ماذا كتبت "هآرتس" عن السياحة في سوريا؟


جراسا -

تحت عنوان "ليس للسياح في سوريا مطار يهبطون فيه"، كتب تسيبي بارئيل في صحيفة "هآرتس" أن سوريا تحاول ترميم صورتها كبلد سياحي آمن وودود للسائح، وتقيّد الاسعار في الفنادق وتراقب جودة الخدمة، كما أنها وقعت على اتفاق طيران متبادل مع ايران.

وينقل الكاتب عن البريطاني سيمون ويلسون قوله بحماسة: "لو قلت لي إنّ هذه هي ايطاليا لكنت صدقتك"، حيث بدا ويلسون متأثرا من النظافة والهدوء التي شاهدها في شوارع دمشق والتي زارها قبل حوالى شهرين.

وتجول ويلسون برفقة صديق ورجل أمن سوري كان يخبره عن تاريخ العاصمة السورية دمشق، وزار اسواق المدينة، وصوّر الاماكن الاثرية والمسجد الاموي. كما أنه حضر مباراة لكرة القدم بين فريقي دمشق واللاذقية.

وأشاد بالطعام السوري وبالترحيب الذي لقيه من المواطنين. فهو، من خلال تصويره وكلامه، أثار بالتأكيد، بحسب بارئيل، رغبة كبيرة لزيارة سوريا في أوساط مشاهديه ومتابعيه، وهم مئات الالاف الذين يشاهدونه ويتابعونه، خاصة وأنه قال:" الدولة أكثر أمانا مما توقعت".

وفي فيديو آخر مدته 24 دقيقة، نشر ويلسون مشاهد زيارته لمدينة حلب، حيث المناظر مختلفة، فالدمار يظهر من كل زاوية. المباني مهدمة ومهشمة بالرصاص، وقضبان الحديد معوجة تبرز من داخل بقايا الاسطح التي قصفت.

ومع ذلك، يتسلق ويلسون في نهاية الفيلم الى قلعة حلب، وبإطلالة من الاعلى حوّل كاميرته عبر المشهد الطبيعي الخلاب، والذي تختفي بقايا الحرب داخله.


وفي السياق، يحذر موقع سياحي اخر، "Against the compass"، من المخاطر التي تكمن للسائح في سوريا، وإن يكن يخبر الجمهور عن المواقع المدهشة التي يمكن زيارتها حالياً، من خلال التحدث عن الفنادق، وعن العملة السورية، ويعطي معلومات بالتفصيل عن ترتيبات السفر الى الدولة. ويخال للمشاهد أنّ كل ما تبقى هو حزم الامتعة وحجز رحلة طيران وفندق، والبدء بالرحلة.


ولكن بارئيل يرى أنّ الرحلة الى سوريا ليست بهذه السهولة. فمحاولة حجز غرفة في فندق عبر الإنترنت لم تنجح. ومحاولة الاتصال مباشرة بالفنادق الفاخرة لم تجد نفعاً. فعلى مواقع الفنادق، لم تفلح محاولات حجز غرفة، حيث تلقى اجابة مفادها: "ليس بالإمكان حجز غرف في المواعيد التي طلبتها"، حتى بعد اجراء تغييرات عدة في المواعيد المطلوبة.

ويلفت بارئيل إلى أن حجز رحلة طيران في سوريا عملية معقدة، فهناك ثمانية شركات طيران مسجلة، واحدة منها رسمية، والباقية شركات خاصة يمتلكها رجال اعمال مقربون من عائلة الاسد، ولكن فقط ثلاثة منها نشطة، وهي "FlyDamas" التي تمتلك طائرة مستأجرة واحدة، و "أجنجة الشام" التي تمتلك ثلاث طائرات (يمتلكها رجل الاعمال عصام شاموط)، وشركة الخطوط الجوية السورية التي تمتلك تسع طائرات.

الى ذلك، لا تطير الشركات الاوروبية الى سوريا، ومن يريد الوصول جوا الى دمشق سيضطر للسفر في البدء الى اسطنبول ومنها الى طهران، والانتظار فيها لرحلة جوية غير مؤكدة تنطلق مباشرة الى دمشق.

وأيضا، ليس هنالك امكانية لحجز تذاكر عبر الصفحة الرئيسية لموقع شركة الطيران الايرانية، لأن مواعيد الطيران غير معروفة مسبقاً، خاصة في هذه الاوقات، بعدما قصفت اسرائيل مدارج الهبوط في مطار دمشق.

ويمكن الوصول الى سوريا من لبنان في رحلة بالسيارة تستغرق حوالي أربع ساعات، ولكن على المسافر أن يمر عبر عشرات من حواجز الطرق التي يتم فيها التحقق من هوية المسافر.

من جانبها، تبدي حكومة سوريا تفاؤلاً بخصوص قدرتها على احياء السياحة الذي ساهم قبل الحرب بحوالي 12% من الناتج المحلي الاجمالي الخام لها وشغلت حوالي 11% من القوى العاملة في الدولة.

وقال وزير السياحة محمد مرتيني الشهر الماضي إن 82 ألف سائح وصلوا الى سوريا منذ بداية العام وحتى نيسان (أبريل) مقابل حوالي 21 الف جاؤوا عام 2011، وحوالي 8.5 مليون سائح في 2010 قبل عام من اندلاع الحرب.

وبيّن مرتيني ايضا أنه تم اتخاذ خطوات من الحكومة السورية من أجل تنظيم السياحة، ومن بينها لائحة أسعار الحد الاعلى للنوم في الفنادق، والتي يتضح منها أن السعر الرسمي يتراوح ما بين عشرين دولاراً في الليلة لفنادق النجمتين وحوالي 200 دولار في فنادق الاربع والخمس نجوم.

وأوضح الوزير ان غرامات شديدة ستفرض على من يخالف تعليمات الاسعار وانه سيتم تشديد الرقابة على الفنادق وعلى جودة الطعام الذي يقدم وطريقة التعامل مع السياح. وأكد أن الهدف هو تحسين صورة سوريا كبلد سياحي وآمن وودود للسائح.

أما حالياً، يقصد السياح سوريا من أجل المزارات الدينية للمؤمنين الشيعة وخصوصاً من ايران.

في آذار (مارس)، تم توقيع اتفاقية بين وزارة السياحة الايرانية ونظيرتها السورية، والتي بموجبها سوف تقوم الدولتان بتشغيل 60 رحلة جوية أسبوعية بينهما، كما دُشّن خط طيران أسبوعي مباشر من المدينة المقدسة مشهد الى دمشق. ويتوقع الاتفاق وصول أكثر من 100 الف سائح ايراني الى سوريا في العام. وفي المقابل، تعهدت حكومة سوريا بتشجيع السياحة السورية الى ايران.


ولكن، يشير بارئيل الى أنّ هذه البيانات المثيرة لن تحقق مساهمة اقتصادية حقيقية للاقتصاد السوري، موضحاً أنّ كلفة الرحلة من ايران الى سوريا والمكوث في فنادق بمستوى منخفض يقدر بـ650 دولاراً للشخص، وهو مبلغ خيالي بالنسبة لمعظم مواطني الجمهورية الإسلامية.

في المقابل، تستثمر سوريا في نشر وتسويق مواقعها السورية. فوزير السياحة يظهر في مؤتمرات ومعارض سياحية تعقد في الشرق الاوسط، ويحاول اقناع مستثمرين من دول عربية بالدخول كشركاء في ترميم البنى الاساسية السياحية. ولكن العقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا الى جانب قوانين تشجيع الاستثمارات التي تقتضي شراكة سورية في كل مشروع، تردع مستثمرين محتملين ينتظرون تسوية سياسية يمكنها ان تضمن استثماراتهم.

ولفت بارئيل الى أنّ روسيا وسعت بدورها مؤخراً التعاون الاقتصادي بين شركات روسية والحكومة السورية، من بينها شركات سياحة حصلت على ترخيص حصري لتطوير ثلاثة شواطئ في شمال غرب سويا، بما في ذلك اقامة فنادق ومواقع رياضة مائية. وبحسب تقارير سورية، فإن الاموال لتطوير هذه الشواطئ قدمتها حكومة روسيا للحكومة السورية كقرض بشرط أن تدفع منه للشركات الروسية.

ويختم بارئيل بأنّ هذه المخططات الضخمة تعرضت لضربة شديدة لدى قصف المطار في دمشق، ما أدى ليس فقط الى اغلاقه، بل وجه أيضا تحذيراً ورسالة واضحة لكل من خطط للاستثمار في فرع السياحة السوري.

في الحدود الشمالية ما بين سوريا وتركيا، ثمة استعدادات لغزو جديد، والحدود مع العراق تسيطر عليها ميليشيات سورية وهي غير مفتوحة لحركة المسافرين او السياح باستثناء شاحنات الطعام وصهاريج النفط. ولا يحلم أي سائح لبناني بتمضية اجازة صيف في الشاطئ السوري.

ويؤكد بارئيل أنّ السياحة السورية المحطمة ستحتاج الى مليارات الدولارات من أجل ترميمها واعدادها لاستقبال السياح. وحتى ذلك الوقت، ستضطر الى الاكتفاء بالرحلات الجوية غير المنظمة لسلاح الجو لجارتها من الجنوب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات