إلى زليخه


الاحتفاظ بقصاصات ورق من الصحف والمجلات لمقالات ومواد مختارة، هي عادة قديمة درجت عليها عليها منذ أن توثقت علاقتي بالحرف والكلمة في السنوات الأخيرة من المرحلة المدرسية، مجموعات كبيرة من الأوراق تزدحم بها ملفات وأدراج، لمواضيع تأثرت بها في حينه أو وجدتها ذات قيمة أو تميز يستحق عناء إرشفتها أو الاحتفاظ بها، وفي ضوء تزايد أعدادها بمرور الوقت، دأبت على القيام كل سنتين أو ثلاثة، طوعاً أو بعد ضغط وإلحاح من زوجتي، بمراجعة هذه الأوراق وإعادة تقييمها، ليتم التخلص من ما يتبين أن قيمتها قد تلاشت او أن بريق موضوعاتها قد بهت، وحدها القصاصات ذات المواضيع أو القيمة شديدة الأهمية او التميز هي التي تقاوم عمليات "التعزيل" أو المراجعة الموسمية.
لفت انتباهي اليوم وأنا أقلب وأفرز القصاصات الورقية، لأحدد من سيذهب منها إلى المقصلة ومن سيبقى مقال نشرته الكاتبة المعروفة زليخه أبو ريشه في صحيفة الرأي يوم الخميس الموافق 1984/6/21 أي قبل سبعة وثلاثين عاماً بعنوان "فساد الأزمنه" يتحدث عن تعدد الزوجات كحل وضرورة، فقمت بقراءته مجدداً، ثم أعدت القراءة مثنى وثلاث ورباع لأجد فيه مرافعة منطقية محبوكة قدمتها إمرأة وليس رجل كما جرت العادة، وقد ختمت السيدة أبو ريشه هذه المرافعة بهذه الفقرة الرائعة : "ببساطة ... ما دام التعدد حاصلاً على مستوى الفعل والممارسة في مجتمع رجال هذا الكوكب، كان وكائن وسيظل - هي تشير إلى اتخاذ الرجال المتزوجين خليلات وصديقات -، فلا بد إذن من قبول صيغة التعدد حماية للأسرة، وحفاظاً على نسيج الخلق الانساني من التفسخ والرثاثة، واستصفاءً لأفضل التشريع، إن الأمر -أعرف- عسير على المرأة: زوجة أولى أو ثانية .... ولكنه بمنظور الجماعة وحماية الجنس البشري وتطهير المجتمع ينبغي أن يملي على المرأة أن تقبل هذه التضحية، إن الحزن والغضب واليأس والغيرة كلها آلام انسانية نجدها في إطار التعدد والتوحد على السواء ....- انتهى الاقتباس-.
لقد دفعني اعجابي بهذا المقال ان احتفظ به في أرشيفي قرابة اربعة عقود -مع التأكيد بأنني لست من أنصار التعدد ومشجعيه-، إلا أن معرفتي بأن السيدة أبو ريشه هي حالياً من أشد معارضي بل ومحاربي فكرة تعدد الزوجات، تجعلني أتساءل ما قيمة مقال مهما كان محتواه اذا كان من كتبه وصاغه قد تراجع عنه ولم يعد يؤمن به، لا بل إن ايمانه قد تحول إلى الجهة المقابلة تماماً، هل أدفعه إلى المقصلة وأمري إلى الله، أم أن رفقة أربعين سنة قد تشفع له بالبقاء ......
وبالنظر إلى أن السيدة أبو ريشه تعارض حالياً موضوع التعدد بكل شراسه، فإنني التمس ومن خلال هذا الموقع أن تقوم السيدة زليخه ابو ريشه 2021، بالرد على زليخه أبو ريشه 1984 وتفند ما ورد في ذلك المقال، أو أن تعلن أنها ما زالت مع التعدد كحل سماوي لمشاكل وضرورات بشرية لن تنتهي إلا بنهاية الحياة على هذا الكوكب .....
ختاماً أشير بأن مقالي هذا لا علاقة له من قريب أو بعيد بموقف السيدة زليخه مما حصل مع د. وفاء الخضراء عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سابقاً، ولا بما ورد اليوم على صفحة السيدة أبو ريشه على تطبيق الفيسبوك، والذي تضمن احتفالها وترحيبها الشديد باستلامها بطاقة دعوة لحفل زفاف تَصَدَرَها إسمي والدتي العريس والعروس بدلاً من إسمي الوالدين كما جرت العادة، والله من وراء القصد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات