"ملف كورونا" .. قرارات حكومية وعدائية شعبية!


جراسا -

نضال سلامة - تشهد القرارات الحكومية المتعلقة باجراءات محاربة انتشار فيروس كوفيد - 19، رفضا مجتمعياً سواء كان محليا او دولياً، الى ان وصل الامر الى مرحلة العدائية والتشكيك في تلك القرارات والاجراءات، فما بين فرض ورفع حظر، وما بين تشديد واجراءات تخفيفية، وبلاغات حكومية تنفي ما سبقها، عاش المواطن الاردني مرحلة لا يحسد عليها من التجارب في القرارات التي ايقن في ذاته انها لا تأتي ضمن دراسات وليست مبنية على خطط ادت الى سلوك رافض معادي لتلك الاجراءات حتى لو كانت في صميم المصلحة الصحية العامة.

موجة الرفض التي رصدناها عبر مواقع التواصل تطرح في الأذهان أسئلة حول سبب عدائية المواطن للقرار الحكومي ، بغض النظر عما إذا كان لصالحه أم لا ؟ ولماذا تقابل الإجراءات الحكومية دائما بالرفض من قبل المواطنين ؟

الخبير التربوي محمد التهتموني قال لـ"جراسا" أن الموضوع يعود الى تعامل الحكومة مع الشعب ، وسببه غياب الثقة المتبادل بين الطرفين ، ففي ظن المواطنين أن القرارات الحكومية تعود عليهم بالضرر ، وأن ما تصدره الحكومة من قرارارت و بلاغات في واد والتنفيذ بواد آخر .

واستشهد التهتموني بالمشاهد التي تداولها المواطنون من مهرجان جرش ، وعدد من المهرجانات والحفلات ، مضيفا أنه عندما رأى المواطنون ما جرى في مهرجان جرش وغيره من المهرجانات والاحتفالات من عدم التزام وعدم اتخاذ اجراءات فاعلة بحق مرتكبي المخالفات فيها ، فقدوا الثقة بإجراءات الحكومة ، حيث أنهم نظروا الى أنه لا توجد عدالة ولا مساواة في التعامل مع المخالفات والتجاوزات التي جرت وبالتالي أسهم بتعزيز عدم الثقة بما تصدره الحكومة من بلاغات.

أستاذ علم الإجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور حسين الخزاعي أيد خلال حديثه مع "جراسا" ما ذهب اليه الخبير التربوي التهتموني ، وقال :" أن التناقض والإزدواجية وعدم التنسيق في العمل بين القطاعات المتعددة التي تكلف بمتابعة ومراقبة ارتداء الكمامة والالتزام بمعايير السلامة ، وأيضا عدم الالتزام بالمتابعة من قبل المؤسسات الرسمية التي تنفذ النشاطات المختلفة وخاصة المهرجانات ، أدى الى تشكل صورة لدى أبناء المجتمع دفعتهم للتساؤل لماذا هذه الأنشطة مسموح لها العمل بدون ضوابط ، وحدثت تجاوزات لم تتم المحاسبة عليها ، وفي المقابل يتم التشدد على نشاطات وجهات أخرى ؟

ولفت الى أن هناك سبب آخر يدعو لرفض الاجراءات الحكومية المتعلقة بمواجهة كورونا وهي المفاهيم السابقة التي لا زالت مترسخة لدى البعض ، حيث يعتقدون أن من تلقى المطعوم لا داعي لارتدائه الكمامة ، ولا داعي لالتزامه بإجراءات الحكومة ، مضيفا أيضا أن خمس السكان لازالوا يعتقدون أن "كورونا" هي مؤامرة على المجتمع ولا وجود لها من الأصل ، ما يدفعهم للتمسك بموقفهم في رفض القرارات الحكومية.

وختم الخزاعي حديثه بأن من أسباب عدم تقبل القرار الحكومي هو عدم التزام البعض بصحتهم واتخاذ التقليد الأعمى سلوكا ، فبمجرد أن رأى مجموعة غير ملتزمة في مكان ما أو تجمع ما فإنه يعمل على تقليدهم.

المختص بعلم النفس الدكتور حسين الطراونة أوضح لـ"جراسا" أن جائحة كورونا خلقت مشاكل نفسية لدى الإنسان لم يشهدها من قبل ، مشيرا الى أن الانسان عبارة عن مشاعر وأحاسيس وثقة ، منوها الى أن المواطن بهذه الحالة وصل الى مرحلة من عدم الثقة ، سيما أن هذه المرحلة تتعزز مع الظروف التي مر بها المواطنون خلال جائحة كورونا.

وأشار الى أن العوامل النفسية التي خلقتها الجائحة خلقت حالة من الإستنكار لدى البعض ، موضحا أن هذه حقيقة عالمية ، فالسلوك هو كل ما يصدر عن الانسان من قول وفعل ، وبالتالي هذه الحالة ويرافقها حالة نوع من الإنفلات القولي تشكلت في ظل الجائحة ، أدخلتنا فيما يسمى بالظلامات الشخصية ، فهناك ناس يميلون للعدائية ، وهناك من يميل للإنسحاب ، وهناك من يكتفي بالقول ، وبالتالي التعامل مع القرار الحكومي اختلف بحسب تأثيره على كل مواطن لوحده .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات