خبير روسي يكشف أسباب أزمة أوكرانيا


جراسا -

تخشى الدوائر العسكرية الدولية من تفاقم الأزمة بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة أخرى، بسبب الوضع في أوكرانيا وما حولها، مما له من تأثير كبير على نظام العلاقات الدولية برُمّته، ومن دون شك، فإن صدى التطور اللاحق لهذه الأزمة سيصل إلى الشرق الأوسط، بحسب الخبير فيتالي نعومكين، رئيس «معهد الاستشراق» التابع لأكاديمية العلوم الروسية.

وبينما يتّهم سياسيون غربيون روسيا بالتحضير لغزو أوكرانيا، في إشارة إلى تحرك جزء من القوات الروسية في المناطق الغربية من البلاد إلى الحدود الروسية الأوكرانية، فإن موسكو تعتبر إعادة انتشار معينة للقوات الروسية في المناطق الغربية من البلاد وعلى أراضيها، حقاً سيادياً لها، وهذا التحرك الداخلي لجزء من قواتها لا يهدّد مصالح أي جهة.

روسيا نخشى تهديداً وجودياً لأمنها

ويقول فيتالي نعومكين، إن موسكو بدورها تعتبر ضخ الأسلحة لأوكرانيا وخطط جرِّها إلى «الناتو» مع نشر أسلحة هجومية على أراضيها، تهديداً وجودياً لأمن روسيا.. ولا عجب في أن احتمال ظهور صواريخ أمريكية في أوكرانيا، على مسافة 5 دقائق تحليق عن موسكو، يثير ردة فعل حادة من قبل القيادة الروسية، إذ لا يمكن للكرملين أن يسمح بذلك”.

وبات من المعروف أن موسكو تدعو من خلال الوثائق التي أرسلتها روسيا في منتصف ديسمبر 2021 إلى واشنطن وبروكسل (مشروعا معاهدة واتفاقية) الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى تقديم ضمانات مكتوبة لأمن روسيا، بما في ذلك الامتناع عن ضم أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف.

ويتساءل الأكاديمي والخبير الروسي: لماذا مكتوبة؟

ويجيب: “لأنه في الماضي، قدمت الولايات المتحدة وعوداً، أولاً إلى الرئيس السوفيتي الأسبق ميخائيل جورباتشوف، ثم إلى بوريس يلتسين، بعدم توسيع «الناتو» شرقاً، وهو ما تم توثيقه في بروتوكولات المفاوضات، بينما تم بعد ذلك نكث هذه الوعود، وتوسع الحلف شرقاً على دفعتين.. الآن، بطبيعة الحال، لن يصدق أي شخص آخر الوعود الشفوية. ويمكن القول إن بوتين يصحح خطأ جورباتشوف الذي سمح بخروج روسيا من الحرب الباردة، من دون التوقيع على اتفاق يأخذ في الحسبان مصالح أمنها”.

هل تقبل واشنطن انضمام دول مجاورة لحلف عسكري منافس؟

ويضيف «نعومكين»: “يصرّ الغرب على أن لكل دولة الحق في اتخاذ قرار مستقل، بشأن الانضمام أو عدم الانضمام إلى الحلف الذي بدوره يتخذ القرار بنفسه بالشكل الذي يراه مناسباً..لكن من الطبيعي تماماً أن يُطرح السؤال التالي في روسيا:

كيف كانت ستتصرف الولايات المتحدة في حال – فرضاً ومن الناحية النظرية البحتة – دار الحديث عن انضمام دول مجاورة لها، مثل المكسيك أو كندا إلى حلف عسكري يعتبرها عدواً له؟.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى الأزمة الكوبية عام 1962، والتي كادت تؤدي إلى حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

وبالمناسبة، أغلقت روسيا في عام 2001 قاعدتها للتنصت الإلكتروني في تورينسي، إحدى ضواحي هافانا التي أطلق عليها الأمريكيون لقب «لورديس». ويعتقد بعض المحللين الروس أنه في ظل الظروف الحالية كان بإمكانها أن تكون مفيدة للغاية.



كيف ستنتهي سلسلة محادثات روسيا مع الغرب؟

وتابع الخبير الروسي، في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: “يبقى السؤال: بماذا ستنتهي سلسلة المحادثات بين الوفدين الروسي والأمريكي، في جنيف، في 10 يناير، ثم بين الوفد الروسي و«الناتو» في إطار «مجلس روسيا- الناتو» في 12 يناير، وبين ممثلي الاتحاد الروسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 13 يناير؟ وهل هناك أي حل وسط ممكن على الإطلاق؟ مع مراعاة أن موسكو حقاً لم يبقَ لديها مجال للتراجع.

بالطبع، لا أحد في روسيا يريد أي حرب، خصوصاً في أوكرانيا، حيث يعيش الشعب الأوكراني الشقيق وملايين الروس. ومع ذلك، فإن عديداً من المحللين الغربيين يناقشون فرص كسب الحرب في أوكرانيا، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من أننا لم نشهد حتى الآن رغبة كبيرة – كما يبدو- من جانب أمريكا، للمشاركة في مثل هذا المشروع المحفوف بالمخاطر.

وأخشى في الوقت نفسه من أن قادة الولايات المتحدة وحلفاءها في «الناتو» لا يدركون بعد التغييرات الهائلة التي تحدث في الساحة العسكرية والسياسية العالمية.


ومن بين أصوات الخبراء الأمريكيين، يبرز صوت أولئك الذين يطالبون واشنطن بالتخلي عن الأوهام. فوفقاً للمحارب القديم في الجيش الأمريكي، العقيد المتقاعد والمحلل المحافظ دوجلاس ماكجريجور، على الرغم من حقيقة أن إدارة جو بايدن تنفق 768.2 مليار دولار على الدفاع الوطني، وروسيا تنفق 42.1 مليار دولار فقط، وهو أقل من الميزانية العسكرية لكوريا الجنوبية البالغة 48 مليار دولار، فإن القوات البرية الروسية متفوقة في القدرة القتالية والقوة الضاربة على الجيش الأمريكي وفيلق مشاة البحرية.

وهذا التفوق الذي تتمتع به القوات المسلحة التقليدية الروسية، في هذه الحالة بالذات، يرجع جزئياً إلى حقيقة أنها ستقاتل في أوكرانيا بالقرب من حدودها.. يُضاف إلى ذلك، أن التدريب العالي تقليدياً، والمعنويات القتالية، والشعور بالوطنية، ستدفع وتوحد العسكرين الروس، في حال تعين عليهم الدفاع عن أرضهم.
مخاوف «فنلندا» أوكرانيا

ويذكّر الدبلوماسي البريطاني السابق، أليستر كروك، بكيفية إصابة الغرب بالذهول، عندما دخلت روسيا سوريا في عام 2015، وعرقل الجيش الروسي خطة واشنطن لإطاحة الحكومة السورية. وعلى حد تعبيره، فإن الرسالة اليوم هي التالية: إما أن تقوموا بـ«فنلندا» أوكرانيا (جعلها مثل فنلندا)، وإما أن تقوم روسيا بذلك نيابة عنكم.. بالمناسبة، لا أرى شيئاً في مثل هذه النتيجة للشعب الأوكراني الشقيق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات