عملياتُ تجميل أَم تقبيح ؟! (2-2)


قدمت السينما والمجلاتُ الفنية ودور الأزياء وشركات الدعاية والإعلان وشركات الطيران وكازينوهات القمار والمراقص ومسارح الطرب، ومتعوده الرقيق الأبيض، المرأة على إنها "مانيكان" أو فاكهة أو طبق أو حلوى.
وحددت شركات "تسليع" المرأة مقاييس ومعايير صارمةً للوجه والأنف والشعر والوزن والقامة والعنق والسيقان والأرداف، لممثلات السينما.
فصارت المرأة العربية الجميلة هي التي لها عينان كعينا زبيدة، ووجه ملائكي موجه فاتن حمامة وجسم رشيق كجسم الراقصة نجوى فؤاد.
ولاحقا انتقل النموذج القدوة من الكلي إلى الجزئي، فصارت الأنوف كلها مثل أنف المطربة التي تستخدم جسدها أكثر من صوتها نانسي عجرم، واصبحت الوجنات كلها نسخة واحدة عن وجنتي دارين حدشيتي و سابين ونيكول سماحة.
لقد تم اختيار عارضات ازياء بمواصفات ومقاييس صارمة، عالفرجار والميليمتر !!
وتم اجراء مسابقات وانتقاء اجمل النساء إلى السينما
واصبح جسم المطربة وجمال وجهها، اهم كثيرا من جمال الصوت.
غير ان التجميل العلاجي ضرورة وتقدم علمي وشيء مختلف كليا.
فثمة شفة الارنب والتشوهات الخلقية والحروق والكسور وحوادث السير والانهيارات والانفجارات وضحايا الحروب والألغام، التي جاء التجميل، علاجا لها، يزيلها أو يخفيها أو يخفف من آثارها.
والداهية تتمثل في أن يهرع الرجال إلى إجراء عمليات التجميل، للحصول على شكل أكثر قبولا وجمالا، حسب معاييرهم وموازيينهم، التي يخالطها الخطأ احيانا كثيرة.
واكثر الأنوف غرابة وتشوها، هو انف الممثل والمخرج الفرنسي البارز جيرارد ديبارديو، المولود عام 1948 الحاصل، -رغم انفه المضخم المتعرج- على جائزة سيزار لأحسن ممثل مرتين، وعلى جائزة جولدن جلوب لأحسن ممثل عن دوره في البطاقة الخضراء، والمرُشّح لنيل جائزة الأوسكار عن دوره الرئيسي في فيلم سيرانو دو بيرجيراك.
كان بإمكان ديبارديو أن يُجري عملية تجميل بسيطة، تزيل عن أنفه ما لحق به من غرابة، لكنه رأى أن أنفه طبيعي وجميل، فلم ينزلق إلى لعبة التجميل المدمرة.
هذه هي المسألة، التلاعب بما خلقنا الله عليه، واخضاعه إلى عمليات جراحة ليست مضمونة ولا نهائية، لأننا نفتقر إلى القناعة والرضى، ولاننا أسرى التقليد الأعمى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات