نختلف من أجل الوطن


استغرب من الذين يعتقدون أنهم على حق دائما، ويبادرون بالإساءة إلى الذين يخالفونهم الرأي، ومن الذين يدركون أنهم على صواب ولا يترفعون عن الرد، ولولا المسيء لم تكن هناك ضرورة للمصلح، وبدون الرفق بالذين يخالفونا الرأي والكلمة، لن نستطيع التأثير فيهم, ولو كنا مجتمعا مثاليا، لكانت الحياة روتينا مملا.
ايضا لولا كلمة معارضة لأنتفت صفة الموالاة، وفي حياتنا لا معنى للتفرد، فسفينة نوح حملت من كل شيء زوجين اشارة إلى الثنائية والتعدد، فلماذا نحاول أن نغير طبيعة الاشياء، ونستفرد بما يخص الآخرين وننسى أنفسنا .؟
تظهر بين الحين والآخر مجموعة تجيد التحريض بشكل غير منطقي، كلما مر الوطن بأزمة، وعادةً لا يمتلكون ثقافة أو منهج، وهذه الفئة بدأت تنتشر بشكل جلي وواضح على شكل تحريض سافر وانحطاط اخلاقي، واستغلال رخيص للمشهد الوطني.
كلنا يريد محاربة الفساد والقضاء عليه، وهذه مسلمة لا تقبل النقاش أو التشكيك أو المساومة من أحد، لكن ليس بالازدواجية الظالمة والانتقائية، تجد البعض متسامح جدا مع كل "الحرامية والفاسدين" الكبار ويتشرف بدعوتهم لمنزله إن تيسر له ذلك، ويطل علينا بين الحين والآخر بشعارات نضالية مثيرة.
أنا وأنت وهو، يجمعنا وطن واحد، فلن تفرقنا الحروف أو الكلمات أو النقاط ، كل اختلاف بيننا هو جملة اعتراضية لا أكثر, قد نتجاوزها من أجل الوطن، وإن اختلفنا ليس مشكلة مادام اختلافنا للوطن لا عليه، فليس من الواجب أن تكون لنا عين واحدة, بل من الضروري أن تتعدد نظراتنا لكن في اتجاه واحد إلى الوطن فهو الاستثناء الوحيد.
لا أحد يقبل أن يوجه له الاتهام مهما كان، فأنا ضد السلطة إن فشلت في توفير العيش المحترم والكريم لمواطنيها، ولست مع المعارضة إن استغلت عجز السلطة لإثارة الفوضى والفتنة والخراب، ومع الاثنين إن اتفقا على عامل مشترك بينهما لخدمة الوطن وحياة المواطن.
تتعد خياراتنا، نختلف بالآراء وتتنوع اتجاهاتنا، فليس مطلوبا أن نتفق لكن من الضروري أن يكون هدفنا واحد هو أمن الوطن وسلامته والحفاظ عليه، خاصة ونحن نعيش في ظل أوضاع اقتصادية وصحية صعبة جدا وجائحة مثل النار بالهشيم لا تبقي ولا تذر.
من حقك ان تعبر عما تعتقده، لكن لا تلزمني فأنت حر في التعبير، وأنا حر في اتخاذ الموقف، لو عاملتني بنفس الحرية التي تعامل بها نفسك، لاستبعد التصادم بيننا، وأن تختلف معي على قضية، فأنت تضيف لي قيمة على استثمارها، وإن أتفقنا بعد اختلاف، فأنت تحملني مسؤولية الحفاظ على التوافق .
ما أجمل أن نختلف في الوطن لا عليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات