رسائل يوم الأرض .. ذاكرة فلسطين تهزم الاحتلال


جراسا -

منذ ربيع العام 1976، أصبح يوم الأرض، في الذاكرة الفلسطينية، رمزا لثوابت وحقائق فلسطينية، وباعتبار أن الأرض كانت وما زالت تشكل أساسا وجوهرا للصراع مع الاحتلال، وباعتبار أن الجغرافية الفلسطينية تستمد صمودها من الشعب الفلسطيني، وتستمد قوتها من شواهد التاريخ، والرسالة الأكبر ليوم الأرض «لن تستطيع أي قوة على وجه الأرض أن تقضي على الهوية الفلسطينية التاريخية والجغرافية».

وبقيت صرخة الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش، «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».. تجسد كل معان ودلالات رسائل «يوم الأرض»، وكيف تهزم ذاكرة فلسطين سطوة الاحتلال..

يوم الانتفاضة الفلسطينيّة
ولا تزال الذاكرة الفلسطينية، وفي الذكرى 46 ليوم الأرض، تستعيد مشهد يوم الانتفاضة الفلسطينيّة، والتي حدثت في الثلاثين من شهر مارس/ آذار عام 1976.

وأُعلن في ذلك اليوم الإضراب الشامل، وانطلقت المُظاهرات الشعبيّة في كافّة أرجاء المدن والقرى الفلسطينيّة، من البحر إلى النهر، احتجاجاً على سياسة دولة الاحتلال التعسفيّة، والتمييز العنصريّ، ومُصادرة نحو 22 ألف دونم من أراضي القرى العربيّة في منطقة الجليل الأوسط، وذلك في التاسع والعشرين من شهر فبراير/ شباط عام 1976، وكان من ضمنها أراضي عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد، وغيرها؛ لأجل تحصينها وإقامة المُستعمرات (المستوطنات) وِفق نطاق تهويد الجليل.

شهد عام 1948م و1976م مُصادرة السلطات الإسرائيليّة لأكثر من مليون دونم من أراضي القرى الغربيّة في الجليل والمثلّث، وملايين الدونمات الأخرى من الأراضي العربيّة التي هُجّر أهلها.


رسائل إحياء يوم الأرض الفلسطينيّ
ومنذ ذلك اليوم أصبح يوم الأرض مناسبةً وطنيّةً فلسطينيّةً وعربية، وأحد رموز الإصرار الفلسطيني على الصمود والنضال فوق الجغرافية الفلسطينيّة، وأن تكون رسائل إحياء يوم الأرض الفلسطينيّ، التأكيد على تمسّك الفلسطينيّ بأرضه، والتأكيد على إصرار الفلسطينيين في نيل حقوقهم المُتمثّلة بالعودة، والحرية، والاستقلال، وأن حق العودة والصمود من الثوابت الفلسطينية.

الدخلاء يبحثون عن وطن..من أوغندا إلى سيناء
وتبقى ذكرى يوم الأرض، رمزا تاريخيا فلسطينيا، وشاهدا على أن القضية لن تصفى، وأن الأرض لأصحابها الشرعيين، وليس للدخلاء المهاجرين.

وكان حاييم وايزمان، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، والرئيس الإسرائيلي في بداية تأسيس الدولة، أكثر وضوحا وهو يرسم صورة لهذه الحقيقة تفصيلا بعد تفصيل، في مذكراته التي نشرها في كتاب «التجربة والخطأ»..
يقول وايزمان: «لقد حدث في المؤتمر الصهيوني السادس، الذي عقدناه في سويسرا، أن وقف «هرتزل» يقرأ خطابا من اللورد «لاترسون» نائبا عن الحكومة البريطانية، وكان هذا الخطاب يقدم لنا أرض أوغندا لتكون وطنا قوميا، وقرر أعضاء المؤتمر قبول هذا العرض، ولكننا بعد ذلك كتمنا أنفاسه في المهد ودفناه دون ضجة، وعادت بريطانيا تريد أن تسترضينا، وعرضت علينا منطقة سيناء، وعلى أثر هذا العرض ألفنا لجنة من عدد كبير من علماء اليهود، سافروا إلى مصر لدراسة منطقة سيناء، وقابلوا في القاهرة اللورد «كرومر» المعتمد البريطاني في مصر، والذي أظهر كل العطف على أمانينا في الوطن القومي.

ولكن اللجنة لم تجد في منطقة سيناء ما يفي بالغرض الذي كنا من أجله نريد الوطن القومي، ولقد قابلت بعدها لورد «بلفور» وزير خارجية بريطانيا الذي بادر بسؤالي على الفور: لماذا لم تقبلوا إقامة الوطن القومي في أوغندا ؟! وقلت لبلفور: إن الصهيونية حركة سياسية قومية، هذا صحيح، ولكن الجانب الروحي منها لا يمكن إغفاله، وأنا واثق تمام الوثوق أننا إذا أغفلنا الجانب الروحي فإننا لن نستطيع تحقيق الحلم السياسي القومي !!»

كانت الأرض هي الهدف.. ومن هنا تبرز أهمية الرمز في يوم الأرض الفلسطيني.


بدء موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين
كانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتكثيف الاستيطان في القدس بالذات، واحدة من أهم ركائز الدعوة لتحقيق هذا الهدف (ولم تكن هناك قاعدة يهودية كافية تستطيع أن تتحمل عبء هجرة يهودية مؤثرة).

ويكفي أن نذكر أن عدد اليهود في فلسطين عام 1488 لم يتجاوز سبعين أسرة يهودية، وفي عام 1521 أصبح عددها ألف وخمسمائة أسرة، وفي عام 1798 تلقى الإمبراطور نابليون بونابرت تقريرا من مجموعة ضباط استكشاف سبقت جيشه إلى فلسطين في بداية الحملة الفرنسية على مصر، ويقول التقرير، إن عدد اليهود في فلسطين 1800 منهم 135 في مدينة القدس !! وفي عام 1841 بلغ عدد اليهود في فلسطين 3200 نسمة، ومع بداية الإحتلال البريطاني لمصر عام 1882 ارتفع عدد اليهود في فلسطين من ثمانية آلاف إلى أربعة وعشرين ألفا، بعد قيام الرأسمالي اليهودي البريطاني «أدموند روتشيلد» تنظيم أول هجرة جماعية يهودية إلى فلسطين.

الرهان الوحيد على الشعب الفلسطيني
وفي ذكرى يوم الأرض، تستعيد الذاكرة الفلسطينية، صور التمدد الاستعماري..ولا يمكن فصل استراتيجية نهب الأراضي الفلسطينية وإفراغ المدن والتجمعات العربية من سكانها، عن ترسيخ الطابع اليهودي العنصري.

وأمام هذا الواقع..لا يزال رهان التاريخ قائما على الشعب الفلسطيني وحده.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات