خيار السلام العربي وخيار الحرب الإسرائيلي


لقد طرح العرب خيار السلام وكان أول من طرح هذا الخيار بشكل واضح لا مواربه به، واسقط اي خيار بديل ، كان الرئيس الراحل أنور السادات ،عندما أعلن أن حرب رمضان ستكون آخر الحروب، وذلك قبل أن تعلن إسرائيل أنها ستنسحب من الأراضي العربية المحتلة وتعيد للفلسطينيين حقهم في أرضهم ووطنهم ودولتهم المستقلة ، وقبل أن تقلع عن أوهامها الصهيونية المنحرفة في الغزو والتوسع والاستيطان وحث اليهود للهجرة من أوطانهم في كافة أرجاء المعمورة والقدوم إلى فلسطين، وقبل أن توافق على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ومنازلهم التي ارغموا على تركها قبل اكثر من اثنان وستون عاماً. لقد عاد العرب وطرحوا خيار السلام المرة تلو المرة دون أن يلقى هذا الطرح تجاوباً من إسرائيل قيادة وشعباً كون التعبئة الصهيونية المتطرفة للإسرائيليين واليهود وخلال العقود المتتاليه قد أبعدتهم عن فكرة السلام وزرعت فيهم جرعة عالية من الحقد والعنصرية على العرب بعامة والفلسطينيين بخاصة ، بحيث بدأ الإسرائيليون وحتى غالبية اليهود في الغرب يشعرون إن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة والعنف ، لذلك فقد انتهجت إسرائيل سياسة اليد الطويلة ضد العرب والقبضة الحديدية ضد الفلسطينيين، لعلها تخضع الإرادة العربية الفلسطينية لأهدافها الشريرة وهي تعلم أن العدوان لا بد أن يستنفر كافة القوى الحية في الشعوب للمقاومة ورد العدوان.
لقد اعاد القادة العرب طرحهم لخيار السلام الاستراتيجي مع إسرائيل وأسقطوا أي خيار آخر متاح في اكثر من مؤتمر قمه وبدءا من مؤتمر القمة العربية في القاهرة عام 1996 وحتى هذه المبادرة العربية قابلها المجتمع الإسرائيلي في حينه بوقف المسيرة السلمية والتوجه لمزيد من التطرف باختياره لنتنياهو ثم شارون لقيادته ، وهو يعرف توجهاتهم المناوئة للسلام وشغفهم بممارسة العدوان. ثم جاءت أخيراً مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز الملك لاحقا ، والتي تنص على الانسحاب الشامل من كافة الأراضي العربية المحتلة مقابل إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، والتي عرضت على مؤتمر القمة العربي في بيروت وأقرها كمشروع سلام عربي موجه نحو دولة اسرائيل ومناصريها من اليهود والدول الغربيه كتعبير عن رغبة العرب في انهاء الصراع العربي الإسرائيلي في ظل سلام شامل وعادل.
لقد كان الرد الإسرائيلي سريعاً على المبادرة العربية السلمية عندما رفضها شارون وطرح تصوراً مرحلياً طويل الأجل خاصاً به بهدف تقنين الإحتلال وتهذيبه، ثم بادر بتوجيه ضربة مضادة شديدة للمشروع العربي وقبل أن تمر 24 ساعة على إعلانه عندما قرر اعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومحاصرة مقر القياده الفلسطينية واستهداف كافة الكوادر العليا للقيادة الفلسطينية السياسية منها والأمنية.
إن مفهوم خيار السلام الاستراتيجي مع إسقاط كافة الخيارات الأخرى في الوقت الذي تحتفظ فيه إسرائيل وقيادتها بخيار الحرب يعد نقطة الضعف الخطيرة في المبادرة العربية ويفرغ تلك المبادرها من مضمونها ، ويتركوا الفلسطينيين مكشوفين على الآخر امام اسرائيل ، كما قد يجعل بعض الفلسطينيين ازاء هذا الموقف ان يقدموا تنازلات لاسرائيل غير مقبوله للشعب الفلسطيني الامر الذي يؤدي عاجلا او آجلا الى رفضها .ان ما تسرب من ملف المفاوضات الفلسطينيه الاسرائيليه من خلال قناة الجزيره وبعض الصحف البريطانيه يؤشر الى مدى التردي الذي وصلت له الامور بحثا عن السلطه والمكاسب .وان ادعاء محمود عباس ان كل ما يطرح في المفاوضات مع اسرائيل يتم طرحه على الزعماء العرب لا يعد تبريرا مقنعا لاحد، لان الاولى ان تطرح الامور على الشعب الفلسطيني نفسه كونه المتضرر وصاحب القضيه، من خلال ما سمي ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينيه .التي يبدو انها آخر من يعلم . فإذا كان الفلسطينيون والعرب غير قادرين على تفعيل الخيار العسكري بسبب تعقيدات موضوعية عربية وتعقيدات إقليمية ودولية ، فإن أقل ما يمكن أن تتوقعه الشعوب العربية من حكامها أن يفعلوا قدراتهم السياسية ومواردهم الماليه والاقتصادية بأقصى طاقاتها ، وأن يقدموا كل الدعم المادي الممكن الذي يتيح للشعب العربي الفلسطيني الاستمرار في الصمود والمقاومة وان لا يشرعنوا التنازلات او ان يجبروا الفلسطينين على ذالك من خلال وسائل الضغط المختلفه للتخلص من اعباء هذه القضيه ،وان لا تنبري القياده الفلسطينيه الحاليه لاعطاء الغطاء لذالك ، وبخاصه في القدس درة فلسطين والقبله الاولى للمسلمين ، فلا يمكن ان تكون هناك دوله فلسطينيه بدون القدس على الاطلاق ، وان يتركوا الامور حتى يأذن الله بنصر قريب لهذا الشعب الصابر المرابط وهذا آت لا محالة فهو وعد الله الحق.

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات