قد قامت الصلاة


في شهر رمضان الفضيل يُقبل الكثير من الناس على المساجد، ربما يكون ذلك كنوعٍ من أنواع التقديس للشهر الفضيل، وربما يكون ذلك بسبب تصفيد الشياطين، فلا يجد هؤلاء ما يحول بينهم وبين المساجد.
المشكلة أن عدداً من هؤلاء لم يعتادوا على هذا النوع من الإلتزام، بل ويجهلون الكثير من أخلاق المساجد التي يجب مراعاتها قبل وأثناء وبعد الصلاة، وبالتالي يتعرضون لواقف قد تسبب لهم الإحراج، ولغيرهم الإزعاج.
فبمجردِ أن تنطلقَ كلمات الآذان من المآذن حتى تشعر ان الحركة أصبحت أكثرُ سرعةً في الشوارع والأزقة وحتى في المحلات، فتتوتر المنطقةُ المحيطة بالمسجد بمن فيها، يبدأ قسم كبير من الناس في التوجهِ الى دورات المياه للوضوء، ومن بعدها الى المسجدِ لتأدية الصلاة. لا يعارضُ الكثيرَ من أولئك المتوجهون الى المساجدِ الازدواجيةَ الكبيرةَ التي يعيشونها في حياتهم اليومية، لا يجد أحدهم أي حرجٍ في ان يترك تلك البضاعة المغشوشة في المحل الذي يملكه او يعمل به ويتوجه الى المسجد، وكأن المسجد هو المكان الذي يجرده من تلك الخطيئة الكبرى التي يرتكبها طوال النهار ويغسله من ذنوبه التي لحقت به جراء فعله الشنيع.
وقد يدخل الى المسجدِ في بعضِ الأحيان موظفٌ مسكينٌ يقف في الصلاة بخشوعً وتذللً كبير، وربما تتساقط الدموع من عينيه، ويضطر خلال الصلاةِ الى تفقد جيبه من حين لآخر لكي يتأكد من أن الرِشوة التي قبضها اليوم ما زالت في مكانها، وربما يسرحُ خيالهُ للتفكير في أوجُه انفاقها لدفع فواتير الكهرباء والماء المتراكمة على مدى عدة أشهرٍ دعتْ الشركةَ الى توجيه انذارٍ له بفصلِ الخدمة، وبما يحتاج الى دفع أقساط حاسوب ابنه او اشتراك الانترنت الشهري، يقلب عينيه ويريح نفسه من تلك الهموم؛ فما هو متأكد منه ان أوجه الإنفاق كثيرةٌ جداً، ولن يجد حيرةً في انفاقِ ذلك الدخل الإضافي.
وربما يدخل الى المسجدِ ذلك الموظفُ المجتهدُ النشيط على الرغم من أن يوم العمل في آخره وهو صائم، وبالتالي يعاني الكثير من الموظفين في تلك المرحلة من التعب والإرهاق والحاجة الماسة الى الخلود الى قيلولة صغيرة يستردون فيها جزءً من عافيتهم ونشاطهم، ولكن هذا الموظف يشعرُ بكل تلك الحيويةِ وذلك النشاط؛ فمن المؤكدِ أن تلك الساعات الست من ساعات عمله الثمانِ والتي قضاها في غفوة على مكتبه او في أحد المستودعات والمرافق كانت كافيةً لكي يستمر نشيطاً عشر ساعاتٍ أخرى دون أي يحس بأي كسلٍ أو تعب، بل ربما هو ينتظر ان تنتهي الصلاة لكي يستلم سيارة تكسي من صديق له يعملون عليها بالتناوب.
وهنالك من يأتي الى المسجدِ يريدُ ان يلحق بالصلاة دون تأخير، فيوقف سيارته في الشارعِ أمام المسجدِ بغض النظر عن وجود مكان للاصطفاف من عدمه، فهو مقدم على عمل نبيل والغاية تبرر الوسيلة على حد فهمهِ للموقف، وقد يستغربُ ويستهجنُ تلك النظرات اللوامة المصحوبة بأصوات الأبواق من أصحاب السياراتِ العالقةِ في الشارعِ والتي تنتظر خروجه من أجل فتح الشارع أمامهم لقضاء أعمالهم ومصالحهم.
خلاصة القول:
إذا كان الشخص لا يعرف الطريق الى المسجد إلا يوم الجمعة، أو لا يعرفه إلا من رمضان الى رمضان فذلك لا يعتبر عيباً، بل ربما يكون سبباً يدعوه الى الإلتزام بالصلاة باقي أيام العام، ولكن عليه أن يراعي جميع الأخلاق التي يجب أن يتبعها المصلون، كما يجب عليه أن يبتعد عن جميع الأمور المنهيّ عنها ويتذكر دائماً بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات