امْرَأَةٌ لَا تَعْرِفُ الْفَشَلَ !


فِي يَوْمٍ مَا اسْتَيْقَظَتُ عَلَى أَصْوَاتِ الزَّغَارِيدِ وَ الْعِيَارَاتِ النَّارِيَّةِ الْمَمْزُوجَةِ بِالْفَرَحِ وَ السَّعَادَةِ .
فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ تَذَكَّرْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ يَوْمُ الْفَرَحِ ، فَرْحَةُ النَّجَاحِ هِيَ فَرْحَةٌ جَمِيلَةٌ لِكُلِّ طَالِبٍ وَ طَالِبَةٍ بَعْدَ مَشَقَّةٍ وَ جُهْدٍ طُوالِ الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ . وَ بِالتَّأْكِيدِ هَذِهِ الْفَرْحَةُ لَا تُضَاهِيهَا أَيُّ فَرْحَةٍ أُخْرَى ، وَ أَيْضًاً كُنْتُ مُتَأَكِّدَةً مِنْ شَيْءٍ آخَرَ . أَنَّنِي لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أَخْلُدَ إِلَى النَّوْمِ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّهُ كَمَا قُلْتُ لَكُمْ هَذَا يَوْمُ الْفَرَحِ ، يَوْمُ النَّجَاحِ . اسْتَيْقَظْتُ وَ أَخَذْتُ أَعِدْ فِنْجَانُ قَهْوَتِي وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ تَذَكَّرْتُ مَقُولَةَ -نَابِلْيُونْ هِيلْ، كَاتِبٍ أَمْرِيكِيٌّ وَ مُؤَلِّفُ كِتَابٍ (فَكّرْ تُصْبِحْ غَنِيّاً)." إِنَّ الصَّبْرَ وَ الْمُثَابَرَةَ وَ بَذْلَ الْجُهُودِ، يُشَكِّلُونَ مَزِيجًا لَا يُقْهَرُ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ النَّجَاحِ".
بِالطَّبْعِ النَّجَاحُ لَا يَأْتِي عَلَى طَبَقٍ مِنْ ذَهَبٍ . النَّجَاحُ يَأْتِي بِالْكَدِّ وَ التَّعَبِ وَ سَهَرِ اللَّيَالِي وَ الصَّبْرِ عَلَى التَّحَدِّيَاتِ وَ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي قَدْ تُرَاوِدُكَ وَ أَنْتَ تَسْلُكُ هَذَا الطَّرِيقَ .

كَيْف رَاحَ تَنْحَلُّ ؟! مُشْ قَادِر أَفْهَم طَرِيقَة الْحَلِّ ؟! هَادَ السُّؤَال صَعْب ؟! حَاس عَقْلِي مَا عَمَّ يَسْتَوْعِب ؟!

وَ الْكَثِيرُ الْكَثِيرُ مِنْ هَذِهِ التَّسَاؤُلَاتِ.
لَكِنْ لَا عَلَيْكَ تَذْكُر دَائِمًا قَوْلَ زِيغْ زِيغْلَارْ، مُؤَلِّفٌ أَمْرِيكِيٌّ وَ مُحَاضِرٌ فِي مَجَالِ التَّنْمِيَةِ الْبَشَرِيَّةِ. " النَّجَاحُ هُوَ بَذْلُ قُصَارَى جُهْدِنَا اسْتِنَادًاً لِمَا نَمْلِكُ. يَكْمُنُ النَّجَاحُ فِي الْفِعْلِ، لَا فِي الْكَسْبِ. فِي الْمُحَاوَلَةِ، لَا فِي النَّصْرِ. النَّجَاحُ هُوَ مِعْيَارٌ شَخْصِيٌّ يَهْدِفُ إِلَى إِيصَالِنَا لِأَعْلَى مَا فِينَا لِنُحَقّقَ كُلَّ مَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نَكُونَ عَلَيْهِ".

أَعْدَدْتُ فِنْجَانَ قَهْوَتِي وَ جَلَسْتُ عَلَى التِّلْفَازِ . لَفْتَ نَظَرِي مُقَابَلَةً تِلِفِزْيُونِيَّةً بِعُنْوَانِ " امْرَأَةٌ لَا تَعْرِفُ الْفَشَلَ ".

جَلَسْتُ لِأُتَابِعَ هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ ، فَالْعُنْوَانُ كَانَ شَيِّقٌ لِلْغَايَةِ .
وَقُلْتُ فِي نَفْسِي : رُبَّمَا كِلِيرْ بُوثْ لُوسْ (كَاتِبَةٌ مَسْرَحِيَّةٌ وَ صَحَفِيَّةٌ وَ دِبْلُومَاسِيَّةٌ أَمْرِيكِيَّة )، كَانَتْ تَقْصِدُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عِنْدَمَا قَالَتْ :-"لِأَنَّنِي امْرَأَةٌ يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَقُومَ بِجُهُودٍ غَيْرِ عَادِيَّةٍ لِلنَّجَاحِ، وَ إِذَا فَشِلْتُ لَنْ يَقُولَ أَحَدٌ فَشِلْتْ لِأَنَّهَا لَا تَمْتَلِكُ الْقُدْرَةَ لِتَفْعَلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ؛ بَلْ سَيَقُولُونَ النِّسَاءُ لَايَمْتَلِكُونَ الْقُدْرَةَ لِفِعْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ " .
أَمْسَكَتُ رِيمُوتْ كُونْتِرُولْ وَ قُمْتُ بِرَفْعِ صَوْتِ التِّلْفَازِ ، فِي هَذِهِ اللَّحَظَاتِ كَانَ يَطْلُبُ مِنْهَا الْمُذِيعُ أَنْ تَتَكَلَّمَ عَنْ قِصَّةِ نَجَاحِهَا !

قَالَتْ " أَنَا اسْمِي مُؤْمِنَاتُ مَحْمُودِ الْعَدَارِبَةِ..
أُنْهَيَتُ الْكُلِّيَّةَ الْجَامِعِيَّةَ قَبْلَ ١٣ سَنَةً وَ انْقَطَعَتُ عَنْ الدِّرَاسَةِ، وَ عِنْدَمَا قَرَّرْتُ أَنْ أُكْمِّلَ دِرَاسَتِي الْجَامِعِيَّةَ ، وَجَدْتُ أَنَّهُ تَمَّ تَغْيِيرُ الْقَوَانِينِ وَ مُعَدَّلَاتِ قَبُولِ التَّجْسِيرِ .
وَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ أَشْعُرْ بِالْإِحْبَاطِ أَوْ حَتَّى الْيَأْسُ " ، وَ أَعْجَبَنِي جِدًّا إِصْرَارَهَا عِنْدَمَا قَالَتْ لِلْمُذِيعِ وَ كَأَنَّهَا تَتَحَدَّى الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ " لَنْ يَقِفَ فِي وَجْهِ تَحْقِيقِ حُلْمِي أَحَد ، فَقَرَّرْتُ أَنْ أَحْصُلَ عَلَى مُعَدَّلٍ مُنَاسِبٍ مَهْمَا تَغَيَّرَتْ مُعَدَّلَاتُ الْقَبُولِ حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أُجْسُرَ ، وَ بَدَأَتُ أَشْتَرِي كُتُبًا وَ مُلَخَّصَاتٍ جَدِيدَةً وَ أَضَعُ خُطَطٍ جَدِيدَةً كَيْ أُحَقِّقَ حِلْمِي ، حَتَّى حَصَلْتُ عَلَى الْمَرْكَزِ الْأَوَّلِ فِي امْتِحَانِ الشَّامِلِ بِتَخَصُّصِ الْهَنْدَسَةِ الْمِعْمَارِيَّةِ".

وَهِيَ تَشْرَحُ مَا حَصَلَ مَعَهَا تَذَكَّرَتْ مَقُولَةً تَصِفُ حَالَهَا تَمَامًا . أَلَا وَهِيَ لِفِيرْجِينْيَا رُومِيتِي (الْمُدِيرُ التَّنْفِيذِيُّ لِشَرِكَةِ أَيْ بِي إِمْ فِ) قَالَتْ "تَعَلَّمْتُ أَنْ أُجَرِّبَ دَائِمًا الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَجْهَلَهَا، فَالتَّطَوُّرُ وَ الرَّاحَةُ طَرِيقَانِ لَا يَلْتَقِيَانِ أَبَدًا فِي حَيَاةِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ النَّجَاحِ " .

ثُمَّ أَكْمَلَتْ مُؤْمِنَاتُ قَائِلِهُ :- الْإِنْسَانُ بِلَا عَمَلٍ يُصِيبُهُ الْكَسَلُ وَ الْخُمُولُ وَ الضَّيَاعُ وَالْقَلَقُ، إِنَّ شَخْصِيَّتَهُ لَا تَنْمُو وَ لَا يَعِيشُ الْحَيَاةَ بِشَكْلِهَا الطَّبِيعِيِّ. فَمِنْ خِلَالِ الْعَمَلِ يُحَقِّقُ الْإِنْسَانَ ذَاتَهُ ،فَالْعَمَلُ يُشَكِّلُ مِحْوَرًا رَئِيسِيًّا فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ الْبَالِغِ رَجُلًا كَانَ أُمَّ امْرَأَةٍ ، فَهُوَ يَرْتَبِطُ بِجَوْهَرِ الْحَيَاةِ نَفْسِهَا ، فَالْحَيَاةُ لَا تَسْتَقِيمُ بِدُونِ عَمَلٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْدِ وَ الْمُجْتَمَعِ عَلَى حَدٍ سَوَاءٍ.
فَلَا يُعَدُّ أَمْرُ عَمَلِ الْمَرْأَةِ أَوْ عَدَمِهِ اخْتِيَارِيًّا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ؛ بِسَبَبِ الْأَوْضَاعِ الِاقْتِصَادِيَّةِ الَّتِي تَتَطَلّبُ بَذْلَ الْجُهْدِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِتَوْفِيرِ حَيَاةٍ أَفْضَلَ لِلْعَائِلَةِ وَالْأَبْنَاءِ.

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ دُهَشَتُ وَ اسْتُنْتَجَتُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ عَامِلَةٌ أَيْضًا !
قُلْتُ فِي نَفْسِي " لَنْ أَقُولَ أَيَّ شَيْءٍ سِوا أَنَّنِي سَوْفَ أَسْتَعِينُ بِقَوْلِ أَحْلَام مُسْتَغَانِمِي ( كَاتِبَةٌ وَ رِوَائِيَّةٌ جَزَائِرِيَّةٌ ). " النَّجَاحُ كَمَا الْفَشَلُ، اخْتِبَارٌ جَيِّدٌ لِمَنْ حَوْلَكَ، لِلَّذِي سَيَتَقَرّبُ مِنْكَ لِيَسْرِقَ ضَوْءَكَ، وَ الَّذِي سَيُعَادِيكَ لِأَنَّ ضَوْءَكَ كَشْفُ عُيُوبِهِ، وَ الَّذِي حِينَ فَشِلَ فِي أَنْ يَنْجَحَ، نَذَرَ حَيَاتِهِ لِإِثْبَاتِ عَدَمِ شَرْعِيَّةِ نَجَاحِكَ" .
وَ أَعْجَبْتْنِي حِينَ ابْتَسَمْتْ وَ قَالَتْ : وَ أَزِيدُكُمْ مِنْ الشَّعْرِ بَيْتًا ؛ أَنَا أَمْ لِثَلَاثَةِ أَطْفَالٍ ، وَ كَانَ التَّعْلِيمُ عَنْ بُعْدٍ لِلْأَطْفَالِ ، يَحْتَاجُ جُهْدًا مُضَاعَفًا ، وَ كُنْتُ حَرِيصَةً أَنْ لَا أُقْصِرَ مَعَهُمْ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْلَادِي أَوَائِلٌ بِصُفُوفِهِمْ ".

أَعْجَبَنِي الْمُذِيعُ حِينَ قَالَ لَهَا " الْمَرْأَةُ الْقَوِيَّةُ هِيَ أَفْضَلُ مُرِبٍ لِلرَّجُلِ، فَهِيَ تُعْلِمُهُ آدَابُ السُّلُوكِ وَ الْفَضَائِلِ وَ الْمَشَاعِرِ النَّبِيلَةِ".
وَ أَنَا أَقُولُ لَهَا " إِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَفَهَّمَ الْمُشْكِلَات الَّتِي تُوَاجِهُهَا عِنْدَ إِدَارَةِ مَنْزِلٍ، فَلَيْسَ مِنْ الصَّعْبِ عَلَيْهَا اسْتِيعَابُ كُلِّ الْمُشْكِلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِإِدَارَةِ دَوْلَةِ". مَارْغِرِيتْ ثَاتْشَرْ (سِيَاسِيَّةٍ بِرِيطَانِيَّةٍ).

لِلَّهِ دَرُكِ مُؤْمِنَاتِ الْعَدَارِبَةِ ؛ قَادِرَةٌ عَلَى تَحَدِّي ظُرُوفِ الْحَيَاةِ الْقَاسِيَةِ، لِتَبْقَى صَامِدَةً طَوَالَ الْوَقْتِ، فَهِيَ تَصْنَعُ سَعَادَتَهَا بِنَفْسِهَا دُونَ انْتِظَارٍ لِأَحَدٍ.

مُؤْمِنَاتُ الْعَدَارِبَةِ كَانَ فِي قَامُوسِهَا بَعْضُ الْكَلِمَاتِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي تَقُولُهَا الْمَرْأَةُ النَّاجِحَةُ، أَهَمُّهَا:

١_ جُمْلَةُ "إِنّهَا تُوَاجِهُ مُشْكِلَةَ": الْمَرْأَةِ النَّاجِحَةِ تُوَاجِهُ تَحَدِّيًا بِاسْتِمْرَارٍ، وَلَا تَقُولُ أَنَّهَا تُوَاجِهُ مُشْكِلَةً.

٢_ "لَا أَعْرِفُ مَا الَّذِي يَجِبُ عَمَلُهُ": حَتَّى لَوْ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ مَاذَا تَفْعَلُ لِحَلِّ أَيِّ مُشْكِلَةٍ فِي الْبِدَايَةِ، لَنْ تَقُولَ أَبَدًا وَ لَنْ تَعْتَرِفَ بِالْهَزِيمَةِ.

٣_ "لَيْسَ لَدَيّ الْوَقْتُ الْكَافِي": الْمَرْأَةُ النَّاجِحَةُ تَعْرِفُ كَيْفَ تُدِيرُ الْأَنْشِطَةَ الْيَوْمِيَّةَ بِأَقْصَى قَدْرٍ مِنْ الْكَفَاءَةِ.

٤_ "لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ": لَنْ تَجِدَ عِبَارَةً "لَا يُمْكِنُ أَنْ" فِي مُفْرَدَاتِ الْمَرْأَةِ النَّاجِحَةِ، بَلْ تَسْتَبْدِلُهَا بِجُمْلَةِ "كُلُّ مَا يُمْكِنُنِي الْقِيَامُ بِهِ".

مُؤْمِنَاتُ الْعَدَارِبَةِ كَتَبَتْ رِسَالَةً وَ قَالَتْ :- مَهْمَا حَدَثَ لَكِ، كُونِي الْبَطَلَةَ فِي حَيَاتِكِ وَ لَيْسَتْ الضَّحِيَّةَ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات