البحث عن «نورماندي 2» لحل أزمة أوكرانيا


جراسا -

لم تنجح الحرب الإعلامية الأمريكية في إشعال فتيل الحرب ودفع روسيا إلى نقطة بات يتعين عليها عندها اتخاذ خطوة عسكرية.

وفشلت توقعات وسائل الإعلام الغربية، التي سارعت بتحديد موعد الحرب بيوم الثلاثاء (أمس)، أو فجر اليوم الأربعاء، بعد أن فشلت تلميحات البيت الأبيض وفقا لتقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية بأن موعد الهجوم الروسي المرتقب على أوكرانيا محدد بيوم 16 فبراير، ثم طرحت موعدا جديدا ( 20 فبراير)، لتستقر أخيرا على أن الهجوم يبدأ قبل نهاية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين!!

فشل الحرب الإعلامية وارتفاع صوت الحل الدبلوماسي
ومع فشل «الحرب الإعلامية الغربية»، ارتفع «صوت الحركة الدبلوماسية» وعبر تحركات مكثفة إلى موسكو وواشنطن مرورا ببرلين وباريس، وترى الدوائر السياسية في بروكسل، أن لا أحد يريد الحرب، لا روسيا ولا الدول الأوروبية الغربية، ولا مركز الأزمة (أوكرانيا)، ولا الولايات المتحدة التي تمتلك فى هذا الصراع الورقة الاقتصادية وليس العسكرية، وتدرك أنها تلعب خارج حدودها وتقترب من المجال الحيوى لدولة عظمى، وتعلم أيضًا أن أوكرانيا ستخسر المواجهة العسكرية مع روسيا، لأنها لن ترسل قوات لتحارب معها، كما أن فرنسا وألمانيا لا تريدان احرب، لأن لديهما مصالح مع روسيا، أبرزها الغاز الروسى، الذى يغذى أوروبا، والذى فشلت أمريكا فى إيجاد بدائل قطرية أو غيرها له.

روسيا أعلنت وكررت تأكيدها رسميا أنها لا تريد الحرب، وبات واضحا أنها تريد الحصول على مكاسب أمنية وسياسية تقضى بعدم وجود قوات أطلسية على الحدود الروسية، الأمر الذي أكد عليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن بلاده تصر على أن يتم البت في إغلاق موضوع عضوية أوكرانيا في الناتو اليوم وليس في المستقبل، وتابع: «لقد سمعنا منذ 30 عاما أن الناتو لن يتمدد يوما واحدا باتجاه الحدود الروسية، أما اليوم فنرى البنى التحتية للناتو قرب بيتنا».

ومن المرجح في هذه الحالة، أن تكتفى روسيا بـ «هجوم سيبرانى» يشل القدرات العسكرية والمؤسسات الاستراتيجية فى أوكرانيا، أو هجوم محدود يؤدى إلى المزيد من الحصار لأوكرانيا ويحُول دون انضمامها إلى الناتو.

البحث عن الحل عبر «نورماندي 2»


وعلى مسار البحث عن الحل الدبلوماسي، عقد المستشار الألماني، أولاف شولتس، محادثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الكرملين، واستغرقت أكثر من ثلاث ساعات، وتم طرح إحياء «صيغة نورماندي» الرباعية، التي تضم طرفي الأزمة روسيا وأوكرانيا بوساطة فرنسا وألمانيا، في محاولة لنزع فتيل حرب يرها البعض قريبة الاندلاع..وفي أول زيارة لوزيرة الخارجية الألمانية، ألينا بيربوك، إلى روسيا منذ توليها مهمتها، الشهر الماضي، طرحت على الجانب الروسي استئناف عاجل لمفاوضات السلام في النزاع الأوكراني، وقالت إنه من «المهم لأمن أوروبا عقد اجتماع مقبل «بصيغة نورماندي»، أي بين اوكرانيا وروسيا بوساطة المانية ـ فرنسية.

وخلال زيارتها لكييف يوم أمس الأول الاثنين، حيث التقت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى ووزير خارجيته ديميترو كوليبا، وصفت بيربوك أن اجتماعاً بصيغة نورماندي يبقى «الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق» لنزع فتيل الأزمة على الحدود الروسية الأوكرانية حيث احتشد عشرات الآلاف من القوات الروسية.

الاجتماع الأول في «نورماندي1» 2014


يذكر ان الاجتماع الأول من هذا النوع عقد في 6 حزيران/يونيو 2014 في «نورماندي» بشمال فرنسا، ولم يكن للقاء في البداية أي علاقة بالصراع الأوكراني، لكن استُغل الاحتفال بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي في الحرب العالمية الثانية لعقد اللقاء، وكانت روسيا قد ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لذلك كانت فرصة جيدة أن يكون رئيسا روسيا وأوكرانيا، فلاديمير بوتين وبيترو بوروشنكو، حاضرين في الاحتفالات بالإضافة إلى المضيف، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وكان جلب رئيسي روسيا وأوكرانيا إلى طاولة واحدة في ظل الوضع المتوتر آنذاك اعتُبر نجاحاً بالفعل، حتى مع عدم تمخض اللقاء عن نتائج ملموسة تجاه حل النزاع، لكن لم يتوقع أحد ذلك على كل حال.

اتفاقية مينسك


ومن وجهة نظر الكرملين، فإنه من الضروي العودة للاتزام أوكرانيا باتفاقية مينسك، التي تم التوصل غليها حينما بدأ الشرخ يتسع بسرعة بين كييف من جهة ودونيتسك ولوغانسك وعدد من المناطق الأخرى في شرق أوكرانيا، من جهة أخرى، عقب انقلاب في كييف في فبراير 2014 أطاح بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش المنحدر من دونيتسك، وتنص الاتفاقية على إيجاد طريقة « لنزع فتيل النزاع من خلال وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كم تم الاتفاق على الدخول في حوار ووضع آليات لإجراء الانتخابات المحلية في أوكرانيا، تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية وغير ذلك».

ومع ذلك، وعلى صعيد الالتزام بالتنفيذ اتهمت موسكو وكييف بعضهما البعض مراراً وتكراراً بخرق الاتفاقية. وانتقد البعض الاتفاقية ووصفوها بأنها أحادية الجانب، على اعتبار أنها ملزمة للحكومة الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ولكن ليس لروسيا.

موسكو تخشى استفزازات أوكرانيا «في اللحظة الأخيرة»


ورغم تحركات اللحظات الأخيرة، لإحياء مفاوضات السلام لحل الأزمة الأوكرانية، يخشى خبراء في موسكو، من تطورات «استفزات أوكرانيا بدعم أمريكي ـ غربي » تقلب طاولة السلام !! ويقول المحلل السياسي الروسي، «ألكسندر نازاروف»، ليس هناك شك تقريباً في أن أوكرانيا ستنفذ في المستقبل القريب استفزازاً واسع النطاق في إقليم الدونباس، يليه هجوم على جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وحينها سيقف فلاديمير بوتين أمام خيارين كلاهما مر: فإما الدفاع عن الدونباس، ومواجهة أشد العقوبات وربما صراع عسكري مع أوروبا.. أو الموافقة على الإبادة الجماعية للسكان الروس في المنطقة، ما يليه أصعب المشكلات السياسية الداخلية في روسيا.

اختيار بوتين واضح بالفعل، وكذلك الأمر بالنسبة لواشنطن. لكن التطورات، بعد اندلاع الأعمال العدائية، قد تحمل مفاجأة لم تكن في الحسبان للولايات المتحدة الأمريكية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات