خيوط


عندما كنا صغارا كانت ملابسنا تتعرض كثيرا للتمزق والتفسخ ، وهو ما كنا نطلق عليه " مزع أو فرط " ، أكثر مكانين حساسين كانا من ناحية " الركب " ومن ناحية (...) نتيجة حركة لا إرادية للجلوس السريع . الأمر الذي يدفع أمهاتنا إلى خياطة ورثي ذلك التمزق .
ولكون الوالدة لا تملك في جميع الأوقات ، خيوطا من نفس الألوان ، لذا فهي تبادر إلى خياطته بالخيط واللون الموجود لديها في حينه . وما زلت اذكر عندما تطلب مني أن احضر لها " الكرارة " فأحضرها دون أن اسألها " شو اللون " كوننا لم نعتاد إلا على لون واحد هو اللون الموجود . لذا فالأمر طبيعي إن تم خياطة ورثي البنطال الأسود بخيط أحمر أو اخضر أو حتى ازرق .
صديقي "عبدو " كان صاحب الرقم القياسي في عدد " الفرطات " في ملابسه ، وصاحب الرقم القياسي أيضا بعدد الألوان التي تم رثي ملابسه بها ، قد تظنه لوهله لوحة تراجيدية لفان كوخ أو لبيكاسو مثلا .
مع الأحداث التي جرت وغيرها التي تجري وستجري ، مع التطورات في المواقف وكل تلك الانتقادات التي تعرضت لها حكومتنا ، وحتى مسالة بقائها إلى الآن وفي ظل الدعوات المتكررة والمنادية إلى إقالتها وحجب الثقة عنها والمطالبة باستقالتها ، المشهد لا يختلف عن مشهد ملابسنا الممزقة والتي تم رثيها بخيوط ملونة .
فانا أرى خيوطا حمراء وزرقاء وصفراء ، وبرتقالية في هذا الجسد الحكومي ذكرتني بما مضى ودفعتني إلى بسط ذكرياتي .

Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات