الجيش


تدخل الجيش في الأنماط المعيشية للأسرة الأردنية, هو لم يكن مؤسسة قتالية فقط بل كان مؤسسة طبية, وتعليمية, وأكاديمية.. لكن أحدا لم يتطرق إلى دخوله في النمط المعيشي للأسرة الأردنية..

مثلا من المستحيل قديما أن تدخل إلى منزل ريفي دون أن تجد (جركنات الجيش) مرصوفة على زاوية عند المدخل, وتستعمل للشتاء من أجل تخزين الكاز... من المستحيل مثلا أن تدخل منزلا ريفيا ولا تجد... (بعض البساطير) لزوم الثلج, فهي في حالات الطين والمطر تحمي القدم جيدا.. من البلل ومن تغلغل البرد.. ومن المستحيل ألا تجد (فلدة) عسكرية, يستعملها الوالد والأبناء والمدام.. وحتى لطفي أصغر أفراد العائلة يستعملها, ميزة الفلدة العسكرية.. أنها من دون مقاس فالكل يستطيع ارتداءها.. بمن فيهم لطفي.

من المستحيل مثلا, ألا تجد (بوريه) على طاولة بعيدة, ويستعمله لطفي أحيانا حين يصعد للسطح, من الممكن أيضا.. أن يستعمل من قبل نوال, حين تريد أن ترى وجهها على المرايا...

الجيش تدخل في أنماط الحياة داخل المنزل الأردني, شكلها وحدد مساراتها.. وسلوك الأسرة, وحتى الحب زاد من نسبته...

المهم أنه أيضا تدخل في تشكيل السلوك الصارم, كل الاباء الذين أنهوا التقاعد صارت وجباتهم في المنزل, تقدم بحسب ما كان يقدمه مطعم الجيش... وطريقة الأكل يجب أن تكون صامتة, وثمة ملاحظات تنطلق تتعلق بعدم شرب الماء مع الطعام.. وتوصيات أخرى من شاكلة (كمل صحنك).. لدرجة تشعر فيها بأن الوالدة لا تمارس الأمومة, أو الرعاية.. بقدر ما تمارس وظيفة ركن الاستخبارات في الكتيبة, فهي مشغولة بتقديم تقارير للوالد..عن الفتى الذي أنهى صحنه, وعن لطفي الذي قال إنه لا يحب الفاصولياء... وعن تهاني, التي تأكل وهي مستلقية..

لا أنسى أيضا, أن الجيش تدخل في المزاج.. فهناك سيجارة (الريم) التي يتم شراؤها من المؤسسة العسكرية, تعطي مذاقا أفضل من سيجارة السوق.. وشفرات التمساح التي كانت تستعمل زمن الخدمة, كانت تكفي لشهر كامل دون تغييرها بعكس شفرات السوق... المزاج تدخل به الجيش أيضا, ناهيك عن أشياء كان يعلمنا اياها الآباء حين نرافقهم في السيارة.. وتمر من أمامنا (روفر) مسرعة, ويبدأ الأب بالشرح لك عن العلم الموجود على (الروفر)... ويخبرك بأنه علم الفرقة الرابعة... وأحيانا يشرح لك, عن الشعار الذي يوضع على الكتف.. وهل هو للمشاة أم للمدفعية.?. وماذا يميز هذه الشعارات..

أنا فهمت الإصلاح جيدا.. حين حفظت أغنية: (راعي الشماغ الاحمر فوق المجنزر يهدر تقول سبع زمجر زغرديلو يا بنية)... وفهمت الإصلاح جيدا.. حين ارتديت (الفلدة) ذات مساء.. كي أذهب حاملا لجدتي علبة سجائرها التي نسيتها في منزلنا.. فهمت الإصلاح جيداً,..حين ميزت أعلام الكتائب والألوية والفرق.. المرسومة على سيارات (الروفر).. وفهمت معنى الإصلاح أكثر... حين سرقت بعض اللوز من فوق سور الجيران, وتدخل (القايش) لتعليمي أصول الحياة والانضباط...

أصلحني الجيش, لكن للأسف (خربتني) الحياة...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات