شتاء بارد في أوروبا .. شديد الحرارة على المستوى السياسي


جراسا -

ربطت الدوائر السياسية في الغرب بين أزمة الغاز وبين المستقبل السياسي للقارة العجوز (أوروبا)، وفي إشارة إلى المتغيرات المتوقعة التي من الممكن أن تضرب أوروبا قريبا، وفي زمن لا يتجاوز الشتاء المقبل، وبمعنى أن أوروبا سوف تشهد شتاءا باردا وفي نفس الوقت شتاءا شديد الحرارة على المستوى السياسي.

ويرى المحلل السياسي الروسي الشهير، الكسندر نزاروف، أن هناك فئتين من العواقب (التداعيات) التي ستواجه أوروبا.. وأن الحد الأدنى والحتمي المطلق من التداعيات:

1 ـ الحفاظ على ارتفاع أسعار الطاقة، وربما مزيد من ارتفاع الأسعار.
2 ـ يدفع ذلك نحو استمرار وتسارع التضخم في أوروبا، وربما في جميع أنحاء العالم، حتى في حال تنفيذ جميع الخطط المعلنة من أكبر البنوك المركزية في الغرب، لرفع أسعار الفائدة، ووقف طباعة الأموال غير المغطاة.
3 ـ ارتفاع حدة أزمة الموازنة في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، حيث تعتمد شدة أزمة الموازنة بشكل أساسي على ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي قد قرر إيقاف طباعة الأموال غير المغطاة واستخدامها في تمويل الحكومات الأوروبية. فإذا تقرر ذلك، فستضطر دول جنوب أوروبا، في غضون بضعة أشهر، إلى رفض سداد ديونها، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار النظام المصرفي للاتحاد الأوروبي، والفوضى في الاقتصاد العالمي.
وإذا لم يحدث ذلك، فسوف يتسارع التضخم. ولكن البنك المركزي الأوروبي، فيما يبدو، قد حسم خياره، ما بين التخلف عن السداد والتضخم المفرط، لصالح الأخير، لأنه سيؤجل الانهيار لمدة عام آخر.

4 ـ كنتيجة، وكأحد أسباب النقاط المذكورة أعلاه، لا بد من الإشارة إلى مزيد من الانخفاض لليورو مقابل الدولار، في حالة الحفاظ على سياسة مالية ناعمة، بينما يؤدي انخفاض الدولار إلى زيادة أسعار الطاقة في أوروبا، بكل ما يصحب ذلك من تداعيات.
انتفاضات شعبية وتفكك الاتحاد الأوروبي


ويرى المحلل السياسي نزاروف، أن الفئة التالية من العواقب هي الحتمية، ولكن من الصعب التنبؤ بمداها وتوقيتاتها الدقيقة:

1 ـ النتيجة الأكثر أهمية هي أزمة الديون في الاتحاد الأوروبي. فحتى في حالة رفع سعر الفائدة، وهو ممكن فقط بنسبة تتراوح ما بين 2-4%، فسيظل الربح من الاستثمار في السندات الأوروبية أقل من التضخم، لذلك يهرب رأس المال الخاص من قيود الحكومات والشركات الغربية: الأمريكية والأوروبية معا.
وسوف تفقد الحكومات الغربية قدرتها على تمويل إنفاقها، وقد أصبح عدد من الشركات الغربية على وشك الإفلاس.. لهذا لم يعد هناك خيار أمام الغرب ـ وبعد محاولته تشديد السياسة المالية هذا الصيف ـ سوى سيتعين استئناف طباعة الأموال غير المغطاة..ويزداد الأمر تعقيدا في أوروبا بسبب حقيقة أن البلدان المفلسة من جنوب أوروبا مدينة بأموال للبنوك في شمال القارة، وقد تؤدي أزمة الديون إلى تفكك الاتحاد الأوروبي.

2 ـ ستؤدي الأزمات السياسية الداخلية بسبب ارتفاع الأسعار إلى انتفاضات شعبية وانهيار للتحالفات الحاكمة واستقالة الحكومات، وتفاقم الحرب الأهلية الباردة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحركة السترات الصفراء في أوروبا.
3 ـ ستزداد حدة الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول تقاسم الغاز.
4 ـ وستتصاعد حدة الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول درجة المشاركة في الحرب الأمريكية ضد روسيا (الحرب في أوكرانيا).
سيكون شتاء 2022-2023 شتاء باردا في أوروبا، إلا أنه سوف يكون شديد الحرارة على المستوى السياسي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات