حرب أوكرانيا .. ملامح خارطة جديدة للنظام العالمي


جراسا -

أيا ما كانت نهاية الحرب في أوكرانيا.. فإن النتيجة الوحيدة المؤكدة ستكون تغير النظام العالمي الذي تشكل قبل أربعة قرون، فكل حرب كبيرة شهدها العالم، أوجدت نظاما عالميا جديدا.

تاريخ من الصراعات

فحرب الثلاثين سنة في القرن السابع عشر، مزقت أوروبا بين عامي 1618 و1648، لكنها قادت إلى نظام الاعتراف الجماعي بـ”سيادة الدول وحدودها ” من خلال “معاهدة ويستفاليا”.

كذلك الحروب التي خاضها نابليون بونابرت أدّت في النهاية إلى “مؤتمر فيينا” عام 1814 الذي أٌقر “توازن القوى” في أوروبا وأعاد رسم الخريطة السياسية للقارة، ووضع حدود معظم دولها وإنشاء مناطق نفوذ لكل من فرنسا والنمسا وروسيا وبريطانيا تتوسط فيها تلك الدول في حل المشاكل المحلية والإقليمية.

وبانتهاء الحرب العالمية الأولى سقطت الإمبراطوريات (الألمانية والروسية والنمساوية والمجرية والعثمانية)، ودعم حق تقرير المصير” للشعوب ، وظهرت “عصبة الأمم” عام 1919.

أما الحرب العالمية الثانية فقد قادت عام 1945 إلى تأسيس منظمة الأمم المتحدة، وشهد العالم نظام القطبين الدوليين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي

لكن الحرب الباردة بين هذين القطبين انتهت، ومعها سقط جدار برلين وانهار الاتحاد السوفييتي، واتجه العالم إلى نظام الأحادية القطبية الأمريكية.

وسرعان ما تأكد التفرد الأمريكي في حرب “عاصفة الصحراء” عام 1991، وحينها دعا الرئيس بوش الأب إلى “نظام عالمي جديد”. تلتها حروب بوش الابن تحت عنوان “بناء الأمم” و”نشر الديمقراطية” وإقامة “شرق أوسط جديد”. لكنها انتهت بانتقال العالم إلى تعدد الأقطاب، لا سيما بعد حرب العراق وصعود الصين وعودة روسيا.

أزمة جديدة

أما الحرب الأخيرة في أوكرانيا، فتمثل صراعا جديدا بين أقطاب العالم الشرقي والغربي، صراع قد يعيد ترتيب نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، تكون فيه روسيا شريكة للصين، في مقابل أمريكا وأوروبا مجتمعين.

في هذا السياق، قال جلين ديسين الباحث والأكاديمي في جامعة النرويج، إن النزاع الدائر الآن بين روسيا وأوكرانيا يصنف بأنه عالمي على مستوى أوروبا، مشيرا إلى أن الحرب في أوكرانيا هي حرب بالوكالة بين الناتو من جانب وروسيا من جانب آخر.

وأكد أن الغرب تخلى عن كل الاتفاقيات التي مضى عليها سنوات لصالح التوسع من قبل الناتو، وهذا هو ما يزيد الانقسامات والنزاعات في أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا.

وتابع: هذه هى المرة الأولي التي تتدخل فيه روسيا عسكريا وعلى نطاق واسع على مستوى أوروبا وروسيا، قد تكون فيه نهاية العالم الأحادي ذي القطب الواحد.

ولفت إلى أن ما يحدث هو في إطار حرب عالمية مصغرة قد تتحول إلى شاملة، وقد بدأت بوادرها في عام 2014 عندما قام الناتو بقيادة أمريكا يدعم الانقلاب في أوكرانيا وتنصيب حكومة مضادة لروسيا مما يمهد الطريق لتوسيع الناتو علي مدار 8 أعوام وهو بدوره ما أدى إلى شن روسيا لحرب غير قانونية.




من جانبها قالت كارولين روز كبيرة الباحثين في معهد نيو لاينز للدراسات الاستراتيجية. إن ما يحدث الآن هو مشابه لما حدث عندما انهارت عصبة الأمم، ما يحدث الأن هو بمثابة تحد واضح للمؤسسات العالمية والنظام القائم على قواعد ونظم.

وأشارت إلى أن أمريكا في منافسة قوية مع روسيا والصين، ولقد رأينا في الحرب الأوكرانية – الروسية أننا كنا نبالغ في قدرات روسيا العسكرية بعد أن رأينا نجاحا محدودا في عملياتها العسكرية.


نظام عالمي

من جانبه قال محمد بن صالح الحربي الباحث في الشؤون الإستراتيجية، الآن نحن بصدد تشكيل نظام عالمي جديد بدأ من 24 فبراير سيشهد حربا باردة وساخنة وشرسة وعقوبات.

وتابع: لو عدنا للتاريخ فقد بدأنا نظاما عالميا منذ 100 عام ثم عاد النظام أحادي ثم ثنائي ثم عادي أحاديا مرة أخرى، فالآن يتم رسم للخارطة الجيوسياسية بين الأقطاب الثلاثة وهي أمريكا وروسيا والصين.


وأكمل: “قد نشهد عدة سيناريوهات أولها نظام أحادي القطبية بقيادة أمريكا أو ثنائي القطبية بقيادة أمريكا والصين أو ثلاثي القطبية وسيكون بناء على نتائج الحرب الأوكرانية”.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات