حصّالة المُعدمين .. وارصدة المُتخمين


هنالك ثقافه تُدعى ثقافة التحويش يتعلمها ابناء الفقراء والمُعدمين ,تتخذ من القول( خبّي قرشك الابيض ليومك الاسود) منهجاً, اعتماداً على ان القادم من الايام بالتأكيد سيكون اسوأ من حاضر يومنا,فبالأمس القريب كنا نعيش بحبوحة الدعم الحكومي للغذاء والدواء ,لم نحسب حساباً لقدوم شتاء خوفاً من عدم توفر الكاز او الديزل لمدافئنا ,ولم نبحث طويلاً في اكوام البندوره للبحث عن حبه ناضجه سليمه,بل كنا نشتريها بالبكسه, لأن منها سلطة الاغنياء ووجبة الغداء وعشاء الفقراء,,ولم نسمع في غابر الازمان ان أماً عجوز او اباً شيخاً في عوز وابنائهم يتلذذون العيش على شواطىء الكاريبي كما في ايامنا هذه,,كانت الارض بما رحبت سراً نسمع عنها ممن ارتحلوا بعيداً طلباً للرزق, في الوقت ان حدودها انكمشت لتراها من غربها لشرقها ومن شمالها لجنوبها على شاشة التلفزيون,ترى ويلات الآخرين فتحمد الله على نعمة العيش الكريم والصحة,,وترى ايضاً المُتخمين من ابناء جلدتنا يصطافون على شواطىء اسبانيا بيوخوتهم وجواريهم لتسأل من اين لهم ذلك؟؟أيؤدون حق الله في ما امتلأت به جيوبهم من اموال الاوطان المحروقه والمأزومه وفقراء مواليهم وشعوبهم,, اجزم ان فقرائنا لا يريدون الكافيار, ولا يرغبون بالاسفار الى ما وراء البحار,وايضاً لا يريدون الظهور على شاشات التلفاز بربطات عنق باريسيه,,هم يريدون صحناً من عدسٍ في الوقت ان ثمن الكيلو الواحد الدينارين,,وقلاية بندوره قد تحتاج الى كيلويين من البندوره وبضع حبات ثوم وزيت قد تزيد تكلفتها عن بضع دنانير لتسد افواه الجوعى,,
حصّالات اطفالنا كسرناها لنفرغ ما فيها من( قروش وشلونه وبرايز) ليس فيها دنانير, لنشتري لهم خبزاً وشاي,,لنشتري منها ايضاً حطباً لمدافئنا ,,لنشتري منها ايضاً اعواد الميرميه اذا ما داهم احد اطفالنا المغص او الرشح او حتى ارتفاع في الحراره فهي علاجنا,,في الوقت انهم لا يعلمون عن ارصدتهم سوى من خلال البطاقات الالكترونيه,ارصدتهم في ازدياد وهم لا يعلمون من اين,,هي من جيوبنا,,هي من عرق الفلاحين,,وتعب السنين,, فليس الوطن وطننا في ظل وجود سماسرة الاوطان,, ولا الارض عادت ارضنا بعدما افقرونا وبعناها,,ولا عادت السماء تمطرنا فهم ليس بهم حاجة لمطر السماء,فبركهم تغصّ بالدافىء من الماء الزلال,,ولا حدائقهم ايضاً بحاجة لمطر السماء بعدما اغتالوا جوف الارض وسرقوا ماءه,,ايديهم في جيوبنا حتى وصلت قعر ابداننا,تسرق ان تبقى في جوفنا ماء,,بقي فينا شيء واحد هو الكرامة والحياء,,هم ايضاً ليس بهم حاجة للكرامة ولا للحياء...
عودي ايامنا القفراء فلا حاجة لنا لشوارع تكسوها الزفته واشجار تعلوها اضواء شجر الميلاد,,ولا لرغيف خبز نبتاعه بعدما افقرنا الارض,,ولا لشاشات التلفاز وشبكات الانترنت حتى شبكات الصرف الصحي ليس لنا بها حاجه فلم نعد نرتاد بيوت الخلاء فليس في جوفنا فائض ,,نريد ان ننام بعد صلاة العشاء لنصحو فجراً لتأدية صلاة الصبح حاضر..نحمل المعول لنحرث الارض الأجدبت لتطعمنا,,ونحوّط اشجار الزيتون,,فلا المدنيّةُ هاجسنا ولا العلم ولا الثقافه فهي حرامٌ على ابناء الفقراء,,هي حكرٌ للساده من اصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفه,,اما صغار الموظفين من الجُباة والمهنيين والعمال فالارض اولى بهم ان يحرثوها او يدفنوا فيها احياء...



تعليقات القراء

حمد
مبروك الصورة الجديدة...
31-12-2010 01:45 AM
ابو الوليد
اني ارى صورة جديدة في الاسلوب مغايرة تماما عن اسلوب الكاتب المعهود,ارجو ان يكون هو نفس القلم
31-12-2010 01:39 PM
Lady
سلمت يداك دكتور .
31-12-2010 02:56 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات