كل عام وانت بخير ياوطني الكبير كل عام وانت بخير

لن أقول وداعاً لعامٍ يلملمُ أوراقه وأنا أعايش لحظاته الأخيرة في ورطة مع حاقد مأزومٍ, يريد أن يسوق رفوف مكتبتي إلى حبل المشنقة. ولن أرحِّب إطلاقاً بالعام الجديد..‏
لن أشعل شمعة في الساعة التي ينتصف فيها الليل,ولن اكسر جرة او كاس زجاج وراء السنه التي ستذهب عنا وانا اعرف ان الاتي اسخم وأنا أعلم أنه لن ينتصف فيها المظلومون من الظالمين ولا العاشقون من صانعي المآزق ولن يهدا بال مستاجر ولاما لك ولا طفل جائع ويداه ترتجفا بردا في غرفة الصف او على قارعة الطريق ولاابا حار فكره لمن يلجا او الى اين .‏
لن أقول أهلاً وسهلاً بالقادم الذي أكاد أقولُ : إنَّه ليس مجهولاً..‏
لن أرحِّب بالعام الجديد وأنا أرى أنَّ الأمطار ستكون أقلَّ هطولاً بالرغم من قول احمد شاكر , وأنَّ عدد المشعوذين وتجَّار العقارات والسَّماسرة وهواة الخداع سيزدادون أضعافاً مضاعفة.‏
أنا أعلم أنَّ جورج ميتشل سيعود إلى المنطقة مراراً هذا العام حتى قتلِ آخر حلم فلسطينيّ في دولةٍ عاصمتها حبرٌ على ورق.‏
وأنا أعلم أنَّ السّودان سيصبحُ دولتين تختصُّ إحداهما بالماء والأخرى بالدِّماء, وأنا أعلم أنَّ أمريكا لن تغادر العراق قبل أن تتأكد من خراب البصرة.‏
وهل أرحِّبُ بالعام الجديد والجزائر تستعدُّ للاعتراف بلغة جديدة تنافس العربية,
واليمنُ يتأهَّبُ لاقتتالٍ سيفضي إلى يمنَيْنَ في أحسن حالاته,
وأنَّ الصومال ستحوّل حقول الموز إلى مدارس للقرصنة والفوضى واللا تاريخ؟‏
هل أرحِّبُ بالعام الجديد وأنا أعلم أنَّ الرَّجل الذي سرقت أنا وهو أشجار الغابة ليدفا اولاده بعد ان ارتفع سعر النفط عندنا مايزالُ يجثمُ على صدر قصيدتي.. كلانا قطع أشجار الكينا .والزيتون والتفاح وحتى الكرمه وانا اقول البرد والغير يقول تغيير المناخ ولا ادري من هو الاصدق ومن يده بالنار ليس كمن يتفرج
منذ اعوام وأنا أنقل أحزاني من عامٍ إلى عامٍ, وأحلامي من صحراء إلى صحراء.. منذاعوام بدا قلمي ينزف ويسقي عيون الآخرين نزوة عشق.. وظلُّوا..‏يقراون ويقولون ماذا نصنع حتى وصل الحال لهذا الحال من اعوام وعيون قريتي :‏ مصلوبة فوقَ صدر الليلِ عينا ها دمعة في جفونِ الشَّاعرِ الباكي‏ وجرس كنيستها يطرق لكنه الانين وصوت المساجد خافت يقولون الكهرباء ضعيفة اما صوت الجاع فكان يسمع الموتى
وهي تنجيمة أضعها برسم المشعوذين الجدد.‏ سأطبقُ طولَ هذا الليلِ جفني على حُلُمٍ يُكلِّفني حياتي‏
وبغضّ النظر عن رمزية المعنى فهاهي ارضنا قد فارقت خضرتها أو تكادُ, وهاهو الانسان لم يعد سعيداً البتة.. وتلك تنجيمة أخرى أتحسبُها دموعاً أم دماءَ ؟ وتحسبُه عتاباً أم رثاءَ ؟‏
تأمَّلْ بي تجدْ أنِّي حزينٌ وتقرأ بي سفر الحسينَ وكربلاءَ‏ ولولا أنُ يقالَ: بكى رياءً على بلد وشعب يذبح باليوم الف مرة بسيف القانون والتعليمات وا لقرارات والتوصيات واخاف ان يقال لفقتُ الأيِّمَ الثَّكلى بُكاءَ‏
أنا أبكي على وطنٍ كبيرٍ يُعلِّمنا الصِّغارُ به العداءَ‏ يعلمنا الكبار كيف هدر الكرامه والاستجداء على الابواب وكيف نسرق رعيف الخبز من الاطفال والوظيفة من مستحقيها والبسمه من على شفاه البراءة كيف نجوع كيف نعرى كيف نموت واقفين
سيكتشفُ المهرِّجُ وكم من مهرج بوطني في كل موقع من مواقع المسؤولية لايعرفون معنى الحزن ولا الالم ولاالوجع ولا الجوع ولا البرد ولا الاسى ذاتَ يومٍ سيشعر بأنَّ جهوده ضاعتْ هباءَ‏ وان جريمته اكبر من هذا لانه بالشعب اشترى وباع ويبدو أنَّ الحلمَ كان أكبر من مساحة العينين, فكان الرَّمادُ وحده سيِّدَ الموقف.‏
انا اليوم ساكون منجما ولو اني لااومن بالفنجان ولا بالرمل ولا بالودع وساقول
في العام الجديد ستزدادُ المعارك من أجل المياه, وستزدادُ المعارك من أجل لقمه اخبز و صناعة المخاتير من قريتي وجاراتها ولن أجد نفسي مهيّأً لوداع العام بعد مضيّ أيامه ولياليه بحالٍ أحسنَ من الحال التي أنا فيها الآن وسيكون وداعه كاستقبالهِ, ولا قريتي ستحسمُ أمرَها.. ولا جاراتها القرويات هن الأخرى سيفعلن..‏
وسيبقى مشروع مقالتي " المصلوبة" مستمرّاً في ظلال شجرة البلوط التي كانت ذات يوم تمتنع حتَّى على أشعة الشمس وأجنحة العصافير أن تغلَّ بين أغصانها المتشابكة, وهو اليوم يكادُ يحصى على أصابعِ اليد.. ومايزالُ الاحتطابُ مستمرّاً والجوع يقرص بطوننا والبرد يقرص اجنابنا مازالت حكومتنا ترفع الاسعار ولاتبالي .‏
وكل عام وأنتم بخير.‏

pressziad@yahoo.com