الملك والتماسك الاجتماعي (الوطني) من أولويات المرحلة.


الدكتور عارف الجبور *

التماسك الاجتماعي هدف تسعى إليه المجتمعات والدول والأنظمة على حد سواء وخاصة مع تغير العالم منذ بداية القرن الواحد والعشرين ، حيث أن التماسك الاجتماعي هو حالة من التفاعل الرأسي والأفقي بين أعضاءالمجتمع ويتسم بحزمة من الاتجاهات والمعايير المتضمنةالثقة ، والشعور بالانتماء ، وإرادة المشاركة ، والمساعدة ،فضلا عن السلوكالمعبر عن ذلك .والمجتمع المتماسك يعمل على خلق جيل أفضل لأعضائه ،وبحارب الاستبعاد والتهميش ،ويخلق الشعور بالانتماء ، ويدعو إلى الثقة ، ويتيح للأعضاء فرصا للحراك الاجتماعي .

والتماسك الاجتماعي هو سمة مجتمعية حيث ينصب التركيز على حالة التماسك المجتمعي ككل ،وهو يشير إلى العلاقات والتفاعلات دخل المجتمع ،ويبنى على الجهود الديموقراطية، كما أن الهدف من التماسك الاجتماعي هو إيجاد نظام مبني على المساواة والعدالة ، وينافي الانقسامات الاجتماعية ،

فالتماسك الاجتماعي هو عملية يتم من خلالها تعزيز المواطنة بتقليص أشكال عدم المساواة كافة في المجتمع ، وتعزيز الديموقراطية ، والاستقرار الديموقراطي ، وعندما يتحقق ذلك يتحقق الازدهار والتطور في المجتمع ،والوصول إلى الانتاج ، ومن هنا فإن التماسك الاجتماعي يسعى لتحقيق المساواة بين جميع المواطنين ، لتعزيز بيئة مجتمعية أمنة ومتماسكة .

ولكي يتحقق التماسك الاجتماعي يتطلب المشاركة الفاعلة والتعاون النشط من جميع الجهات والمنظمات الفاعلة في المجتمع(الحكومة ،رجال الأعمال والمال ،منظمات المجتمع المدني، الجامعات ، المؤسسات الأمنية ) للقيام معا بعمل جماعي مشترك ، وقد أكد ابن خلدون حول التماسك الاجتماعي فقال ( إن المجتمع وعمرانه لا يمكن ان يظهر إلى الوجود من خلال تفرق جهود الأفراد وتبعثرها ، إذ ليس في مقدور كل إنسان أن يوفر حاجاته لنفسه ، إن ذلك يتطلب تماسكا وتعاونا بين الناس ) .

كما يشير المصطلح بترابط أفراد أجزاء المجتمع الواحد ن فيشد بعضه بعضا ، ومن مظاهر التماسك الاجتماعي : الاحترام المتبادل ولا شكأن التماسك الاجتماعي يعزز السلوك الاجتماعي ، فكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة في االمحافضة على المصالح العامة والخاصة ، ويسعى كل فرد فيه له حقوق وعليه واجب ككل من القيام به لتحقيق منظومة التماسك الاجتماعي الكلية في المجتمع .وهذا يؤدي إلى تقوية العلاقات بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى حماية الأسرة والأفراد ،من الفقر والعوز والحاجة ، وخلق مجتمع متماسك يصعب إنهيار قيمه ،وتنتشر فيه المحبة والود والأمن والأمان ،وتحقق فيه مصالح المجتمع :السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية ،والفكرية والتنموية،والأمنية ،والعسكرية .

و يؤكد جلالة الملك في مؤتمر مجتمعات متماسكة أننا في أمس الحاجة إلى النشاط والديناميكية التي أراها هنا للتصدي لأكبر تهديد يواجه العالم: الاعتداء على الوئام بين الأديان، وعلى الاحترام المتبادل والثقة. وأقول أكبر تهديد لأن كل تحدٍ عالمي في القرن الحادي والعشرين يتطلب منا مقاومة الكراهية والإقصاء. فالنمو الاقتصادي، وصنع السلام، وحماية البيئة، والأمن العالمي، والفرص الشاملة، جميع هذه الأهداف المهمة تتطلب منا التعاون وتوحيد مواطن قوتنا لصالحنا المشترك. ولكن علينا أيضا أن ندرك القوة الهائلة التي نمتلكها كعالم متحد، والتي تمكننا من هزيمة هذه الشرور وتأمين المستقبل الذي تستحقه شعوبنا. إننا بحاجة إلى الدفاع عن هذا التماسك الاجتماعي العالمي بكل ما أوتينا من قوة، واسمحوا لي أن أقترح مجالات جديرة بالاهتمام.ففي المقام الأول، دعونا نوحد قدراتنا من مليارات الناس على وجه الأرض الذين يسعون لتحقيق السلام والوئام. ويسعدني أن مبادرتين أطلقهما الأردن، وهما "رسالة عمان" و "كلمة سواء"، قد ألهمتا حوارات إيجابية في جميع أنحاء العالم. كما تبنى الأردن إحدى مبادرات الأمم المتحدة، وهي مبادرة "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان" لتشجيع الحوار الساعي إلى الاحترام المتبادل. والاستفادة من أدوات العصر الحديث؛ إذ استطاع المتطرفون أن يستغلوا وسائل التواصل الحديثة في العالم للتآمر والتجنيد والتسليح ونشر أفكارهم الظلامية. ولهذا علينا أن نبذل المزيد من الجهود في مواجهتهم.

ومن صور تماسك المجتمع ما يلي :الانتماء والولاء والاخلاص للنظام والدولة والمجتمع وكافة مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية،وخلق فرص متكافئة للجميع ، احترام الرأي والرأي الآخر ، وتعزيز الوحدة الوطنية ، وجود علاقات قوية اجتماعية متماسكة بين أفراد المجتمع في الأسرة – والمدرسة – الجامعة – مكان العمل – مؤسسات الدولة المختلفة،خلق استراتيجيات وطنية لحماية الوطن والمواطن ،التمكين السياسي للأفراد من المشاركة السياسية ، وصنع القرار وتحمل المسؤولية ،احترام الاختلاف ، والتنوع في وجهات النظر ، والتعددية ،والتنوع الفكري والمذهبي ،والعقائدي.

إن التماسك الاجتماعي الوطني ،والاخلاص للنظام والدولة ،وتحقيق الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع ،والتكامل بين جميع أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ، أصبح من أولويات المرحلة الوطنية التي نمر بها في ظل تحديات إقليمية متطور ومتسارعة تشهدها المنطقة .
•أكاديمية الأمير حسين للحماية المدنية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات