القدس ساحة مواجهة مع الاحتلال قد تنذر بهبة شعبية عارمة


جراسا -

منذ بداية شهر رمضان المبارك، ومدينة القدس المحتلة تشهد هجمة إسرائيلية شرسة وغير مسبوقة، تستهدف المقدسيين إما بالملاحقة والاعتقال تارة، أو بالاعتداء الجسدي بالضرب والقمع وإلقاء القنابل والأعيرة المطاطية في شوارع المدينة وعند أبوابها، ومنع من الجلوس في باب العامود تارةً أخرى.

ففي مساء كل يوم، تتحول شوارع البلدة القديمة إلى ساحة مواجهة مفتوحة، و"كرّ وفرّ" بين الشبان المقدسيين وشرطة الاحتلال والقوات الخاصة وفرق الخيالة، التي تلاحق هؤلاء الشبان وتعتدي عليهم بالضرب بشكل وحشي، وخاصة في بابي العامود والساهرة.

وأدت المواجهات والاعتداءات إلى إصابة عشرات المقدسيين، جراء إلقاء القوات الإسرائيلية القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، ورش المياه العادمة، بالإضافة لاعتقال مجموعة منهم.

وأظهرت مقاطع فيديو هجوم عناصر شرطة الاحتلال بهمجية على المقدسيين المتواجدين في باب العامود، وإطلاق قنابل الصوت تجاههم.

ولليوم الخامس على التوالي، تواصل شرطة الاحتلال منع الأهالي والشبان من الجلوس والتجمهر في ساحة ومدرج باب العامود، الذي يشهد توترًا شديدًا، بالتزامن مع خروج المصلين من المسجد الأقصى، عقب الانتهاء من صلاة التراويح.

وفي اليوم الأول من رمضان، صعدت قوات الاحتلال من وتيرة اعتداءاتها بحق المسجد المبارك، واقتحمت بالقوة مآذن المسجد بعد قص أقفال الأبواب بمعدات خاصة، وقطعت أسلاك المآذن الرئيسة، ما حال دون رفع آذان صلاتي العشاء والتراويح عبر مكبرات الصوت.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل منعت سلطات الاحتلال إدخال وجبات الافطار للصائمين المتواجدين في باحات المسجد الأقصى، كما اقتحمت المصلى القبلي، ومنعت المصلين من الاعتكاف.

ويحاول الاحتلال دومًا التنغيص على المقدسيين في مناسباتهم وأعيادهم الدينية، من أجل إفراغ المسجد الأقصى من المصلين، وفرض وقائع جديدة على الأرض.

ويقول الناشط المقدسي أمجد أبو عصب إن اعتداءات الاحتلال المتواصلة بحق المقدسيين منذ بدء شهر رمضان تأتي ضمن الحرب المحمومة والمفتوحة، والتي تستهدف البلدة القديمة والمسجد الأقصى لتفريغهما من المصلين والسكان.

ويوضح أن سلطات الاحتلال تبذل جهودًا كبيرة لأجل تغيير المكان وتهويد المعالم في القدس وبلدتها القديمة، مستخدمة كافة الوسائل لأجل تحقيق هذا الهدف.

ويضيف أبو عصب: "ما يحصل ليس عبثيًا وإنما مخطط له، بحيث تستغل حكومة الاحتلال جائحة "كورونا" لتفريغ البلدة القديمة، وتخويف المقدسيين عبر استهدافهم بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية والاعتداء عليهم بطريقة وحشية".

ويشير إلى أن الاحتلال اعتقل منذ بداية الشهر الفضيل عشرات الشبان المقدسيين، منهم من تعرض للاعتداء الجسدي والتنكيل والدفع بقوة.

وبحسب أبو عصب، فإن الاحتلال ينفذ إجراءات العنصرية بالقدس في ظل تهافت عربي غير مسبوق للتطبيع مع "إسرائيل"، وما يجري من اقتحام للمسجد الأقصى يتم على مرأى ومسمع كل العرب والمسلمين دون أن يُحرك أحدٌ ساكنًا.

لكنه يؤكد أن كل ما يحدث من إجراءات إسرائيلية ظالمة، واستعمال للقوة والقبضة الحديدية بالقدس كلها فشلت أمام صمود وإصرار المقدسيين للدفاع عن مدينتهم وأقصاهم.

أما المختص في شؤون القدس خالد زبارقة، فيرى أن الاحتلال يعمل على عدة مستويات، أولًا: أن الأعداد الكبيرة التي تؤُم المسجد الأقصى خلال رمضان لا تروق لهذا المحتل، الذي فشلت سياساته السابقة في تفريغ المسجد من المصلين.

ويضيف : "لهذا السبب ما زال الاحتلال يعمل بشكل ممنهج، ومن خلال اعتداءاته، على خلق حالة رعب وبيئة طاردة للأقصى، ويسعى لإرسال رسالة لأهل القدس والداخل الفلسطيني بأن هذا المكان ليس آمنًا للصلاة فيه".

والمستوي الثاني، وفق زبارقة، فإن الاحتلال يُريد تغيير هوية باب العامود الإسلامية وفرض وجود يهودي في البلدة القديمة، عبر منع التواجد الفلسطيني على مدرجاته، وتنغيص الأجواء الرمضانية بالمكان.

وأما المستوى الثالث، فإن" هذه الأحداث تُذكر الاحتلال بأن الشعب الفلسطيني لم يرفع الراية البيضاء ولم يستسلم أمام قوته وجبروته يومًا، لذلك يمارس حالة من الضغط الشديدة على أهالي القدس من خلال قمعهم والاعتداء عليهم".

ويحذر المحامي زبارقة من خطورة هذه الاعتداءات، والتي قد تنذر بهبة شعبية عارمة، في ظل حالة احتقان كبيرة تسود أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية.

ويؤكد أن هذه الأحداث وجهت رسالة قوية للاحتلال بأن "المقدسيين لن يتركوا مدينتهم، ولديهم الاستعداد الدائم للحفاظ عليها وحمايتها هي ومسجدها الأقصى".

وبنظره، فإن" الاحتلال ظن أنه أخمد جذوة الثورة الشعبية بالقدس، لكنه واهم، لأنها ما تزال مشتعلة، فالمقدسي يمتلك نفسًا قويًا في مقاومة وتحدي مخططاته وسياساته الفاشلة".صفا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات