الأمراض المعدية قنبلة موقوتة في أوكرانيا


جراسا -

نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريراً يحذر من تدهور الوضع الصحي في أوكرانيا وتفشي الأمراض المعدية نتيجة الغزو الروسي، في ظل صعوبة وصول المرضى إلى علاج وتدمير المراكز الصحية وتجمع أعداد هائلة من الفارين في الملاجئ.

وقال أندريه كليبيكوف، المدير التنفيذي للتحالف الدولي ضد فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV (الإيدز) في أوكرانيا، وهو أحد أكبر المنظمات المعنية بمكافحة هذا المرض في أوروبا الشرقية: "لا نزال في حالة صدمة، لم يتوقع أحد هذه الحرب".
وبعد روسيا، حلت أوكرانيا في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر تضرراً من فيروس "إتش آي في".

ومنذ بداية العدوان الروسي، سعى كليبيكوف وزملاؤه جاهدين إلى تنفيذ مهمتهم التي تتمثل في تقديم الوقاية والرعاية لـ260 ألف مصاب.

واعتباراً من 11 نيسان (أبريل)، سجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 100 هجوم ضد المؤسسات الصحية في أوكرانيا، ما أرغم أكثر من 40 منها على وقف تقديم الخدمات.

وفي هذه المحنة، تعتمد المؤسسات الصحية على شركائها الدوليين. وبفضل "خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز"، وصلت الشحنة الأولى التي تضم أكثر من 18 مليون جرعة من الأدوية المضادة للفيروسات الارتجاعية إلى مدينة لفيف الأوكرانية في 6 نيسان (أبريل). وستكون مخزونات الأدوية كافية لتغطية احتياجات المصابين بالفيروس لمدة ستة أشهر فقط.

مع ذلك، يبقى الوصول إلى علاج مهمة صعبة في ظل الطرق المدمرة، ما يعرض حياة المصابين والمتطوعين الذين يوزعون الأدوية للخطر.

سباق مع الزمن

والواقع أن أهمية هذه الأدوية تعود إلى دورها في تخفيض الحمل الفيروسي لدى المصابين، ما يسمح بتجنب الانتقال إلى مراحل متقدمة من المرض ويحد من خطر انتقال العدوى للآخرين.


وتهدد صعوبة الوصول إلى علاج بتفشي المرض على نطاق واسع. وحذرت أوكسانا كيريشوك، مديرة المشاريع في منظمة "100٪ لايف" غير الحكومية المعنية بدعم المصابين بنقص المناعة البشرية في أوكرانيا من الضرر المحتمل نتيجة عدم تلقي المصابين العلاج اللازم لشهرين أو ثلاثة أشهر، ما يهدد بخروج المرض عن السيطرة.

وأكد كليبيكوف أن الحرب تضع نظام الرعاية الصحية الأوكراني على المحك.

تدهور الوضع الصحي

في تسعينات القرن العشرين، تجاهلت السلطات الروسية والأوكرانية الفئات المعرضة للخطر، والمثليين جنسياً والمدمنين على المخدرات، الذين لا يتناسبون مع القالب السوفياتي، ما أدى إلى ارتفاع عدد الاصابات. لكن في ما بعد، اتخذت أوكرانيا إجراءات مناسبة من خلال التركيز على الوقاية. وفي وقت استمر الوباء في التفشي في روسيا، بدأ يتراجع في أوكرانيا.

مرضى السل تحت القصف

إلى ذلك، ذكّرت الطبيبة المتخصصة في معالجة مرض السل يانا شيريميتا أن أوكرانيا تعاني من حالة وبائية في تفشي السل، مضيفة أن مريضاً من أصل ثلاثة يصاب بالسل المقاوم للأدوية.

واستهدفت الضربات الروسية الأولى القسم الصحي في منطقة تشيرنيهيف في شمال أوكرانيا، الذي يديره الطبيب دينيس ماتسكو.

وتحدث الأخير عن نقل المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر. وبفضل جهود الموظفين والمتطوعين، تلقى المرضى علاجهم بعد أسبوع.

لكن بعد أيام، أرغمهم هجوم آخر على إخلاء المستشفى مرة أخرى.

ومع ذلك، أكد ماتسكو تأمين أدوية مضادة لمرض السل بكميات كافية، وتلقي المرضى العلاج الذي يحتاجون إليه.

ويتوفر الدواء للمرضى الذين يتمكنون من الوصول إلى المستشفى. وفي وقت يحاول القسم إيصال الأدوية من خلال المتطوعين، لم يعد الوصول إلى كل المناطق متاحاً. ورغم الجهود، لا بد من ارتفاع معدلات الإصابة بالسل إلى حد كبير بسبب الحرب.

الاختلاط وخطر العدوى

وأوضحت يانا شيريمتا أن الظروف المعيشية المحفوفة بالمخاطر بين العوامل التي تؤدي إلى تدهور الوضع الصحي في أوكرانيا، معربة عن أسفها من فرار المواطنين من العنف إلى ملاجئ، ما يزيد مخاطر زيادة عدد الاصابات بالسل، الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسي.

إلى ذلك، تخلف الهجرة والاختلاط تبعات خطيرة، وتوفر التجمعات في أقبية مزدحمة ومخيمات ومحطات المترو الظروف المثالية لتفشي جائحة كورونا.

والواقع أن أوكرانيا بين أكثر البلدان تشكيكاً في اللقاح ضد الفيروس، وتبقى نسبة التلقيح منخفضة جداً، مع تلقي 36 في المئة فقط من السكان جرعة واحدة أو أكثر من اللقاح.

وفي السنوات الأخيرة، عانى الأوكرانيون من تفشي الحصبة الشديدة العدوى، ولا سيما لدى الأطفال الذين لم يتلقوا اللقاح. ووصل عدد الإصابات عام 2020 إلى أكثر من 115 ألف حالة.

وتنتشر هذه العدوى بسرعة في غياب الرعاية الصحية، كما هو الحال في مناطق النزاع.

وعام 2021، كانت أوكرانيا الدولة الوحيدة في أوروبا التي عانت من شلل الأطفال، مرة أخرى بسبب معدل التلقيح المنخفض.

والواقع أن القلق إزاء صحة اللاجئين خرج عن الحدود الأوكرانية. وفي نهاية شهر آذار (مارس)، كان وزراء الصحة الأوروبيون يناقشون الحاجة إلى تعزيز تلقيح اللاجئين الفارين من مناطق النزاع، ولا سيما الأطفال منهم.

وصرحت مديرة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها أندريا أمون بأن تغطية التلقيح ضد شلل الأطفال والحصبة وكورونا أولوية.

ورأى الباحث رينو بيارو أن خطر الإصابة بالأمراض المعدية في أوكرانيا يضاف إلى كارثة الأمراض المزمنة والصدمات النفسية الناتجة عن العدوان الروسي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات