واشنطن وبكين .. علاقة تنافسية أم عدائية؟


جراسا -

بعدما تكهن عديدون بأن سياسات إدارة بايدن ستكون أكثر تشددا تجاه الصين مقارنة بسلفه ترامب، يبدو أن الرئيس الأمريكي لم يستطع حتى الآن وضع استراتيجية واضحة تجاه خصمه العالمي، فكان الخيار الأنسب هو قمة افتراضية تحافظ على التنافس بين البلدين دون الانزلاق إلى صراع.

السياسية الأمريكية الجديدة
القمة التي كانت في نوفمبر الماضي بين بايدن وشي جين بينج، اتفق فيها الطرفان على التهدئة إلا أنها لم تصمد أياما مع إعلان أمريكي بمقاطعة أولمبياد بكين الشتوية.

بعدها تأكدت قناعة لدى بكين مفادها: أن لهجة واشنطن تجاهها لم يطرأ عليها أي تغيير جوهري، وهذا ما قاله وزير الخارجية الصيني نفسه، فالملفات الشائكة بين الجانبين أكبر من أن تعالجها قمة افتراضية.

أبرز تلك الملفات يتمثل في العلاقات التجارية، فاستمرارا للحرب التجارية التي أطلقها ترامب على بكين في 2018، أبقى بايدن على التعريفات الجمركية و إدراج كيانات صينية على قائمة العقوبات.

أما تايوان وهو الملف الحساس للصين.. فواشنطن لا تزال تقدم نفسها كحليف رئيسي للجزيرة دون اعتراف دبلوماسي، وتؤكد دوما الرد على أي عدوان من بكين.




وبحر الصين الجنوبي يحمل هو الآخر بعدا عسكريا للخلاف الصيني الأمريكي، فبينما تتمسك بكين بأحقية سيادتها على معظم جزره، تواصل واشنطن تعزيز وجودها على الممر المائي الغني بالموارد.

وتستخدم الإدارة الأمريكية كذلك في صراعها الدائم مع الصين، ورقة حقوق الإنسان وتحديدا في ملفي الإيغور وهونج كونج، لكن السؤال الآن.. هل نستطيع أن نقول إن ثمة خطة أمريكية حالية تجاه الصين، أم أن بايدن لم يعثر بعد على إستراتيجية الصين المفقودة؟

تحسس بين واشنطن وبكين

في السياق، قال مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، مايكل باتريك مولروي، إن الولايات المتحدة الأمريكية لديها إستراتيجية واضحة تجاه الصين، موضحا أن بكين هي المنافس الاقتصادي الأكبر بالنسبة لواشنطن.

وأضاف مايكل باتريك خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” عبر شاشة الغد أن واشنطن لديها سياسة تجاه الصين، ولكنها قد تكون غامضة بعد الشيء، وهو غموض مقصود.

وأكد أن الولايات المتحدة لا تعتبر الصين عدوا ولكنها متأكدة أنها منافس اقتصادي قوي، لذا هناك جوانب كثيرة يمكن أن تتعاون فيها مع بكين، كما يجب أيضا أن نكون قادرين على التعاون مع المنافسين.

واستكمل قائلًا: “الرئيس جو بايدن تعلم الكثير ويعرف جيدا ما يحتاجه خلال تعامله مع الصين وروسيا وإيران وغيرهم من الدول التي تتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

وعن التنافس العسكري، أوضح مايكل باتريك أن كل البلدان تقوم بالتجسس على بعضها البعض، ومن يقول غير ذلك يكذب، وبالفعل نحن نقوم بالتجسس على الصين ومن ناحية أخرى، الصين تقوم بالتجسس علينا.




غير واضحة المعالم
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي الصيني، إلهام لي، أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين غير واضحة المعالم، مشيرا إلى أن سياسات الرئيس جو بايدن غير ثابتة.

وأضاف إلهام لي أن العسكريين والسياسيين يعتبرون الصين عدوا، لكن شريحة كبيرة أيضا من الشعب تعتبر الصين صديقا، لكن الغموض السياسي ينعكس على العلاقات تجاه البلدين.

كما أوضح إلهام لي أن الحكومة الصينية تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية.




علاقة تنافسية وعدائية
ويرى خبير الشؤون الأوروبية، إيفالد كونيج، أن السياسة الأمريكية تجاه الصين غير واضحة تماما، وقد يكون هذا إيجابيا جدا لأنها لو كانت واضحة فستكون سلبية لواشنطن.

وأضاف كونيج أن العلاقات الأمريكية الصينية تنافسية وعدائية في آن، واصفا إياها بأنها علاقة بين منافس وشريك، لافتا إلى أن الموقف لن يتغير كثيرا عن عهد دونالد ترامب.

كما أوضح كونيج أن أوروبا لديها مشكلة كبيرة مع الصين مؤخرا نتيجة الضغط الصيني الجديد، فبلدان الاتحاد الأوروبي فتحت مكتبا بتايوان وهو ما يعتبر استفزازا لبكين لأنها على مشاكل مع تايبيه.

وأشار كونيج إلى أن كل البلدان التي تجمعها علاقات اقتصادية مع تايوان يمكن أن تتم معاقبتها من قبل الصين، وفرض عقوبات، ولكن الأوروبيين اعتادوا على مثل هذه العقوبات.

كما أوضح كونيج أن الجميع بحاجة إلى تحسين العلاقات، لكن هذا يحتاج إلى كثير من الأعوام، ولكن من منظور أوروبي فنحن نرى أن الشركات بدأت تقلل من الاعتماد على الصين في التجارة.




التوتر في بحر الصين الجنوبي
ومن روسيا قال أندريه أنتيكوف، الباحث في العلاقات الدولية، إن التوتر بين واشنطن وبكين سيستمر لفترة طويلة في بحر الصين الجنوبي، وستواصل الضغط عليها بكل السبل.

وأضاف أنتيكوف أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جر روسيا إلى مناطق صراع متعددة لكي تواجه الصين بمفردها، مشيرا إلى أن كل هذه التحركات ستبوء بالفشل.

وأوضح أنتيكوف أن الصين باتت قوة كبيرة كالولايات المتحدة الأمريكية.




استمرار التصعيد
ومن القاهرة، قال أحمد قنديل الباحث في الشؤون الآسيوية، إن المشهد بين الصين وأمريكا ليس جديدا فهو موجود منذ الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.

وأضاف قنديل أن الجيش الأمريكي يتسفز بكين في بحر الصين الجنوبي، لردع القوات الصينية ولن يتلاشى ذلك قريبا بسبب سوء العلاقات بين البلدين.

كما أوضح قنديل أن صفقة الغواصات النويية مع أستراليا أزعج الصين، وكل هذه التحركات لا تبشر بأن هناك خفضا للتصعيد.




قواعد عسكرية
كما قال إلهام لي، الكاتب الصحفي الصيني، إن صور الأقمار الصناعية التي رصدت إنشاء قواعد عسكرية في بعض الجزر قرب بحر الصين حق قانوني على أراضيها الخاصة، موضحا أن الجزر المذكورة مهمة للصين تاريخيا وإستراتيجيا.

وأكد إلهام لي، أن العلاقات بين الصين وجيرانها كانت جيدا جدا قبل التدخلات الأمريكية، لافتا إلى أن بكين تتحرك وفقا للقوانين الدولية لمواجهة أي تهديد محتمل.

وتطالب الصين بالسيادة على معظم مساحة بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره تريليونات الدولارات من التجارة سنويا، وسط مطالبات مشابهة من بروناي وماليزيا والفيليبين وتايوان وفيتنام.

ويعد بحر الصين الجنوبي هو أكبر بحر في العالم بعد المحيطات، حيث تبلغ مساحته نحو 3.5 مليون كم مربع، وهو يقع على الطرف الغربي من المحيط الهادئ.

ويشمل المنطقة الممتدة من سنغافورة إلى مضيق تايوانجر، فيما تعد الصين من أطول الدول بإطلالة بحرية عليه من جهة الشرق بمسافة يبلغ ساحلها 18000 كم مربع.

ويحتوي بحر الصين الجنوبي على احتياطات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي تقدر بين 23 إلى 30 مليار طن من النفط، و16 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات