محاذير تحوم حول تكرار تجربة القبول الجامعي المباشر


جراسا -

في ظل الحديث أو ما يُدار هُنا أو هُناك عن تغييرات قد تطرأ على سياسة القبول في الجامعات، تبقى عملية القبول الجامعي المُباشر، تجربة قد تتكرر بمحاذير قديمة، إذ لا شك بأن اللجوء إلى قبول الطلبة في الجامعات الرسمية مُباشرة، يتضمن إيجابيات في حال تم السماح لكل جامعة بوضع معايير خاصة للقبول.

لكن سلبيات إلغاء عملية القبول الجامعي، والتحول نحو القبول المُباشر، تبقى ذات سلبيات تفوق وبكثير الإيجابيات، خصوصًا إذا ما علمنا بأن العملية الجديدة، إذا طُبقت، ستُكلف الطالب وذويه كلفا مادية أكثر، وضياع حقوق كثير من الطلبة، فضلًا عما تسببه من إرباكات مالية وإدارية للجامعات، ناهيك عن إطالة أمد عملية القبول لعدة أشهر.

وفي الوقت الذي توصف فيه عملية القبول الموحّد بأنها “شفافة وعدالة”، يبقى السؤال: هل تسلم الجامعات من تحديات ومُعيقات من قبيل ضغوط اجتماعية، وواسطات ومحسوبيات عند تطبيق القبول المُباشر؟

ومن الشواهد على وجود مثل تلك التحديات أو المُعيقات، مُطالبة إدارتي جامعتين رسميتين بضرورة إلغاء القبول الجامعي المُباشر، في تخصص التمريض للإناث، إذ أكدتا أهمية العودة إلى “القبول الموحد”، وذلك نتيجة ما تعرضتا له من ضغوط وواسطات، لم تعد معها الإدارتان قادرتين على تحمل ذلك.

شاهد آخر، تمثل بحجم التظلمات والشكاوى التي وردت إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومجلس التعليم العالي، بعد أن تم تطبيق تجربة القبول المُباشر سابقًا على تخصص هندسة العمارة في خمس جامعات رسمية، إضافة إلى تخصص الطب البيطري في جامعة العلوم والتكنولوجيا.

وبعد تطبيق القبول المُباشر لثلاثة أعوام، قرر مجلس التعليم العالي أن يرجع عن ذلك ويُلغيه، ليعود مُجددًا إلى القبول الموحد، وذلك بعد التيقن من حدوث خلل في عملية تطبيق القبول المُباشر على تلك التخصصات، نتجت عنه مشاكل كثيرة، وضياع حقوق للطلبة، وتدخل وتأثير للواسطة والمحسوبية في العملية برمتها.

خبير القبول الموحد، مؤسس وحدة تنسيق القبول الموحد، الدكتور غالب الحوراني، يقول إن التحول نحو القبول المُباشر في ظل الواقع الحالي للجامعات، يتسبب بإرباكات مالية وإدارية للجامعات، فضلًا عن مُعاناة مالية للطلبة وذويهم، ناهيك عن إطالة أمد عملية القبول لعد أشهر.

ويؤكد أن سلبيات إلغاء القبول والتحول نحو القبول المُباشر من قبل الجامعات الرسمية، تفوق الإيجابيات بكثير، إذ إن العمل الوحيد، الذي حافظ على مؤسسته وشفافيته وعدالته، هو عملية القبول الموحد.

ويوضح أنه “في ظل الضغوط الاجتماعية الهائلة، وثقافة الواسطات والمحسوبيات، فإن من الصعب جدًا الوثوق بعملية القبول المُباشر من قبل الجامعات، والتي حتمًا ستتعرض إداراتها لضغوط كثيرة”.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس قال، في تصريحات صحفية، إن تغييرات ستطرأ على سياسية القبول في الجامعات، وفقًا للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، التي أعدت العام 2015، بحيث يكون القبول من خلال الجامعات نفسها.

ورأى الحوراني  بأن هُناك إيجابية لعملية القبول المُباشر، في حال أصبحت أُسس القبول مُختلفة من جامعة لأخرى، مستدركًا في الوقت نفسه: “لكن لا أعتقد بأنه سيتم السماح لكل جامعة بوضع معايير قبولها المُختلفة”، مشيرًا إلى أنه “إذا بقيت سياسة القبول واحدة فسيتم تطبيق المعايير نفسها”.

ويقول إنه “لا معنى للقبول المُباشر في ظل جامعات بالسمة ذاتها، فلا توجد جامعة رسمية طبية أو هندسية أو للغات والأداب مثلًا، لتكون لها أسس ومعايير وسياسات قبول مُختلفة، فالجامعات الرسمية جميعها تحمل السمة نفسها”.

ويضيف أنه “في ظل وجود 12 نوعا من التخصيصات والمكارم الملكية، ستضطر كل جامعة إلى إعلان القبول على دفعات، قد تصل إلى عشر، وبالتالي سيضطر الطالب الراغب بالحصول على مقعد في جامعة رسمية إلى تقديم 6 طلبات إلى 6 جامعات، فضلًا عن عدة طلبات لتخصصات مُختلفة في الجامعة الواحدة، ما يُشكل أعباء مالية إضافية، فضلًا عن الإرباك والمعاناة”.

ويُوضح الحوراني أنه “عندما كان في البلاد 4 جامعات رسمية فقط، وهي: الأردنية، اليرموك، ومؤتة، والعلوم والتكنولوجيا، وقبل إنشاء وحدة تنسيق القبول الموحد، العام 1989، كانت عملية القبول تستمر لمدة شهرين، لتكتشف بعض الجامعات بعد ذلك وجود مقاعد شاغرة”.

وكان الهدف من تأسيس القبول الموحد، عندما كان في الأردن 4 جامعات رسمية فقط، تخفيف المعاناة على الطالب وذويه، حتى لا يضطر إلى تقديم طلبات لكل هذه الجامعات، ليبقى السؤال: “كيف يتم إلغاء القبول الموحد بوجود 10 جامعات رسمية موجودة في طلب القبول الموحد، التي تبلغ رسومه 15 دينارًا؟، وكيف سيتكمن الطالب من تقديم طلبات للمنافسة على البرنامج العادي لعشر جامعات رسمية مع رسوم للطلبات؟ فهذا أمر غير ممكن ويضيف أعباء مالية جديدة، وغيرها”.

ويتطلب اللجوء إلى القبول المُباشر توفر النزاهة والشفافية والعدالة في تنفيذ عمليات القبول، والمحافظة على حقوق الطلبة، وهذا يتعارض مع ما نسمعه عن “تغول” على حقوق الطلبة حاليًا.الغد

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات