الاستيطان الحيواني


اعتدت في السنوات الأخيرة على التجوال في الأراضي الفلسطينية لتوثيق الحياة البرية بالكاميرا، زيتونا وطيرا وبشرا وحجرا، وبات لدي أرشيف متنوع من الصور.

وكنت أجوب الأغوار على حافة نهر الأردن ومراقبة الغزلان والغربان والعقبان وأحيانا أزور ينابيع مياه مرورا بوادي المالح حيث الطبيعة الخلابة بين الجبال.

وقبل سنة لاحظت عند وقوفي مع راعي أبقار كيف أن سلطات الاحتلال قامت بتسييج مساحة من آلاف الدونمات كانت ترعى فيها أبقاره، والسبب أن مستوطنا استطاب المكان وجلب بضع عشرات من الأغنام وأقيم له منزل وحظيرة للأغنام وتمت مصادرة المنطقة له.

وباتت الأبقار هدفا لرصاص قوات الاحتلال التي تتخذ من المنطقة القريبة ميدانا للتدريب بينما تنعم أغنام المستوطن بمئات الدونمات.

وأثناء حديث الراعي لاحظت أن أبقاره تشم الماء من مجرى نبع يتدفق على يسار الطريق فتساءلت عن السبب فقال إنها ماء مالحة لذلك سميت المنطقة بالمالح لكن على يمين الطريق هناك نبع آخر لكنه عذب الماء.

وعلى مقربة من المالح شرقا هناك عين الحمى وهو نبع عذب يطل على وادي الأردن حيث دعاني مزارع إلى بيته لتناول القهوة وكان منزله الوحيد في المنطقة وأشار إلى قمة جبل قريب وقال: هناك مستوطن جاء قبل أيام معه عددا من الأغنام وفورا تم إيصال الماء له وبيتا جاهزا وكهرباء وتقوم دورية عسكرية بحمايته والهدف هو الوصول إلى النبع ومصادرته”.

فالاستيطان اتخذ طابعا حيوانيا في السنوات الأخيرة فبعد مقتل مستوطنين قرب مستوطنة أقيمت على أراضي النبي صالح ودير نظام شمال شرق رام الله برصاص شاب من قرية كوبر الواقعة شرقا توسع المستوطنون نحو كوبر وأحضروا مستوطنا، يبدو أنه أبله بشعره الطويل مع أبقاره وأقاموا له مستوطنة بين تلين من أشجار الصنوبر حيث تجوب أبقاره أراضي ومزروعات القرى دون أن يلاحظ أحد أن مستوطنة جديدة ستقام في المكان ويبدو أن الحظ يلازم هذا الراعي حيث أفشل الاحتلال عمليتين لقتله واعتقل عددا من شبان كوبر.

وهذه القرية مكروهة احتلاليا لانها تسببت في مقتل العشرات من الجنود والمستوطنين وهي مسقط راس مروان البرغوثي.

الاستيطان الحيواني هو نسخة جديدة من الاستيطان وينمو بسرعة ويتسع وقد دعمته حكومة نتنياهو السابقة وبينيت الحالية كتعويض عن الاستيطان الرسمي في القدس وحول المدن حتى لا تثير ضجة دولية خاصة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك توجه بينيت لإقامة مشاريع استيطانية إلى الجولان باعتبار أن ترامب اعترف بأنها إسرائلية بينما لم تسحب إدارة بايدن هذا الاعتراف.

الاستيطان الزراعي والحيواني في الأغوار لا يختلف عن الاستيطان الديني في القدس وغيرها لأن شعار المستوطنين واحد وهو طرد العرب.

حافظ البرغوتي..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات