أوسلو وحقائق تنشر لأول مرة


كتب تحسين التل:- أذكر أنني كتبت تقريراً يتحدث عن محاولة الشهيد وصفي التل تشكيل منظمة يمكنها أن تتحدث باسم الشعب الفلسطيني، يكون هو وبعض القيادات أعضاء فيها، تدعو الى استنزاف قدرة إسرائيل على المقاومة بعيدة المدى، وإجبارها على الإنسحاب من الأراضي المحتلة، أو على الأقل؛ فرض تسوية ترضي الشعب الفلسطيني، وتمنحه حقوقه الكاملة، وكان يؤيد هذا الطرح، وزير الخارجية السابق في أغلب حكومات الشهيد التل، حازم نسيبة، ومعهم المحامي ورجل القانون أحمد الشقيري، إذ اجتمع ثلاثتهم في منزل نسيبة بعمان، وقرروا تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات من القرن الماضي.
لنعد الى الوراء زمن جمال عبد الناصر، وبعد أن اعترفت أغلب الدول المنضوية تحت لواء المنظمة الدولية - الأمم المتحدة، طالبت أمريكا وعبر وسيطها في الشرق الأوسط الرئيس المصري بالعمل على تشكيل منظمة تتحدث باسم الشعب الفلسطيني، ولديها القدرة على الجلوس مع وفد إسرائيلي من أجل الإعتراف بالدولة الإسرائيلية، لأن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل نفسها تعلم جيداً بأنه لو اعترف العالم كله بإسرائيل دون أن تعترف قيادة تمثل الشعب الفلسطيني، فإن الإعتراف بالدولة اليهودية لن يكون له معنى.
لهذا تبنى الرئيس المصري عبد الناصر قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ودعمها بالسلاح، وطلب الى الدول العربية؛ دعم المنظمة مالياً، والكتلة الشرقية كان لها الدور الأبرز في تسليح المنظمة في الستينات والسبعينات بشكل ربما لم يسبق له مثيل.
لكن بعد سنوات طويلة من الشد والجذب، والتلاعب الفكري والسياسي، والدخول في مفاوضات سلام في بداية التسعينات تحت المظلة الأردنية، انحرفت بوصلة المنظمة، وفضل عرفات القبول بما تمنحه إسرائيل للشعب الفلسطيني عبر أوسلو، وكانت غزة وأريحاً أولاً، مع فرض قيود على الإقتصاد الفلسطيني الذي أصبح بالكامل بيد إسرائيل، إضافة الى عدم قدرة هذا الكيان امتلاك قدرة عسكرية بأسلحة خفيفة... الى آخر إرهاصات أوسلو ومخرجاتها الهزلية، والركيكة، ومهازل ما حدث بعد توقيع الإتفاق المخزي، والمهين، والمذل، أما الأسوأ فهو درجة القبول بكل ما استفرغته أوسلو بوجه هذه القيادات التي كانت تتغنى بالثورة حتى النصر...؟!
أخيراً؛ ما حدث في أوسلو كان رهيباً بكل المواصفات والمقاييس، منظمة تشوهت صورتها في الأردن، ولبنان، وسوريا، وتونس بسبب رعونة تصرفات قيادات كان يحلم الشعب الفلسطيني بالسير على نهجها، بل انضم إليها عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وهم يعتقدون بأن النصر والتحرير قادمان لا محالة، ليتفاجأ الشعب المكلوم بقياداته بأن طريق أوسلو كان أسهل الطرق للحصول على بضعة مدن؛ لا تسمن ولا تغني عن قيام الدولة التي فكر فيها وصفي، ونسيبة، والشقيري، أو تلك التي طالب بقيامها أصغر طفل فلسطيني.
ملاحظة خطيرة للغاية:
في لقاء مع الدكتور عبد اللطيف عربيات عام (2016)، تحدث عن بضعة لقاءات بينه وبين الوزير والسفير عبد الله صلاح ممثل الأردن الدائم في الأمم المتحدة، وهو من نابلس أصلاً، قال له إن أمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول التي اعترفت بقيام دولة إسرائيل، أكدت على أنه من الضروري أن يكون هناك ممثل فلسطيني شرعي ووحيد، يعترف بإسرائيل، وإلا فإن اعتراف العالم سيكون ناقصاً وبلا أي قيمة، إذا لم تعترف هذه القيادة بالدولة اليهودية.
يقول عبد الله صلاح؛ عام (1957)، أي بعد قيام إسرائيل بأقل من عشر سنوات؛ كان الغرب على قناعة بضرورة وجود جسم يمثل الشعب الفلسطيني؛ ودون ذلك يبقى الإعتراف بإسرائيل هزيلاً، ومخترقاً من قبل العرب والعالم الإسلامي.
عام (1962) اتصل الرئيس الأمريكي جون كنيدي بالرئيس جمال عبد الناصر، وطلب إليه أن يجمع قيادات الشعب الفلسطيني، أو تلك التي لديها رغبة في قيادة منظمة فلسطينية، تكون ممثلة، وشرعية، ووحيدة للشعب الفلسطيني، وتوقع على أي اتفاقيات تكون ملزمة، لأنها القيادة الوحيدة لهذا الشعب.
فيما بعد قامت المنظمة بتغيير الميثاق الوطني الفلسطيني، واعترفت بإسرائيل كشرط رئيسي لمفاوضات وادي عربة، ومن ثم الهروب باتجاه أوسلو، وما أفرزته من سلطة صارت الأمة العربية كلها تعاني من ضعفها، وهوانها على أمريكا وإسرائيل، سلطة همها الوحيد كيفية تحصيل رواتب لموظفي السلطة، ولعدد من المتكسبين، والمتكرشين على حساب القضية الفلسطينية التي دفنتها إسرائيل تحت الركام...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات