جراسا -

 خاص- صالح القلاب، الشخصية الاردنية التي اتسمت بطابع جدلي لافت لما يحمله من توجهات ايدلوجية كان لها الاثر الاكبر في صياغة محطاته النضالية في الميدان العام سياسيا واعلاميا وحزبيا .

صالح القلاب، لا تغيب عن مكوناته الشخصية نكهة الريف والقرية، وهو المولود في قرية العالوك احدى اعمال محافظة الزرقاء، حيث البداوة الاصيلة وحيث مكونات الاردن العتيق الذي رمى بوشاحه على حياته مبكرا، فكان الرجل الثائر والسياسي المطل على قضايا عديدة اهمها قومية العربي في خارطة العروبة والاوطان .

ولمعطيات سياسية متنوعة الخلفيات والتضاريس، واجه الرجل في بدء حياته النضالية مجابهة غير مسبوقة من رفاق السلاح، لتحط به تلك المجابهات الى مواجهات مع اعداء القومية العربية ، فكان نضاله الثوري مع اخوة السلاح في بيروت علامة فارقة اتخذها الاصدقاء قبل الاعداء ذريعة للتشكيك بمواقفية الرجل على المستوى الوطني والعربي ككل !!

التاريخ النضالي الذي بدأ به القلاب حياته بالمطلق لا يتوجب أن يسّجل ضده، سيما وان تاريخ بدايات هذا النضال تزامن مع هبّة عربية قومية تنادي بوحدة الصف العربي ومقاومة الاخطبوط الصهيوني في اقتحام هوية العرب سياسيا وجغرافيا، وكانت نواة افكاره ومبادئه تصب في وحدة الموقف العربي الذي بدأ بالتهاوي منذ اكثر من ربع قرن مفسحا ذلك التهاوي والتهاون المجال لخرق المنظومة العربية وتنكيس مشروع الوحدة العربية التي ناضل القلاب لأجلها، لتحط الشرق أوسطية بكامل وطأتها على كاهل العربي بوصفه الحلقة الاضعف !!

ما يهمنا في هذا المقام حقيقة ان نجلي حالة الضباب التي جهد البعض من الشغل عليها لتحيط بماهية وقوام الرجل، تلك الجهود التي أحالت الابيض الى أسود وبدأت باختراق تاريخ القلاب انطلاقا من جهوية وفئوية جاهلة مبعثها معادلة الشرق والغرب اردني لنهر مقدس حزين لم يؤمن يوما كما موقف القلاب من ان ضفتيه ستكونا محطا لرياح العنصرية والفتنة، فقام البعض بتوجيه سلاحه المارق ليتهم نضال الرجل مع الرفاق في بيروت ويصفها بالخيانة لوطنه، متناسية تلك الاقلام من ان تاريخ النضال العربي هو ذاته النضال الاردني والفلسطيني والسوري والمصري واللبناني على حدٍ سواء، وما كان نضال الرجل لغاية في نفس يعقوبه وإنما لرفع هامة الموقف العربي أمام الماكينة الاعلامية المغرضة التي تهدف ولا زالت لتقويض الحراك العروبي لتقولبه في قالب يسهل استخدامه في ضرب العمق العربي بيد العربي .

وفي الحالة الاعلامية التي حفلت بكتّاب الاعمدة ممن حاربوا ماضي الرجل في نضاله العروبي وأصروا على تخوينه، فقد بدا واضحا ان من يحرّك هذه الاقلام هم (أشخاص) يطيب لهم الليل بسواده والمياه العكرة في مستنقعها ليتصيدوا مآربهم في إطفاء فلان بقصد تلميع فلان، وإلا لماذا تفجرت المقالات والتحليلات ضد القلاب في آن واحد ومن قبل أقلام عرف عنها بأنها اقلام حرة أصيلة لتنقلب اصالتها فتكون أداة موجهة من قبل خفافيش ليلية لها اهداف لا تمت للوطن ولمشروعنا الوطني بصلة، فقد فاقت تلك المقالات والتحليلات ما كتب عن العتاة الصهاينة ممن مارسوا الاجرام بحق الانسانية وليس بحق أطفال صبرا وشاتيلا بجنوب لبنان فحسب !!

مرة اخرى، نؤكد عبر هذا المقال بأننا لا نقف موقف المدافع عن الرجل، لكن من سنّوا حرابهم وأقلامهم ضد القلاب تعاموا وليس تناسوا عصامية الرجل في الاشتغال على نفسه، وتسيّده لبعض المحطات السياسية عربيا واردنيا، وتبؤوه المناصب في الاردن، واستلامه لإدارة احدى اهم الفضائيات / العربية سواء اختلفنا مع نهجها او اتفقنا، فماضي الرجل الاعلامي الذي حط به وزيرا للاعلام في حكومة علي ابو الراغب الى وجوده تحت القبة البرلمانية الاردنية الى تسلمه ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، والى الكثير من الحراك الاعلامي الفاعل بوصف كاتبا اردنيا وليس عربيا او فلسطينيا حيث يكره البعض ذلك، فقد مثّل القلاب احد اهم الكتّاب العرب في اعمدة كبريات الصحف العربية وقدم قراءات وتحليلات عميقة تشّرف الاعلام الاردني وتضعه في مصاف الاعلام العالمي في مسار قراءة العالم السياسي عالميا، فكانت قراءاته وتحليلاته شمولية تتعده الهم العربي الى الهم الشرق اوسطي مرورا بقضايا ذات مساس بالمنطقة العربية، بل ويكاد يسّجل القلاب كأحد أهم القامات العربية الاعلامية في العصر الراهن وجديرا بنا في ذات السياق ان نحترم الرجل ونسجّله بفخر واعتزاز على مدونة الشخصيات الاردنية الهامة لرجالات الاردن القديم والحديث !!

مواقفية القلاب ولمن يختلف أو يتفق معها، تجيء الارادة الملكية السامية لتقطع الشك باليقين إزاءها، وذلك عبر رؤية ملكية  ثاقبة حطت به في التشكيل الاخير لمجلس الاعيان عضوا اردنيا حرا بامتياز !!