المنطق الذي يتم تجاهله


كلما تم طرح موضوع المطالبة بإنشاء نقابة للمعلمين نسمع الرد الحكومي المتكرر بأن ذلك المطلب مخالف للدستور طبقا لتفسير المجلس العالي لتفسير الدستور. لن أناقش هنا ذلك التفسير الذي يتم توظيفه كذريعة لرفض تلك المطالبة ولكني سأقوم بتقديم قراءتي لهذه القضية عبر مجموعة من النقاط.
1-أن الدستور ذاته ليس نصا مقدسا فلو كانت الدساتير نصوص مقدسة لما جاء الدستور الحالي بدلا من دستور 7/12/1946 والذي حل بديلا لدستور اسبق صدر عام 1922.
2- يمكن تعديل المواد الدستورية التي استند إليها المجلس العالي في تفسيره الصادر في القرار رقم ( 1) لعام 1994.وأشير هنا إلى أن العديد من مواد الدستور خضعت لتعديلات بلغ عددها 29 تعديلا وبمعدل تعديل واحد كل عامين منذ إصداره عام 1952 وجميع تلك التعديلات كانت نتيجة مبادرات حكومية ولم يسجل التاريخ رفض البرلمان لأي تعديل تقدمت به الحكومة.
3-من الأمور الأخرى التي تبرر التعديل الدستوري لتمكين المعلمين من إنشاء نقابتهم أن المجلس العالي لتفسير الدستور ذاته تخضع تشكيلته الحالة إلى تعديل تم إدخاله على المادة 57 من الدستور والتي جعلت رئاسة المجلس العالي يتولاها رئيس مجلس الأعيان بدلا من رئيس أعلى محكمة في البلاد(كما كانت تنص المادة المشار إليها قبل التعديل) مما استبدل الصبغة القضائية السابقة للمجلس بالصبغة السياسية الأمر الذي كان له آثار على التفسيرات التي قدمها المجلس ومنها ذلك التفسير المتعلق بالمطالبة بإنشاء نقابة المعلمين.
فان كان المجلس العالي الذي يتخذ تفسيره ذريعة لرفض مطلب إنشاء نقابة للمعلمين تخضع تشكيلته إلى تعديل دستوري فما الذي يمنع من إجراء تعديل دستوري للتخلص من هذه الإشكالية وتسويتها بطريقة عادلة.
4- ينص الدستور في الفقرة الأولى من المادة 24على أن الأمة هي مصدر السلطات.وجميعنا نعرف بان المجلس النيابي الذي يفترض به أن يكون ممثل الأمة طبقا لنصوص الدستور تتحكم بتشكيلته السلطة التنفيذية التي تقوم بوضع قانون الانتخاب وإجراء عملية الانتخاب والإشراف عليها مما يجعله ممثلا لرغبات الحكومة ومصالحها بشكل اكبر مما يمثل المواطنين والأمة كمصدر للسلطات.ويدرك النواب إمكانية تعديل مواد الدستور وإلا فما الذي يجعل النائب حازم العوران يطالب في كلمته مؤخرا في إحدى جلسات المجلس النيابي بتعديل الدستور لحماية البرلمان من الحل.ولكن لا نتوقع من المجلس الدعوة إلى تعديل الدستور لتحقيق المطلب العادل للمعلمين بإنشاء النقابة.
5- المطالبة بنقابة للمعلمين حق ترتبط به مصالح 150 ألف شخص هم عدد المعلمين والمعلمات, وإذا تم احتساب إعداد أفراد أسرهم يرتفع العدد إلى ما يقارب المليون مواطن.مع الإشارة هنا إلى أن غالبية قطاعات المجتمع (الأمة)تؤيد مطالبتهم المتعلقة بإنشاء النقابة .
وأشير هنا إلى أن مصلحة هؤلاء المعلمين والمعلمات ومصلحة أسرهم أهم من الدستور ذاته الذي يجب أن لا تتجاوز غاياته تحقيق مصالح ورفاه الشعوب كما هو شأن كل الدساتير في العالم التي توضع لخدمة الشعوب وتحقيق مصالحها.
6-يؤيد وزير التربية والتعليم الحالي كما تشير تصريحات حديثة له نقلتها وكالات الأنباء إلى انه يؤمن بعدالة مطالبة المعلمين بالنقابة ويرى بأن العائق أمام ذلك هو التفسير الدستوري الذي اشرنا إليه سابقا ومن هذا المنطلق أطالب الحكومة بتقديم مشروع تعديل دستوري وأضمن موافقة المجلس النيابي على ذلك المقترح في حال تقديمه من الحكومة بالإجماع أو بعدد 111 نائب على الأقل وسيكون هناك من أعضاء مجلس الأعيان وباقي النواب من سيوافق بما يحقق أغلبية ثلثي المجلسين المطلوبة لإقرار التعديل المطلوب.
وأخيرا نشير إلى إن تعديل الدساتير ليس من المساوئ فهناك دساتير دول متقدمة تنص موادها على تعديلها بشكل دوري ومنتظم كالدستور البرتغالي لعام 1933 الذي تنص إحدى مواده على تعديله كل عشرة أعوام.



تعليقات القراء

مراقب
احكي لبابا فهو واحد+110
17-01-2011 06:06 PM
مواطن
لا ترى الحكومة ولا المجلس الموقر ان الشعب يستحق تعديل دستوري
19-01-2011 07:23 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات