة الإنمائية، إذ إن نصف أعضاء مجلسها وحوالي ثلث أعضاء مجلس الوزراء من النساء، في حين أن تشريعاً أخيراً يعني أن المرأة في البلاد يجب أن تحصل على نفس الأجر عن نفس العمل مثل الرجل. وكانت الإصلاحات في هذا البلد على مدى السنوات العشر الماضية شديدة للغاية لدرجة أن الإمارات انتقلت من كونها واحدة من أقل البلدان مرتبة على مستوى العالم في الفجوة العالمية بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي إلى كونها في مرتبة أعلى من أعضاء الاتحاد الأوروبي مثل اليونان وتشيكيا وكذلك كوريا الجنوبية واليابان وليس بعيداً من المملكة المتحدة.

وحتى السعودية التي عرفت طويلاً بأنها أحد أسوأ الأماكن للنساء تتمتع حالياً بكوتا للتمثيل في المجلس التشريعي، وحقوق للطلاق وسجلت أرقاماً أعلى للمتخرجات الإناث من الذكور. وإصلاحاتهم التي تمكن النساء السعوديات، من بين أمور أخرى، من العيش بمفردهن من دون إذن من ولي الأمر وقيادة السيارة بأنفسهن، لها تأثير ملموس على حياة العديد من النساء. وتُظهر السرعة الهائلة لهذا التغيير، في مجتمع محافظ للغاية، كيف تتغير أقسام قطاعات واسعة من المملكة العربية السعودية بسرعة.

وانضمت تونس، وهي بالفعل من بين الدول الأكثر تقدمية في المنطقة، إلى هذا الاتجاه من خلال جعل الاغتصاب الزوجي غير قانوني عام 2017، ورفع سن الرشد إلى 16، وإلغاء قانون الاغتصاب الزوجي، الذي أتاح للمغتصبين تجنب الملاحقة القضائية إذا تزوجوا الضحية، وهي قوانين تتمسك بها دول عدة، من ليبيا إلى فلسطين. وتحتفل تونس الآن بكل من اليوم العالمي للمرأة واليوم الوطني للمرأة.

رسائل متفاوتة
يمكن الاتحاد الأوروبي أن يضطلع بدور في الدعوة إلى المزيد من المساواة بين الجنسين. وضع زملائي السابقون في لجنة حقوق المرأة في البرلمان الأوروبي تقريراً العام الماضي عن وضع المرأة في دول الخليج. ومن بين أمور أخرى، أبرز التقرير أن نقطة البداية للاتحاد الأوروبي هي الحاجة إلى إنشاء قنوات للحوار والتعاون.

ليس سراً أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ما يتعلق بحقوق المرأة تتميز بقيم ومفاهيم ثقافية مختلفة. ولكن نظراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى شراكة أوثق مع منطقة الخليج مع تركيز قوي على الطاقة والأمن، فمن المهم ألا تتراجع حقوق المرأة (وحقوق الإنسان الأوسع نطاقاً) في ذلك النقاش.

لا تزال الرسائل المتفاوتة موجودة في هذه البلدان، حيث تسود الآراء التقليدية حول حق المرأة في العمل أو السفر بمفردها. ولكن بينما لا يتم دائمًا ترجمة الإصلاحات إلى تغيير في المواقف الاجتماعية بسرعة، تظهر الدراسات الاستقصائية الشعبية في بلدان مثل تونس والإمارات العربية المتحدة أن المد آخذ في التحول. وعندما التقى مجلس التعاون الخليجي مع "طالبان" مؤخراً لمناقشة الأزمة الإنسانية في أفغانستان، ذكروا أن احترام "الحريات والحقوق الأساسية، بما في ذلك حق المرأة في العمل والتعليم" كان أساسياً في موقفهم. وهذا أمر كان لا يمكن تصوره قبل بضع سنوات.

في النهاية، يتملكني شعور بالأمل والقلق. ففيما تبدو السرعة الهائلة للتقدم في بعض البلدان مذهلة، لا شك في أنه يمكن القيام بالمزيد من العمل، مع االتعثر أو التراجع الذي شهدناه في بعض البلدان والتي تكشف مدى هشاشة هذا التقدم. بصفتي مدافعة متحمسة عن المساواة بين الجنسين، لا يسعني إلا أن أبدي إعجابي بشجاعة النساء اللواتي يخضن نضالاً من أجل حقوقهن، والنجاحات التي حققنها على هذا الطريق.


بقلم العضو السابقة في البرلمان الأوروبي ماري هونيبول
نشر في"إميرجينغ يوروب"، وهي وسيلة إعلامية إلكترونية واسعة الانتشار، مقرّها بروكسيل، وتغطّي التحاليل والآراء حول الاتحاد الأوروبي وجيرانه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات