ولي عهدنا أكرم وأردننا أعظم والبادئ اظلم


على خطى الصيد الغر الميامين من ال هاشم المكرمين بالرعاية والتواصل مع الأماكن والمقدسات الإسلامية عقد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله القيام بزيارة دينية للمسجد الأقصى والصلاة فيه ليلة الإسراء والمعراج وقد تم التفاهم والاتفاق المسبق مع الجانب الإسرائيلي حول التنسيق الأمني والترتيبات الخاصة بالزيارة

إلا أن الإسرائيليين وكعادتهم في نقضهم العهود ومخالفتهم المواثيق والتنصل من الالتزامات والاتفاقيات بالكذب والخداع والتضليل والالتفاف على المواقف وقبل أيام قليلة على من موعد الانتِخابات الإسرائيلية الرابعة في أقل من عامين والمقررة في23 آذار الجاري وفي محاولة مكشوفة وفاشلة من ككرئيس الحكومة النتن ياهو لتعزيز حظوظه الانتخابية في الجولة القادمة والتي قد ( تكون نهاية عمره السياسي بعد عقدين من استِحواذه على السلطة وحتى في حال نجاحه لن يستطيع وحده تشكيل الحكومة المقبلة )

من اجل ذلك عمدت سلطات الاحتلال وبتوجيهات من النتن ياهو وهو يمارس نفس السياسة المهترئة وذات القناعات والايدولوجيا البالية إلى عرقلة زيارة سمو ولي العهد الى المسجد الأقصى من خِلال فرض مطالب تعجيزية من بينها تقليص وقت الاحتِفال بهذه الزيارة وتقنين نسبة حضور القِيادات الروحية والمجتمعية المقدسية وإغلاق ثلاثة أبواب من أربعة للمسجد الأقصى بحجة الذرائع الأمنية وفرض ترتيبات جديدة تمارس من خلالها التضييق على المقدسيين في هذه الليلة المباركة بالإضافة الى الاعتراض على عدد حراس الأمن المرافقين لولي العهد ومنع دخول بعضهم عبر المعبر

وبعد تراجع إسرائيل عن الترتيبات المتفق عليها ومحاولتها فرض إجراءات جديدة لا يمكن قبولها ونتيجة هذا التعنت غير المبرر وبسبب الشروط التي وضعتها تل أبيب حول التدابير الأمنية التي سيتم اعتمادها في ساحات الحرم القدسي الشريف والتي تكرس ( سيادة الاحتلال ) خلال زيارة ولي العهد وتعتبر مساسا صارخا بخصوصية ومكانة المسجد الأقصى المبارك خلافا لبنود اتفاقية وادي عربة التي تقر بالسيادة الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس مما اضطر ولي العهد الى إلغاء زيارته للقدس والحرم القدسي الشريف الذي تعتبر بمساحته الكلية مكان عبادة خالص للمسلمين ولا سيادة لإسرائيل عليه ولا يمكن قبول اي تدخل في شؤونه

في المقابل وكإجراء طبيعي ومناسب أمام الممارسات الإسرائيلية السلبية تعامل الأردن بالندية السيادية والتي لم تعجب الإسرائيليين فجاء الرد الأردني مباشرةً بعدها بكل قوة وشجاعة أثلجت وأسعدت صدور الأردنيين جميعا بتوجبه صفعة مهينة ومذلة لنِتن ياهو ( جدعت انفه ومرغت غطرسته ) بمنع طائرته من عبور الأجواء الأردنية في زيارته الأولى لدولة الإمارات التي كانت مقررة مسبقا يوم الخميس الماضي والتي تأجلت للمرة الرابعة لأسباب مختلفة لكن هذه المرة لم يكن السبب ( إسرائيلياً داخلياً ولا رفضاً إماراتياً ولا لدواعي كورونا ) إنما كان عرقلة أردنية مقصودة كرد مفعم على الحكومة الإسرائيلية لمنعها ولي العهد الأردني من زيارة المسجد الأقصى في القدس المحتلة مما دفعه إلى إلغاء الزيارة

وبعدما انقلب السحر على الساحر وجاءت النتائج عكسية تماما لما توقع حاول النتن ياهو التخفيف من الإهانة التي لحقت به بمن خلال تسريبه خبر صحفي يأته يدرس إلغاء زيارته المرتقبة للإمارات بسبب تعرض زوجته إلى وعكة صحية مفاجئة ( التهاب الزائدة الدودية ) قد تضطرها لدخولها المستشفى وقد فَهِم نِتن ياهو الرسالة الأردنية جيدا بأنه شخصية غير مرغوب فيها وهو الذي لا يفهم إلا لغة القوة والرد السريع وهذا درس مبدئي يجب أن يتعلمه في تعامله مع الأردن في المستقبل

يمكن فهم التعامل الإسرائيلي مع زيارة ولي العهد إلى المسجد الأقصى والتصرف الإسرائيلي العدواني الأحمق والمشين على أنه رسالة مبطنة للأردن مفادها ( أننا نحن أصحاب السلطة في ارض القدس ) وبما يخالف معاهدة السلام الموقعة بين البلدين والتي نصت على الدور الأردني في القدس وعلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وما جرى هو استمرار للموقف السلبي تجاه الأردن وهو غير مستغرب من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتن ياهو صاحب السلوك والنهج والطريقة المبتذلة في الحكم والقائمة على الغوغائية والابتزاز والاستعراض الاستفزاز

وقد رجح بعض المحللين السياسيين أن يكون إجراء النتن ياهو بعرقلة زيارة سمو ولي العهد للحرم القدسي الشريف جاء كرد فعل على مقاطعة القيادة الأردنية لأي تعامل سياسي معه وان له علاقة ايضا بالصراع الانتخابي وزيارة وزير الجيش الإسرائيلي ( بيني غانتس ) السرية إلى عمان في 26 شباط الماضي ولقائه بالملك والذي ( لم تؤكده السلطات الأردنية ) ومع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية حرص الأردن مؤخرا أن يظهر أكثر قرباً من جناح غانتس منافس نتن ياهو والتواصل مع خصومه وقيادات من غير حزبه الليكود وفريقه كجزء من الرد المنظم عليه في ظل استمرار سياساته التي تفتك بعملية السلام وتدير ظهرها لجميع حقوق الفلسطينيين

ليس من السر القول بان العلاقات بين إسرائيل والأردن في السنوات الأخيرة اصبحت شكلية وشبه مجمدة ويسودها الفتور ولا يوجد أي أفق لتحسينها في ظل استمرار النتن ياهو في الحكم وهاهي تشهد اليوم أزمة جديدة على مسارها المتوتر أساسا والذي شهد عدة أزمات سابقة وان الخلاف الاستراتيجي في العلاقة بين إسرائيل والأردن تصاعد ومر بمرحلة مفصلية حادة بسبب الخلافات المتكررة حول الموقف من عملية السلام والقضية الفلسطينية ومدينة القدس المحتلة والاستيطان بالضفة الغربية والقدس وحالة العداء المتواصلة للدولة الأردنية وعلى وجه التحديد منذ وصول نتن ياهو إلى رئاسة الحكومة في إسرائيل فهو في صدام تام مع الموقف السياسي الأردني مما يعكس فشل حكومته طوال سنواتها الـ 15الماضية ومعاناته بشكل متسارع من رفض دّاخلي وخارجي لبقائه في السلطة مع زيادة فُرص خصومه الانتخابية وتراجعه واتساع دائرة التّحالفات التي تلتقي ضده وفي الحقيقة أضحى من المهم للأردن سقوطه في الانتخابات المقبلة لأنه يريد ان يبني أمجادًا شخصية في إسرائيل على حساب الأردن وبأي شكل لبقائه في الحكم

وقد سبق لجلالة الملك عبد الله الثاني خلال جلسة حوارية استضافها "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في نيويورك التصريح بأن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق ومنذ ذلك لم تتغير الوقائع على الأرض كثيراً وبقي التوتر سيد المشهد السياسي بين الجانبين بمراحل غير مسبوقة والعلاقات تهاوت الى قاع الانحدار السياسي وهناك اختلاف سياسي مستمر وحاد بين الطرفين
وقبل أيام دعا سمو الأمير الحسن بن طلال مؤخرا في مقال نشره في صحيفة " يديعوت أحرونوت " الإسرائيلية إلى دفع السلام مع إسرائيل قدماً ورغم كل ذلك جاء التصرف الإسرائيلي القاصر والأرغن

يذكر إن سبب توتر العلاقة بين عمان وتل أبيب يعود إلى العام 2018 حينما استقبل الملك عبد الله الثاني نتنياهو في عمان وبعد أيام قليلة من الزيارة سمح نتن ياهو لعدد من الوزراء والنواب وغلاة المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى المبارك في خطوة فهم منها أنه يريد إحراج الأردن الرسمي ومنذ ذلك اليوم قطع الملك علاقته تماماً مع نتن ياهو ورفض مجرد الرد على اتصالاته المتكررة وقد وجد النتن ياهو في رفض الطلب الأردني بالسماح للأمير الشاب من دخول الأقصى في ذكرى الإسراء والمعراج فرصة سانحة له لرد الاعتبار لنفسه ولإحراج الأردن مرة أخرى

الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني قادر على تحويل تهديداته لتل أبيب إلى خطوات فعلية بدء ا من تخفيض مستوى العلاقات وصولا الى إمكانية إلغاء عمان معاهدة السلام الموقعة مع تل أبيب عام 1994من هنا ينبغي عدم اختبار صبر الأردن طويلا

وعلى إسرائيل ان تفهم جيدا بان الأردن لن يرضخ لأي خيارات او اتصالات أو تلبية اي لقاءات مع النتن ياهو في ظل تعنته الذي لا يقدر الحق ولم يراعي المواثيق الدولية في كل المراحل وسنبقى نحن أبناء الشعب الأردني الوفي نلتف حول قيادتنا الشجاعة والحكيمة وندعم قراراتها وصلب خياراتها ومواقفها الواضحة والتي لا لبس فيها فنحن نقف بثبات صفا وطنيا واحدا ومتحدا خلف جلالة الملك عبد الله الثاني في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس انطلاقاً من الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وهذا حق تاريخي وشرعي نتمسك به ولن نرضخ لأي ضغوطات ولا تهمنا أي صيغ أو مقاربات حول القضية الفلسطينية وعدالتها وشرعيتها الا بما يتوافق مع مبادئنا وقيمنا وعقيدتنا وسنبقى متمسكين بهذا الموقف بوجه من يدنس الأرض ويزج بالأطفال والشيوخ في المعتقلات ويتوسع بالاستيطان ويعيق كل سبيل للأمن والسلام في المنطقة

لقد فشل نتنياهو بعنصريته وهمجيته وعدوانيته كما فشل ربيبه ترامب بانتزاع تنازلات من الأردن الشريف وقيادته المخلصة بالرغم من كل إشكال الضغط وأدوات التهديد التي مارسها على الأردن المؤمن بحقه وعدالة قضيته وواجبه الوطني والقومي في دعم أشقائه الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم فالأردن وعبر تاريخه لا يخضع للإرهاب ولا يرضخ للابتزاز مذكرين بتهديد جلالة الملك بحدوث صدام مع إسرائيل في حال ضمت ارضي فلسطينية جديدة إضافة إلى كلماته الواضحة والمعبرة خلال لقائه وجهاء وممثلي أبناء وبنات محافظة الزرقاء في 20 / 3 / 2019 حيث قال جلالته ( عمري ما رح أغير موقفي نحو القدس ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية علينا واجب تاريخي تجاه القدس والمقدسات وبالنسبة لي القدس خط أحمر وشعبي كله معي ) مشددا على أنه لا أحد يستطيع أن يضغط على الأردن في هذا الموضوع والجواب سيكون كلا

ختاما نقول للمراهنين على السراب الأوهام الخادعة لقد ( خاب فألكم وطاش سهمكم ) فسوف يظل الأردن بحول الله وقدرته عصياً على النتن ياهو وزمرته الفاسدة ولن يتحول الأردن إلى وطن بديل ولن يرضى بأقل في المقابل لن يرضى الاشقاء الفلسطينيين عن أرضهم المقدسة بأي بديل ولن يتخلى الهاشميين عن وصايتهم للأماكن المقدسة في القدس الشريف ومخطئ جدا من يظن بأن الأردن سوف ينهار ويرضخ للضغوط الصهيونية نتيجة وقف مساعدات بعض الدول العربية أو الأجنبية عنه وقد ثبت جهل نتن ياهو كسيده ترامب بالتاريخ الشاهد الأبدي على أن إرادة الشعوب لا تقهر وستنتصر وإن طال الزمن وان الكيان الصهيوني مسخ طفيلي طارئ سيندثر وتطويه الأرض لا محالة
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات