آذان معلّب


أستغرب كثيراً من تلك الفئة من الناس الذين يردون المعاملة بالمثل، إذا إتصلت بهم اليوم يتصلون بك غداً، وإذا أرسلت لهم رسالة يردون بمثلها، وإذا زرتهم في أفراح أو أتراح يقومون برد تلك الزيارة على أكمل وجه دون زيادة أو نقصان.
البعض من الناس يقومون بتصرفات أعتبرها ردود أفعال، فكلما تصرفت بتصرف يردونه اليك، سواء أكان هذا التصرف إيجابي أو سلبي، لا يجتهدون في تصرفاتهم لتكون على شكل مبادرات يكسرون بها حاجز الجليد بينهم وبين من حولهم الذين ربما يكونون من جيرانهم أو أقرباءهم أو حتى أرحامهم.
هؤلاء الأشخاص يعتمدون مبدأ "دقة بدقة"، إذا زرتني أزورك، وإذا تجاهلتني أتجاهلك، وربما يكون هذا المبدأ ناجح وفعال الى حد ما مع بعض الأشخاص المتعالين الذين يريدون أن يكون الناس من حولهم، يحفونهم في قدومهم ورواحهم، يحبون أن يجدوا الناس من حولهم في مناسباتهم، ويتوعدون المتخلفين بالغياب عن مناسباتهم.
بل وصل الأمر بالبعض الى تدوين زيارات الآخرين وحضورهم في مناسباتهم، والهدايا التي يقدمونها في تلك المناسبات، لكي يردوا مثلها في مناسباتهم.
الأرحام لهم وضع آخر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينطبق عليهم هذا المثل وهذه التصرفات، بل نتعامل معهم على أساس الصلة الدائمة ولو كانوا من المقاطعين لنا.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: "يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن لهم ويسيئون إلي، وأحلم علبهم ويجهلون عليّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسقيهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". وقال عليه الصلاة والسلام: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه".
شهر رمضان الفضيل وعيد الفطر وعيد الأضحى المبارك هي فرص لكل الناس وجب إستثمارها لتحقيق صلة الرحم، وللتقرب من الناس من حولنا، بل ربما هي فرصة ذهبية لإصلاح ما أفسده الدهر والمعاملات من صفو العلاقات بين الناس، وهي كذلك فرصة للإعتذار الى أرحمنا عن تقصيرنا، وطي صفحة القطيعة وفتح صفحة الصلة الدائمة.
ما أروعهم هؤلاء الأشخاص الذين يبادرون الى صلة أرحامهم رغم جفاءهم وقطيعتهم، ما أروعهم أولئك الناس الذين يمدون حبال الصلة للناس فيمن حولهم ويساعدونهم للبدء في صفحة جديدة من الصلة، فهم تماماً من ذكرهم الرسول الكريم في حديثه، ولكنهم لن يعدموا أبداً فائدة تلك الصلة، وسيكون معهم من الله الظهير والنصر، وسيجدون ذلك بركة في أعمارهم وصحتهم ورزقهم.

خلاصة القول:
إستثمروا أيام هذا الشهر الفضيل، وما يليه من عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك لصلة الأرحام، ولإصلاح ما أفسده الدهر والمعاملات من علاقات بين الناس. مدوا حبال الصلة بينكم وبين أرحامكم، ليس عيباً أن تصل رحما قطعك أو تخلف عن مناسبتك، إنسى كل تلك الذكريات السلبية، وتذكر دائماً وعد الرسول الكريم لك بالظهير والنصر والصحة وطول العمر والرزق الواسع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات